د.ناجح إبراهيم يكتب عن الطبيب المصرى ويسأل: من يتصدى لحل مشاكله؟

د.ناجح إبراهيم يكتب عن الطبيب المصرى ويسأل: من يتصدى لحل مشاكله؟د.ناجح إبراهيم يكتب عن الطبيب المصرى ويسأل: من يتصدى لحل مشاكله؟

* عاجل18-4-2020 | 14:42

دار المعارف
مقال بعنوان"الطبيب المصري..من يتصدي لحل مشاكله؟(1_2)"وتم نشره في جريدة المصرى اليوم 17/4/2020 وهذا هو نص المقال لمن أراد المتابعة :
الطبيب المصري..من يتصدي لحل مشاكله؟(1_2)
بقلم د/ناجح إبراهيم
 رغم أن جدها كان عمدة القرية إلا أنهم رفضوا دفنها,وتظاهروا علي ذلك بخسة وندالة,ورغم أن زوج د/سونيا كان من المحسنين ألي قريته شبرا البهو وكان يوزع عليهم المئات من كراتين الطعام كل رمضان إلا أن ذلك لم يشفع لها عند بعض الشباب العابث والفاجر الذين منعوا جثمانها من الدفن في مترين من الأرض مع أن الله تكفل للناس بما يكفيهم من الأرض سكناً ودفناً " أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا "أما د/دنيا مجدي طبيبة الإسماعيلية والتي أراد سكان العمارة طردها من شقتها لأنها تعمل في مستشفي العزل فهذه مأساة أخري.
 فهذه القصص وغيرها عرفت الناس بالحياة الصعبة التي يحياها الطبيب المصري منذ تخرجه ولفتت الأنظار إلي شريحة الأطباء التي قصر المجتمع المصري كله حكومة وشعباً في معرفة مشاكلها والبدء في حلها ,ولولا كورونا ما اهتم أحد بالأطباء ولا بما يعانونه ولعل ضيق مساحة المقال تجبرني علي تلخيص أهم مشاكلهم في الآتي:-
 أولاً:محاسبة الطبيب جنائياً علي الخطأ الطبي وحبسه علي المضاعفات الطبية المنصوص عليها في الكتب العالمية,فأي مريض تبتر قدمه أو يموت أو تحدث له عاهة نتيجة الجراحة يسجن طبيبه في بداية الأمر ويوضع مع عتاة المجرمين ويصاب بالجرب وتهدر كرامته ويتحول من واهب للحياة إلي مجرم,.
 مع أن جميع هذه القضايا تنقسم إلي قسمين رئيسين 95 % منها هي مضاعفات طبية للجراحات متفق عليها عالمياً,5% منها أخطاء للأطباء ولكن أول ما يتقرر في المسألة حبس الطبيب 4 أيام أو 15 يوماً يذوق فيها الويلات وتهدر كرامته.
 فقد اضطر أخصائي نساء وتوليد لدفع قرابة نصف مليون جنيه لأهل المريضة المتوفاة لتجنب المكوث في القسم هذه الأيام ثم أثبت تقرير الطبيب الشرعي ولجانه بعد فترة أن الوفاة ليست بسبب الجراح بل نتيجة جلطة لتسرب السائل الأمنيوسى,المحامون ينفخون في هذه القضايا لأنهم يأخذون نصف التعويضات,وكذلك بعض الإعلاميين من أجل الشؤ الإعلامي ولأن الطبيب هو الحيطة الواطية في المجتمع الذي تستطيع إهانته دون خوف.
 بل إن أول عمل يقوم به أي رئيس حي أو مدينة أو محافظ هو تشريد عدة أطباء من عملهم لأنه يحاسبهم بدفتر الحضور والانصراف فقط وليس بعطائهم الطبي الذي يمكنه معرفته بسهولة بكم جراحاته وشفاء مرضاه ليلاً ونهاراً,مما جعل أكثر الأطباء ذوي الكفاءات يسافرون للخارج أو يأخذون أجازات بلا مرتب ويريحون أنفسهم.
 وهذا كله جعل أطباء كثيرين يعرضون عن التصدي لحالات معينة أو إنقاذها ويرسلونها إلي المستشفيات الجامعية وهم يعلمون احتمالات موتها في الطريق لأن ذلك أيسر عليهم من الضرب والإهانة أو الموت علي يد أهالي المريض أو الذهاب للسجن أو المساومة علي أمواله وأموال أسرته كلها,فكل مرضي الجلوكوما المتأخرة قد يصيبها العمى وقد تفلح جراحتها  بنسب صغيرة ولكن الكل يعرض عنها وهكذا.
 وهناك فريق جراحة كامل حكم عليه بالسجن عاماً لأنه تكاتف لإنقاذ حالة ميئوس منها مشرفة علي الموت وتم بتر قدمها فإذا بأسرتها بدلاً من الفرحة بنجاتها من الموت رفعوا قضية للبتر ولولا دفعهم مليون جنيه مجتمعين ما نجوا من الحبس ثم برأهم القضاء ولكن بعد سنوات من الإهانة.
 الطبيب لا يتعمد إيذاء المريض وإن أخطأ فيعاقب مالياً وإدارياً ومهنياً,أما المضاعفات المنصوص عليها عالمياً فهذه لا غرامة فيها ولا حبس.
 لقد ترك أستاذ عيون بلدته كلها لأن مريضاً رفع عليه قضية بعد عامين من الجراحة وحكم عليه بسنة ثم برأه القضاء في الاستئناف ولكنه أقسم علي المغادرة نهائياً.
 أما الإقرارات فلا تغني عن الطبيب شيئاً لأن النيابة تقول للطبيب:أنا أحميك من الأهالي بالحبس,كلاهما مر..إهانته علي يد الأهالي أو حبسه مع المجرمين والحرامية.
 لقد توفيت ابنتي بعد يوم واحد من جراحة قلب مفتوح ورغم ذلك أشكر الأستاذين الجراحين علي تعبهما وأدرك أن حالة ابنتي كانت غاية في الصعوبة,وموتها كان قريباً منها قبل وبعد الجراحة,فكلاهما قدم وسعه مشكوراً.
 والخلاصة أن سجن الطبيب مباشرة بعد فشل أي جراحة عار ولا يليق بمن يقدم لنا الحياة أن نقدم له السجن والحبس والإهانة,لا يعاقب الطبيب بعقوبة القتل الخطأ فهو ليس بقاتل وإلا ما تمت جراحة علي وجه الأرض.
 الطبيب واهب الحياة بإذن الله ويسعد بشفاء المريض ويموت معنوياً بموته وعلينا أن نعاقب الطبيب علي خطئه الطبي وليس علي حدوث المضاعفات المذكورة علمياً وعالمياً في كل مراجع الطب ولا يعاقب الطبيب إلا بعد الإدانة القضائية النهائية.
 ثانياً:أسوأ مرتبات في مصر هي مرتبات التعليم والصحة رغم أنهما عماد المجتمع,ولولا أن بعض الأطباء لهم عيادات ناجحة لتسولوا علي باب السيدة,فالاستشاري يصل مرتبه حينما يصل إلي سن الستين خمسة آلاف جنيه"أي مرتب عامل في البترول"أو مصرٍفي حديث"والأخصائي الذي بلغ الـ40 سنة مرتبه 3 آلاف جنيه أما الطبيب المكلف  فأجره 2200 جنيهاً أما النائب الذي يحمل المستشفي علي كتفه فمرتبه وقد قارب علي الحصول علي الماجستير 2500 جنيه.
 أما الزيادات الأخيرة فزادت الطبيب قرابة 500 جنيه تقريباً,أما مكافأة نهاية الخدمة للاستشاري المخضرم فهي 30 ألف جنيه أما في البترول والبنوك والضرائب مثلاً فهي تصل إلي نصف مليون جنيه,تري ماذا تفعل هذه الثلاثين ألفاً لهذا الطبيب وقد بلغ من الكبر عتياً,أما معاش نقابة الأطباء فهو"فضيحة"إذ أنه يبدأ بـ750 جنيهاً شهرياً,وإذا تحدث أحد عن المرتبات قيل له يكفيهم العيادات والملايين التي تدخل جيوبهم شهرياً,دون أن يعلموا أن نسبة الأطباء الذين لديهم عيادات ناجحة لا يزيد عن 30% منهم,كما أن أجر الجراحات مثلاً في القاهرة والإسكندرية يختلف عن المدن والأرياف,فجراحة المرارة في القاهرة والإسكندرية قد تصل من 12-15 ألف جنيه,والجراح الأفضل منه يقوم بها في الأرياف والمدن بـ4 آلاف جنيه,والحل كما سأفصل لاحقاً في مقال آخر زيادة المرتبات وفصل الحكومي عن الخاص فمن يعمل في أحدهما يعتزل الآخر مثلما طبق  في مستشفي 57357 أو في مستشفيات د/مجدي يعقوب,وكما يجري في أوربا وأمريكا.
  النائب القديم قد يبيت في المستشفي نصف الأسبوع ويحمل أقسامها علي كتفيه فهل تكفيه 2500جنيه ليأكل ويشرب ويدرس ويستعد للزواج والحياة والواجبات الاجتماعية الأخرى,وللحديث بقية .
أضف تعليق