ناجح إبراهيم يكتب: «الجنيد».. إمام الصوفية السنية

ناجح إبراهيم يكتب: «الجنيد».. إمام الصوفية السنيةناجح إبراهيم يكتب: «الجنيد».. إمام الصوفية السنية

*سلايد رئيسى20-5-2020 | 13:56

كان ابن سبع سنين وهو يلعب فى مجلس خاله الصوفى الكبير سرى السقطى، وكانوا يتحدثون عن الشكر فسأله: يا غلام ما الشكر؟ فقال: ألا تعصى الله بنعمه، فقال له خاله: «أخشى أن يكون حظك من الله لسانك»، فظل يبكى خائفاً من هذه الكلمة طوال حياته. وحينما بلغ مبلغ الشباب عهد إليه خاله أن يحدِّث الناس، وكان خائفاً وجلاً من هذه المسئولية، فنام وهو على هذه الحال ليلة جمعة فرأى النبى، صلى الله عليه وسلم، يأمره: «تكلم إلى الناس»، فدق باب خاله ليلاً فبادره الخال بقوله: «لم تصدق حتى قيل لك». هذا هو «الجنيد» الذى صحب أربع طبقات من عظام علماء المتصوفة كل طبقة تضم 30 عالماً وهم طبقات المحاسبى، سرى السقطى، والمسوحى، وابن الكريبى، وكان يطلق عليه «شيخ أو سيد الطائفة» لعلمه وصلاحه معاً، وكان يحضره العلماء للتعلم على يديه صنوفاً كثيرة من العلم، فضلاً عن الزهد والورع، ومدحه ابن تيمية كثيراً. وقد استوقفتنى شخصياً حكمته الرائعة «احذر أن تكون ثناءً منشوراً وعيباً مستوراً»، وكلما قرأتها كدت أبكى من خوفى من هذه الكلمات، وكنت أضعها أمامى فى حجرتى، وأكتبها لتلاميذى وهى تطابق دعاء النبى، صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنى أعوذ بك أن أكون فى نفسى عظيماً وعند الله حقيراً»، وأضيف إليها «وأعوذ بك أن أكون عند الناس عظيماً وعند الله حقيراً»، ومن كلماته الرائعة: «علامة إعراض الله عن العبد أن يشغله بما لا يعنيه»، ويعطى الأمل للتائبين: «لا تيأس من نفسك وأنت تشفق من ذنبك وتندم عليه». ويحذِّر من اللسان: «الورع فى الكلام أشد منه فى الاكتساب»، ومن الطمع: «ما من شىء أسقط للعلماء من عين الله من مساكنة الطمع مع العلم فى قلوبهم»، «كان التوكل حقيقة واليوم هو علم»، أى علم بلا وجود حقيقى فى القلب، وكأنه يعيش زماننا فيقول: «من أراد أن يسلم له دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل الناس فإن هذا زمان وحشة والعاقل من اختار الوحدة» . ويعرِّف الإخلاص بقوله: «الإخلاص سر بين الله والعبد لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله»، ويحذِّر من الكبر والغرور: «أعلى درجات الكبر وشرها أن ترى نفسك ودونها، وأدناها أن تخطر ببالك»، ويحث على النية الحسنة: «من فتح على نفسه باب نية حسنة فتح الله عليه سبعين باباً من التوفيق، ومن فتح على نفسه باب نية سيئة فتح الله عليه سبعين باباً من الخذلان من حيث لا يشعر»، وهذه والله لا يدركها إلا أهل الله الذين عاشوا بصدق مع الله. وكان يولى حسن الخلق أهمية عظمى، وهو القائل: «لأن يصحبنى فاسق حسن الخلق أحب إلىّ من أن يصحبنى قارئ سيئ الخلق». وهو أفضل مَن وصف العارف بالله: «لا يكون العارف عارفاً حتى يكون كالسحاب يظل كل شىء وكالمطر يسقى ما يحب وما لا يحب»، «العارف: من لم تأسره لحظة ولا لفظة، إنه العطاء للإنسانية جميعاً»، وقال عن الداعين لترك الفرائض بحجة القرب من الله: «الذى يسرق ويزنى أحسن حالاً منهم». ويعرِّف الزهد بقوله: «خلو القلب عما خلت منه اليد، واستصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب»، وسئل عن طريقة غض البصر فقال: «أن تعلم أن الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه»، ويحذر من العلم بغير عمل: «العلم مأمور باستعماله فإذا لم تستعمله حالاً أهلكك مآلا»، وكان يقول عن السبحة: «طريق وصلت به إلى ربى لا أتركه»، ويتحدث عن حكمة الأمراض والأوجاع: «فيها تطهير عن الكبائر، وتكفير للصغائر، وتذكير بالرب، وتقييد عن المعاصى». وأجمل حكمه: «من كانت حياته بروحه يكون مماته بذهابها، ومن كانت حياته بربه ينتقل من حياة الطبع إلى حياة الأصل»، وينتقد بعض مزورى التصوف قائلاً: «إذا رأيتم الرجل يطير فى الهواء فلا تعتدوا به حتى تروا صنيعه فى الأمر والنهى، ويعرف العبودية: «لا يكون العبد عبداً حتى يكون مما سوى الله تعالى حراً»، ويعرف الصوفية السنية: «كل الطرق مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم»، سلام على «الجنيد» فى العالمين.
أضف تعليق

إعلان آراك 2