إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : تأملات " كورونية !"

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : تأملات " كورونية !"إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا» : تأملات " كورونية !"

*سلايد رئيسى20-5-2020 | 15:07

هل تعرف كم يبلغ وزن الكرة الأرضية التى نعيش فوقها ؟!.. خمن ؟!.. معذرة.. مستحيل أن تخمن.. مستحيل حتى أن تقترب بخيالك من الرقم الصحيح!.. وكيف يمكن أن تخمن رقما على يمينه 27 صفرا؟!.. أنت حتى لا تعرف كيف تقرأ رقما كهذا!.. على أية حال وبدون الدخول فى متاهة التخمين فقد توصل العلماء إلى أن وزن الكرة الأرضية يبلغ 6 بليون تريليون طن (!!!) أرجو أن تتذكر أن البليون يساوى ألف مليون وأن التريليون يساوى مليون المليون (!!!) هل تستطيع أن تتخيل هذا الوزن؟!.. سؤال آخر.. لكنه سؤال افتراضى هذه المرة.. هل تعرف كم يبلغ وزن فيروسات الكورونا فى العالم كله؟!.. السؤال يفترض أن العلماء نجحوا فى إلقاء القبض على كل فيروسات الكورونا فى العالم.. وأنهم قاموا بتجميعها فى شكل كرة.. فهل تعرف كم يبلغ وزن هذه الكرة الكورونية – إن صح التعبير؟!.. مرة أخرى لا تحاول أن تخمن فمهما حاولت بخيالك أن تعرف وزن هذه الكرة الفيروسية فلن يدور بخاطرك أبدًا أن وزنها جرام.. جرام واحد فقط (!!!) السؤال المنطقى بعد كل هذه الحسابات.. كيف استطاعت كرة وزنها واحد جرام أن تؤثر على كرة وزنها 6 بليون تريليون طن؟!.. كيف استطاعت كرة وزنها واحد جرام أن تشل كل مظاهر الحياة فوق كرة وزنها يساوى رقم 6 وإلى جانبه 27 صفرا؟!! وهل يختلف إثنان على أن الكورونا استطاعت أن تشل الحياة تمامًا وتصيبها فى مقتل؟! أنظر إلى طائرات العالم التى كانت تحلق فى السماوات كأنها أسراب طيور.. أنظر إليها الآن وقد تحولت كلها إلى بط أعرج مقطوع الأجنحة.. لا حول ولا قوة.. أنظر إلى آلاف الإستادات الرياضية وملايين الملاهى والكافيهات والمقاهى ودور السينما والمسرح.. أنظر إليها وقد تحولت إلى خرابات ينعق فيها البوم؟ أنظر إلى الشواطئ والسواحل والأنهار والبحيرات وهى تشكو الوحدة والهجران!.. أنظر حتى إلى الزحام الذى كنا نتضايق منه ونحاول أن نتجنبه.. علميًا الزحام الشديد يؤدى إلى سلوك عدوانى.. العلماء قاموا بتجربة لمعرفة تأثير الزحام فقاموا بتربية عدد من الكتاكيت فى مساحة متر مربع.. واكتشف العلماء أن الكتاكيت تتعايش فى سلام إذا لم يزد عددها عن عشرين كتكوتا فى هذه المساحة.. أما إذا زاد عددها ولو بمقدار كتكوت واحد.. ظهرت عليها أعراض الإفتراس وبدأت تنقر بعضها البعض حتى تسيل الدماء منها (!!!) ومع ذلك فإننى على ثقة من أن الناس تشتاق بشدة لهذا الزحام.. حتى لو عاشوا مائة فى متر مربع واحد!.. الكورونا أيضا حرمت البشر من التعبير عن عواطفهم ومشاعرهم.. فلم يعد فى وسع الأب أو الجد أن يحتضن أبناءه أو أحفاده.. لم يعد فى مقدور الصديق أن يصافح صديقه بحرارة أو يضمه إلى صدره.. لم يعد هناك تقارب وتلامس وتكاتف وغيرها من الممارسات التى كان مستحيل أن يستغنى عنها البشر.. كيف؟!.. كيف حدث ذلك كله؟.. كيف استيقظ العالم على هذا الكابوس المروع؟!.. نسمع من يقول إن الكورونا غضب من الله.. ونسمع من يقول إنها مجرد وباء يصيب العالم كل فترة زمنية مثل الأنفلونزا الإسبانية التى أصابت العالم قبل مائة عام فتسببت فى إصابة ثلث سكان العالم بفيروس الأنفلونزا وراح ضحيتها حوالى 50 مليون إنسان (!!!) نسمع أيضا من يقول إنها وهم وأكذوبة صدقها العالم وحولها فى خياله إلى وحش كاسر!.. وهناك بعد ذلك من يقول إنها مؤامرة.. نظرية المؤامرة فى الحقيقة تحظى باهتمام كبير وتجد كثيرون يؤمنون بها.. ومن هؤلاء من يؤمن بأنها حرب تجارية خرجت عن نطاق السيطرة.. ومن هؤلاء أيضا من يؤمن بأنها الحرب البيولوجية.. غير أن أكثر ما لفت نظرى فى هذا الشأن ما سمعته من وزير الصحة الأردنى الذى قال فى فيديو مسجل أن هناك حكومة خفية هى التى تدير حرب الكورونا لتدمير اقتصاديات الدول والاستيلاء على ثرواتها.. ويدلل على صحة كلامه بحوادث متفرقة وقعت فى أنحاء مختلفة من العالم.. فى الصين قتل الطبيب الذى اكتشف أن الكورونا وباء.. وقيل أن هذا الطبيب واسمه ليانج مات بالكورونا لكن الحقيقة أنه قتل.. وفى ألمانيا أعلن طبيب تونس اسمه الكمونى أنه يمتلك الدواء الذى يعالج الكورونا.. وفجأة يقتل وتخرج مستشارة ألمانيا ميركل تنفى أنه مات مقتولا وتزعم أنه أصيب بجلطة.. فما الذى يدعو المستشارة الألمانية إلى نفى الواقعة بنفسها إلا إذا كانت الحكومة الألمانية متورطة بشكل أو بآخر فى قتل الطبيب التونسى.. وفى روسيا انتحر ثلاثة من العلماء قام كل واحد منهم بإلقاء نفسه من مبنى عال!.. المصادفة أن الأطباء الثلاثة يعملون فى مجال البحث عن علاج للكورونا!.. وفى اليابان أعلن عالم اسمه ساكى أنه كان على اتصال مع مجموعة من العلماء الصينيين لكنهم فجأة انقطعوا عن الاتصال به.. وعلى امتداد شهر كامل حاول العالم اليابانى أن يتواصل معهم لكنه عرف مؤخرًا أنهم جميعا.. ماتوا (!!!) وإذا سألتنى عن رأيى الشخصى أقول لك إن انتشار الكورونا ليس غضبا من الله وليس مؤامرة ولا غيرها من هذه النظريات التى تحاول تفسير انتشار الكورونا.. وإنما هى من وجهة نظرى آية من آيات الله ومعجزة من معجزاته أراد سبحانه وتعالى أن يبتلى بها البشر.. فى النهاية انتشار الكورونا له سبب وله تفسير.. هذا السبب وهذا التفسير يخضع لاحتمالات.. لا يستطيع أحد أن يختار من بينها الاحتمال الصحيح.. وأظن أنه لا يجب أن نشغل أنفسنا كثيرًا بالبحث عن سبب انتشار الوباء.. الأهم والأكثر فائدة أن ننشغل بالبحث عن إجابة لسؤال أهم.. هل ستختفى الكورونا.. كيف؟!.. الكورونا ستختفى حتما وهى لن تكون أبدًا السبب فى إنهاء الحياة على الكرة الأرضية، الكورونا ليست هى القيامة التى نؤمن بها والتى يقول الله سبحانه وتعالى عنها إن الساعة آتية لا ريب فيها.. الكورونا لن تدمر حياة البشر ولكن حياة البشر سيتم تدميرها ومعها الكون كله.. يوم القيامة كما وعد الله سبحانه وتعالى.. ومعنى ذلك أن الكورونا ستختفى يوما.. لأن سُنّة الحياة قضت بأن يكون لكل بداية.. نهاية.. لكل ليل.. فجر.. لكل عسر.. يسر!.. المهم كيف ستختفى الكورونا.. هل ستختفى فجأة كما ظهرت فجأة.. هل سيفقد الفيروس قدرته على الانتشار.. هل سينجح العلماء فى اكتشاف دواء يقضى على الكورونا أو مصل يحمينا من الإصابة بها؟!.. لا أحد يعلم كيف.. ولكن علينا أن ننتظر ونصبر لنعرف كيف؟!.. وعلينا بعد ذلك كله – وربما قبله – أن نتذكر أن العملة لها وجهان.. وإذا كان فيروس الكورونا قد حرمنا من متع كثيرة كنا نمارسها.. وفرض علينا أن نبتعد عن كثير مما نحب.. أماكن وأقارب وأصدقاء ومناسبات.. وإذا كان فيروس الكورونا قد فرض علينا أن نحبس أنفسنا فى منازلنا عملا بمبدأ (مكره أخاك لا بطل).. وإذا كان فيروس الكورونا قد أصابنا بالقلق والخوف والتوتر والاكتئاب.. إذا كان فيروس الكورونا قد فعل بنا كل ذلك.. فإنه على على الجانب الآخر لا تخلو الكورونا من الفوائد!.. نعم هناك فوائد للكورونا ومن هذه الفوائد أنها أعادت الكثيرين إلى حظيرة الإيمان.. وأعطتنا دروسًا عملية فى الصبر كما أنها منحت العلاقات الأسرية التى ضيعتها المخترعات الحديثة فرصة للتعبير عن نفسها.. مرة أخرى!.. الكورونا أيضا فرضت علينا أن نغير نمط الحياء التى جعلتنا أقرب إلى الآلة منها إلى البشر.. يكفى أننا نستطيع الآن أن نعمل من بيوتنا وندرس ونتعلم فى بيوتنا!.. الكورونا بعد ذلك قضت على تجارة الجسد التى انتشرت فى معظم دول العالم.. حتى العلاقات المحرمة بدأت تختفى فلم يعد هناك عاشق يأمن على نفسه من عشيقته (!!!) غير أن أهم فائدة للكورونا من وجهة نظرى هى أنها جعلتنا نستعيد فضيلة الرضا والقناعة.. ومن المؤكد أن الحياة بعد الكورونا ستكون أجمل وأفضل بكثير من الحياة قبل الكورونا.. من المؤكد أننا سنكون أكثر رضا وقناعة بها.. مهما كانت متاعبها ومشاكلها!.
أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2