الشعراوى.. العظيم الذى رحل فى مثل هذا اليوم
الشعراوى.. العظيم الذى رحل فى مثل هذا اليوم
دار المعارف
هو محمد متولي الشعراوي المولود في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية.
[gallery type="slideshow" columns="1" size="full" ids="47120,47121,47122,47123,47124"]
سيرة الراحل
وفى سيرة حياته المبكرة أنه حفظ القرآن وهو في الحادية عشرة من عمره، في عام 1922م التحق بمعهد الزقازيقالابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.
وفى لقاء مصور مع الصحفي طارق حبيب حكى المجدد الراحل الشيخ الشعراوى عن التحاقه بالأزهر ورحلته فيه فقال :
"كانت نقطة تحول في حياتى، عندما أراد والدى إلحاقى بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكنت أود أن أبقى مع إخوتى لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابى إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن."
وفى باقى الحكاية أن الفتى محمد متولى الشعراوى، وقد أراد أن يثنى الوالد عما انتواه، فاشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية، لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: "أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم."
والتحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين، ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة.
وبعد ٣ سنوات تخرج الشعراوى، وبعد تخرجه عين في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.
وفى عمله بجامعة أم القرى التى تحتل مكة المكرمة، بمكانتها الدينية وأهميتها التاريخية والحضارية، اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع.
وفي عام 1963 وعلى أثر خلاف سياسى منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وبقى فى القاهرة وتم تعيينه مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون، ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات.
وفي عام 1976م اختاره ممدوح سالم رئيس الوزراء ضمن أعضاء وزارته التى شكلها فى هذا العام، وأسند إليه وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، وظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م، وهى التجربة التى لم تلقى قبولا أو استحسانا من الراحل، ورفض بعدها أى مناصب فيها شبهة عمل بالسياسية.
عشق الشيخ الشعراوي اللغة العربية، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر.
علرض الراحل الآراء التى تطعن فى الإسلام والقرآن وخاصة من المستشرقين، أرجع الشيخ أراء المستشرقين التي اتهمت القرآن الكريم بالباطل بتضارب الآيات، إلى ضعف ملكتهم اللغوية، وفند اتهاماتهم وصححها كلما مر مفسراً على سور القرآن الكريم.
[gallery type="slideshow" columns="1" size="full" ids="47125,47126,47127,47128,47129"]
مواقفه
من أشهر مواقف شيخنا الراحل موقفه من هزيمة عام ٦٧ وقد سجد الشعراوى شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر - و برر ذلك في البرنامج الذى أشرنا له سابقا مع طارق حبيب "من الألف إلى الياء بقوله "إن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم"
ومن المتواتر أيضا أنه عرضت على الشيخ رئاسة الأزهر "المشيخة" وكذا مناصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
ومن أكثر مواقفة شجاعة ذلك الموقف المتعلق بنقل مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام وفيه أنه عام 1954 كانت هناك فكرة مطروحة لنقل مقام إبراهيم من مكانه، والرجوع به إلى الوراء حتى يفسحوا المطاف الذي كان قد ضاق بالطائفين ويعيق حركة الطواف، وكان قد تحدد أحد الأيام ليقوم الملك سعود بنقل المقام.
وفي ذلك الوقت كان الشيخ الشعراوي يعمل أستاذاً بكلية الشريعة في مكة المكرمة وسمع عن ذلك واعتبر هذا الأمر مخالفاً للشريعة فبدأ بالتحرك واتصل ببعض العلماء السعوديين والمصريين في البعثة لكنهم أبلغوه أن الموضوع انتهى وأن المبنى الجديد قد أقيم، فقام بإرسال برقية من خمس صفحات إلى الملك سعود، عرض فيها المسألة من الناحية الفقهية والتاريخية، واستدل الشيخ في حجته بأن الذين احتجوا بفعل الرسول جانبهم الصواب، لأنه رسول ومشرع وله ما ليس لغيره وله أن يعمل الجديد غير المسبوق، واستدل أيضاً بموقف عمر بن الخطاب الذي لم يغير موقع المقام بعد تحركه بسبب طوفان حدث في عهده وأعاده إلى مكانه في عهد الرسول.
وبعد أن وصلت البرقية إلى الملك سعود، جمع العلماء وطلب منهم دراسة برقية الشعراوي، فوافقوا على كل ما جاء في البرقية، فأصدر الملك قراراً بعدم نقل المقام، وأمر الملك بدراسة مقترحات الشعراوي لتوسعة المطاف، حيث اقترح الشيخ أن يوضع الحجر في قبة صغيرة من الزجاج غير القابل للكسر، بدلاً من المقام القديم الذي كان عبارة عن بناء كبير يضيق على الطائفين.
حياته الشخصية
تزوج محمد متولي الشعراوي وهو في الثانوية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة.
كان الشيخ الراحل معروفا بزهده ومعروفا بحبه لعمل الخير وإرشاد الآخرين إلى عمله.
تفسيره وآرائه الدينية
اكتسب شيخنا الراحا شهرته الواسعة وذاع صيته من تفسيره المعجز فى بساطته للقرآن الكريم وعن هذا يقول الشعراوى موضحـًا منهجه في التفسير:
"خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن، وإنما هي هبات صفائية، تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات.. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر، لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره، لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل، وله ظهرت معجزاته، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي " افعل ولا تفعل..".
وكان الشيخ قد بدأ تفسيره المصور فى حلقات مذاعة على شاشات التلفزيون حوالى سنة 1980 واعتمد فيه بشكل أساسى على إعجازه فى فهم اللغة التى اتخذها بشكل أساسى كمنطلق لفهم النص القرآني، وفي الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار بسبب مرضه حتى يتمكن من إكمال خواطره، ثم عاد واعتذر عن اختصاره واستغفر الله عن ايجازه في هذه المعاني حرصا منه على أن يتمم بحول الله تفسير كتاب الله في حياته، وأنه عوتب في ذلك وقيل له الموت له أجل.
ومثل كل حى حان أجل مولانا الشيخ الشعراوى فى 22 صفر 1419 هـ / 17 يونيو 199 رحمه الله وجازاه خير الثواب عما أسدى لأمته وما سعى إليه من نصرة دينه وإعلاء كلمته.