د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: الحقيقة في دقيقة .. فكرة عبقرية ومستنيرة

كم هي فكرة مبدعة التي أسعدنا بها الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ "شريف عارف"، طيلة الفترة القصيرة الماضية، والتي لازالت مستمرة حتى الآن، وهي فكرة تقديم حلقات وثائقية تحت عنوان: "الحقيقة في دقيقة"، على مواقع التواصل الاجتماعي، فهذه الحلقات تقوم على أساس تقديم حلقة وثائقية لا تتجاوز الدقائق المعدودة، يتحدث فيها عن موضوع ما، قد يكون تاريخي، أو سياسي، أو فني، أو ثقافي، أو وثائقي، ويستعرض فيه معلومات ليست دارجة للكافة، وتكون موثقة بالأدلة التاريخية، ويبدأ في سردها بشكل مُبسط، يصل إلى جميع الطبقات، مهما كانت درجة ثقافتهم. فأول ما أبهرني في تلك الفكرة، أنها نبتت في ظل فترة قاسية تعيشها مصر، والعالم بأكمله، وهي فترة الحظر والوباء، فهذا الكاتب الرائع قرر أن يستثمر تلك الفترة لكي يفيد الجميع، فهو لم يفكر مثل الآخرين، ويجعل شغله الشاغل الحديث عن "الكورونا"، وأسبابها، وكيفية الوقاية منها، بل حاول أن يفكر خارج الصندوق، فكانت فكرة حلقاته تُخرج المشاهدين من حالة الملل والاكتئاب الذين يعيشون ويتعايشون فيه؛ بسبب تلك الأزمة العالمية، ثانيًا لابد أن أعترف أن تلك الحلقات كانت بها جرعة ثقافية ممتعة، تجعل المشاهد يجمع الكثير من المعلومات الموثقة، دون بذل أي مجهود، ثالثًا لابد أن نرفع الشابووه للأستاذ "شريف عارف؛ لأنه استغل مواقع التواصل الاجتماعي استغلالاً صحيحًا، فهو أخرجنا من دائرة استخدام تلك الوسائل التكنولوجية ، بغية الدردشة ومضيعة الوقت، وجعلنا نراها بعين أخرى، وهي الثقافة والتوعية، وتنمية العقل البشري، فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين، ومن خلال تلك الحلقات الرائعة، تم استخدام السلاح النافع والمفيد والمجدي. وأخيرًا، وليس آخرًا، كم كان المضمون والمحتوى راقي، ومثقف وممتع، ويتسم الأسلوب بالثقافة المبسطة، التي تُجبر المشاهد على الاستماع والاستمتاع في آن واحد. ولا يسعني في النهاية سوى تقديم خالص الشكر للكاتب الكبير على احترامه لعقلية المشاهدين، ومحاولاته الناجحة في دفعهم خارج بوتقة أزمة الوباء، بتنمية عقولهم، وتسرية نفوسهم، وإثراء أوقاتهم. وياليتنا جميعًا عندما تجتاحنا إحدى الأزمات، أن نفكر بشكل سوي في استثمار كل طاقاتنا؛ من أجل إنتاج جديد، يفيد ويثري المجتمع والبشرية