عاطف عبدالغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (1من2)

عاطف عبدالغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (1من2)عاطف عبدالغنى يكتب: المعارضة فى عهد الرئيس السيسى (1من2)

*سلايد رئيسى9-6-2020 | 16:31

ليس هناك أى خدعة فى العنوان، ولا محاولة لتوظيف أى مهارة للكاتب فى الانحراف بالحقيقة، أو تأويلها على غير وجهها، أو تغييرها، وسؤالى مباشرة وبدون مواربة: كيف كانت المعارضة لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال السنوات الست المنقضية؟ والإجابة على السؤال تحتاج أن نعود سريعا فى التاريخ لنصل من خلاله إلى لحظة المكاشفة الراهنة، دون أى مواربة. (1) نحن هنا نتحدث عن المعارضة المنظمة، سواء المعترف بها والممثلة فى أحزاب، وقوى سياسية شرعية، أو تلك القوى التى شذت عن القواعد الدستورية المعمول بها، ومارست المعارضة بطرق غير شرعية، بشكل سرى تحت الأرض، أو من خلال عمل سياسى أو اجتماعى أو أعمال عنف فوق الأرض. ولابد أن نعترف أولا أننا لم نساهم فى التأسيس للنظم الديموقراطية الحديثة، ولكن استوردناها جاهزة من الغرب، والشرق، وألبسناها تجاربنا فى الحكم. المعارضة مرتبطة بالنظم النيابية، ومصر عرفت لأول مرة فى تاريخها الحديث هذه النظم عام 1824 وفى هذا العام تم تأسيس ما يسمى "المجلس الأعلى" وهو مجلس تمثيلي تم انتخاب أعضائه جزئياً ليمثلوا فئات الشعب المختلفة، ثم إنشاء مجلس التشاور أو "الشورى" عام 1829 ليكون بمثابة جمعية عامة مؤلفة من 156 عضوا، 33 منهم من الموظفين رفيعي المستوى والعلماء و 24 من مدراء المقاطعات و 99 من كبار الشخصيات المصرية المنتخبة من الشعب. وشهد عام 1866 التطور الأكثر أهمية في الحياة البرلمانية المصرية عندما أنشأ الخديوي إسماعيل مجلس النواب الاستشاري، ليخلق حياة نيابية تمثيلية على غرار النظم البرلمانية الأوروبية المعاصرة، ولاسيما الفرنسية، ثم تطورت الحياة النيابية وعرفت مصر الملكية نظام الأحزاب وتداول السلطة، وأشيع على غير الحقيقة أن مصر عاشت أزهى فتراتها الليبرالية مع بدايات الربع الثانى من القرن العشرين وحتى تعطيل عمل البرلمان، وحل الأحزاب مع ثورة 23 يوليو، التى تم اتهامها على هذا الأساس بالديكتاتورية، التى هى ضد الديموقراطية، وهو حكم أبعد ما يكون عن الحقيقة.. والذى يرى غير ذلك لابد أن يسأل نفسه أولا: كيف تكون حياة نيابية وحكم سليم تحت سلطة احتلال أجنبى (البريطانى)، وحاكم أجنبى (المندوب السامى)، كلمته نافذة على الملك نفسه بالجبر والإذعان (نذكركم بحادث 4 فبراير 1942)، وتحت ظل نظام ملكى اشتهر عنه الفساد (لا تنخدعوا فى دعايات الإخوان لأنهم كانوا جزءا أصيلا فى هذا النظام). وكيف تكون ديموقراطية والحياة النيابية تطير بجناح واحد هو حزب الأغلبية الوفد، ومجموعة من الأحزاب صغيرة وضعيفة، أو موالية للقصر والمستعمر البريطانى، كانت تحصل على الأغلبية وتصل للحكم بالغش والتدليس وتزوير الانتخابات.. حتى تحولت العملية إلى لعبة بين الإنجليز والقصر من جهة، وحزب الوفد من جهة أخرى، وهو ما أفسد الحياة الحزبية، وصرفها عن مصالح مصر العليا وأهمها قضية الاستقلال! (2) فى 23 يوليو 1952 قامت حركة الجيش لتطهير مصر من الفساد، وبمساندة شعبية طاغية تحولت إلى ثورة أغرت قوادها وعلى رأسهم جمال عبد الناصر أن يحولها إلى ثورة شاملة أول أهدافها طرد الاستعمار البريطانى، وكان لابد من توحيد الجهود للوصول إلى أهداف الثورة، واسترداد مصر وثرواتها من يد الغاصبين الأجانب الذين مثلوا فى مصر دولة فوق الدولة، وجعلوا لأنفسهم امتيازات تفوق حقوق أصحاب البلد الحققيين، وفى هذا فقط نذكركم أن بريطانيا هاجمت مصر واستعمرتها بحجة الدفاع عن حقوق الأجانب على أثر مشاجرة بين حماّر مصرى وبحار مالطى، ودخل الإنجليز مصر بجحافل جيوشهم ليستعمرونا لما يقرب من ثلاثة أرباع قرن، لم تخرجهم مقاومة شعبية، ولا مظاهرات، ولا معاهدات، ولا حكم ملكى، وأخرجتهم القوة الدافعة للتغيير الحقيقى وهى ثورة 23 يوليو التى وجدت أنه من المستحيل تنفيذ التغيير المنشود إذا عادت لعبة الأحزاب القديمة، تمارس السياسة للسياسية، وليس للحكم الرشيد، والإصلاح الحقيقى، فجمدت الثورة الأحزاب لتجمع المصريين فى لحظة تستوجب الجمع وليس التفرقة. (3) للحقيقة لابد أن نقر أن ثوار يوليو الشبان من الضباط الأحرار، لم يملكوا خبرة سياسية ليطرحوا سريعا نظام سياسى بديل، خاصة وأنهم يريدون أن يجمعوا كل القوى الوطنية على هدف واحد، فراحوا يدرسون تجارب حكم، ونظم عديدة وخاصة فى البلدان الاشتراكية، ووصلوا فى هذا إلى أمريكا اللاتينية، وخلال مشوارهم فى الحكم تحت قيادة الرئيس عبد الناصرعرفت مصر ما يسمى النظام السياسى الواحد الذى بدأ بـ "هيئة التحرير" وأنشئت عام 1953، ثم "الاتحاد القومى" وتأُسس عام 1957، ثم الاتحاد الاشتراكي العربي، وتأسس عام 1962 ، ولم يلغ هذا النظام الواحد وجود مجلس نيابى، كان يحمل اسم مجلس الأمة وتأسس فى 22 يوليو 1957 بعد حوالى 4 سنوات من إلغاء الملكية وإعلان مصر جمهورية. وظل مجلس الأمة قائما إلى أن ورثه مجلس الشعب، عام 1971، وعقب ثورة 25 يناير 2011 ، جرى تعديل قانون انتخاب مجلس الشعب والشورى رقم 38 لسنة 1972، وعرفنا المجلس المسمى ببرلمان الثورة، حتى ستقر الوضع بعد دستور 2014 على النظام الحالى لمجلس النواب. (4) كان الهدف من الاستعراض السريع لهذا التاريخ هو الوصول إلى نتيجة مفادها أن الحياة البرلمانية فى مصر التى اقترب عمرها (نظريا) من قرنين من الزمان، لم تغيب خلالها تقريبا البرلمانات، مع اختلاف تأثيرها، لكن غابت فى فترات عديدة لحمة الأمة المصرية، وتوحدها تجاه أهداف محددة يمكن أن نطلق عليها أهداف الدولة العليا. وقبل أن تنفعل أو تأخذك الحماسة، اسألك، ألم يشهد العهد الملكى قوى سياسية مناوئة توائمت مع أهداف المستعمر البريطانى، وفضلته على استقلال الوطن؟! ألم يشهد العهد الناصرى حربا شرسة من الرأسماليين، والإقطاعيين ضد أهداف الثورة، وانضم بعض من هؤلاء إلى الغرب فى محاربة عبد الناصر عندما شكل الأخير خطرا حقيقيا على الأهداف الاستعمارية فى المنطقة، وعلى المشروع الصهيونى؟! ألم نشهد فى السنوات التى سبقت 25 يناير 2011 قوى منظمة فى الداخل المصرى تساند المشاريع الاستعمارية الأممية وتتحد مع قوى خارجية لأجل هذا الغرض، وتمثلت هذه القوى فى اليمين الليبرالى واليمين المنسوب للإسلام؟!، وهذه القوى السابقة هى التى مثلت، ومازالت تمثل خطرا حقيقيا على مصر، تساندها دول نعرفها جميعا الآن حق المعرفة، وهى التى قامت ضدها ثورة 30 يونية، ومازالت فى حرب ضد إرادة المصريين التى أسقطتها من الحكم، فعملت على أن تنشر الفوضى وتسقط الدولة، بينما عمل الرئيس السيسى ومعه الأغلبية الساحقة من الشعب المصرى على توحيد الجهود ضد عملها المستمر ومؤامراتها التى لا تنتهى، هذه المعرضة غير الشرعية التى تقودها جماعة الإخوان الإرهابية، وحلفائها، وبالتواز يعمل الليبراليون الجدد المساندون للمشروع العولمى الغربى، وشرذمة الشيوعيين من الأناركيين. هذه هى أبرز ملامح المعارضة خلال السنوات الست المنقضية فى حكم الرئيس السيسى، .. وللحديث بقية.

أضف تعليق

إعلان آراك 2