السفير محمد حجازى: اتفقنا فى واشنطن على 90٪ من القضايا الصعبة بشأن سد النهضة.. والوصول لاتفاق نهائى يستحق العناء

السفير محمد حجازى: اتفقنا فى واشنطن على 90٪ من القضايا الصعبة بشأن سد النهضة.. والوصول لاتفاق نهائى يستحق العناءالسفير محمد حجازى: اتفقنا فى واشنطن على 90٪ من القضايا الصعبة بشأن سد النهضة.. والوصول لاتفاق نهائى يستحق العناء

* عاجل13-6-2020 | 00:11

كتب: عاطف عبد الغنى في منتصف شهر فبراير الماضى، وبعد أربعة أشهر كاملة من المفاوضات التى شاركت فيها دول أزمة سد النهضة الثلاثة مصر وأثيوبيا والسودان، وبرعاية دولية من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولى، وفى الوقت الذى أوشكت فيه المفاوضات على الوصول إلى اتفاق نهائى كان فى متناول الجميع، وبعد إنجاز نحو 90٪ من الاتفاق، جاء الموقف الأثيوبى، فجأة رافضا استكمال المفاوضات، وإعلان أثيوبيا انسحابا من الجولة الختامية لمفاوضات واشنطن وكان هذا الموقف عصيا عن فهم الجميع، بينما اتسم الموقف الرسمى المصري بالوعى والالتزام، لكن بات الشعب المصرى بأكمله وبما فيه الخبراء والدبلوماسين والفنينين والقانونين فى حيرة، وذلك قبل أن تغير أثيوبيا موقفها مرة أخرى، وتعلن العودة للمفاوضات، لنعود نحن نتطلع جميعا لأفق جديد يقود دفعة للأمام فى ملف مياه النهر في المنطقة، آملين فى تحقيق مزيدا من التعاون والإنطلاق نحو المستقبل المأمول. وفى حوار "دار المعارف" التالى يوضح مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الأفريقية السفير د.محمد حجازي، مواقف أطراف الأزمة الثلاثة، وما دخل على خط الأزمة من أطراف أخرى، وانطلاقا من تحليل الواقع، وأحدث التحركات نستشرف المستقبل مع السفير حجازى.

ماذا حدث؟

* مصر رحبت بالاجتماع الذى انعقد بين الدكتور عبد الله حمدوق رئيس الوزراء السوداني ورئيس الوزراء الأثيوبي آبى أحمد وأكدت على استعدادها للانخراط فى العملية التفاوضية والمشاركة فى الاجتماع المزمع عقده بشأن تكملة الجزء اليسير المتبقى من اتفاق ملئ و تشغيل سد النهضة الاثيوبى وأكدت على أهمية أن يكون هذا الاجتماع جادا و بناءا ، فماذا حدث؟ - اتبعت مصر القواعد والأدوات التى يتيحها القامون الدولى، كما ذكر السيد الرئيس في تدوينة له فى أكتوبر الماضى، أكد فيها أن مصر ستتبع كل الخطوات والإجراءات التى يتيحها لها القانون الدولى، فتواصلت مع السودان كشريك فى التفاوض، وتواصلت مع الإدارة الأمريكية والدول الإفريقية والإتحاد الإفريقي، كما تواصلت مع مجلس الامن الدولي مؤخرا حتى تحيطه بمشهد يهدد الامن والسلم والاستقرار الدولي وليس فقط فى المنطقة. وحقيقة الأمر أن العبث فى ملف المياه هو أمر غير مقبول بالنسبة لمصرعلي المستوي السياسي والدبلوماسي والأمنى والقانونى فهو تهديد مباشر لمصالحنا وأمننا القومي. وفى المقابل كان الموقف الأثيوبي في الحقيقة مغاير حتى للتصريحات الأثيوبية التى أعقبت جولة المفاوضات الهامة التى استغرفت أربعة أيام من 28 إلى 31 يناير الماضى، حيث صدر وقتها بيان مشترك من الدول الثلاث تظهر أننا توصلنا إلى اتفاق حول الموضوعات الأساسية بانتظار التوقيع النهائى للاتفاق الشامل، وسط إشادة لما تضمنه الاتفاق من جدول يتضمن خطة لملئ سد النهضة على مراحل، وآلية تضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف، والجفاف الممتد أثناء الملئ و كذلك آلية للإجراءات ذات الصلة بالتعامل والتكيف مع حالات الجفاف والسنوات الشحيحة أثناء التشغيل، واتفق الوزارء كذلك على أهمية الانتهاء من المفاوضات والتوصل إلى اتفاق تشغيل السد خلال الظروف الهيدرلوجية العادية. الاتفاق كان على أن الجلسة التى كان مقررا لها الانعقاد فى منتصف فبراير يتم فيها الانتهاء من تحديد آلية للتنسيق لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاتفاق وتبادل البيانات والمعلومات وآلية لفض المنازعات تلك الموضوعات التي وصفها رئيس الوزراء الأثيوبي ورئيس الوزراء السوداني فى لقائهما الهاتفى الأخير بأن دعوة الأطراف ووزراء الرى للتفاوض بشأن ما تبقى من "جزء يسير" من الاتفاق. وما سبق يعنى أن اتفاق واشنطن كان قد وصل إلى الاتفاق حول 90٪ من القضايا الصعبة، وبقيت الأمور المتعلقة بآلية التنسيق وآلية فض المنازعات بطرق تبادل المعلومات، والموضوعات التى تتعلق بالدراسات البيئية وأمان السد لتستكمل فى الفقرات الختامية من الاتفاقية التي كانت قريبة المنال.

موقف مصر

* وما٫ا عن موقف مصر؟ - مصر منذ بداية هذه العملية التفاوضية، بل ومنذ بداية انشاء هذا السد دائما تؤكد علي أنها تنظر إلي أهمية المصالح الأثيوبية وأن يكون لها قدرات كهربائية، وبنفس القدر مصر أيضا حريصة علي مصالحها المائية وأيضا حريصة علي مصالح السودان الشقيقة المائية، وغيرها من الأمور الفنية أو الكهرباء أو غيرها.

آمال

* هل هناك آمال في ظل ما نراه حاليا من جهود إعادة الأطراف إلي مائدة التفاوض؟ - أظن ان الموقف السوداني كان هاما وضروريا في هذه المرحلة كجسر يتحرك بين الطرفين وفي نفس الوقت كدولة أدركت أن هناك مخاطر جمة فعلا في السير في هذا المسار سواء ما يتعلق بالأثار المترتبة علي بناء هذا السد البيئية والجيولوجية، أو مسألة الملئ دون التشاور مع الأطراف من دولتي المصب مصر والسودان، وهو ما يناقض اتفاقية إعلان المبادي في الخرطوم في مارس ٢٠١٥ ، والتي تؤكد أن علي أثيوبيا الالتزام بالتشاور مع مصر والسودان قبل البدء في عملية ملئ وتشغيل السد. وبالتالي الكل مدعو الآن إلي الالتزام بقواعد الالتزام الإقليمي والعودة إلي القانون الدولي والأهم الالتزام بحسن النوايا السياسية، فالنيل الأزرق هو ممر للتنمية تكون فيه المياه جزء من منظمومة متكاملة سواء كان كهربائيا او سككيا، ودولة كاثيوبيا حبيسة ممكن أن تجد مرافأها في البحر المتوسط عبر مصر. اذا التكامل الاقليمي والعمل هو الذي يحقق المصالح المشتركة، أما محاولة أثيوبيا التفرد بإدارة المورد المائي الذي يؤثر علي حياة مائة مليون في مصر وأيضا يهدد أمن واستقرار السودان هو أمر غير مقبول لا من الناحية السياسية أو الأمنية أو كذلك من النواحي القانونية. وبالتالي فأن الأهم هو تضافر النوايا و الإرادة السياسية وقتها فقط من ممكن أن نكون مقبلون علي انفراجة هامة. المخاوف المصرية * وما هي المخاوف المصرية الحالية في ظل عدم وجود توافق معلن واتفاق بشكل ان تكون هناك ثوابت تلتزم بها الأطراف الثلاثة؟! - يجب أن يعي الجميع بأن هناك مصالح مصرية، وبالفعل هناك مخاوف مصرية في ظل عدم وجود توافق معلن واتفاق بشكل ان تكون هناك ثوابت تلتزم بها الأطراف الثلاثة. [caption id="attachment_476533" align="alignnone" width="751"] مفاوضات سد النهضة فى أمريكا برعاية أمريكية[/caption] كان أهم ما في اتفاق واشنطن أنه تم تدوينه بل وتوقيع مصر عليه بالأحرف الأولى بما ضمن 90% من اتفاق الحل وبما شمل القضايا الأكثر اهمية في التشغيل وملئ وادارة السد، فكيف يمكن لأثيوبيا أن تتصور بأنها يمكنها أن تدير الملف المائي وحدها دون التشاور مع دولتي المصب لنهر دولي عابر للحدود؟!، كيف يمكن لأثيوبيا أن تحجب المياه بقدر تعلمه هي دون الاتفاق مع باقي دول المصب التي لها أيضا سدود؟!.. كيف يمكن لك أن تنظم زراعتك وريك دون أن تعرف التدفقات المائية وتدر المادية بشكل مشترك؟!. لدى السودان سد الروصيرص وسنار ومروي، هذه السدود أيضا تعمل علي النهر وبالتالي كل هده السدود والسد العالي في حاجة لمعرفة التدفقات بشكل متكامل، وأسلوب تشغيل أي سدود علي أنهار مشتركة لابد أن يتم بشكل تشاركي ووفقا لاتفاق. وبالتالي اتفاقية واشنطن كانت توفر الأسلوب المشترك لإدارة عملية الملئ والتشغيل وأيضا وفقا لهيدرولوجية النهر، فاذا ما كانت حالات جفاف لها نمط تشغيل، وأن ما كانت حالات فيضانات متوسطة لها نمط. وإذا كانت في حالات فيضانات وفرتها لها نمط أخر اثناء التشغيل، وضمن المتوجه لإدارة مشتركة للعلاقة بين المنشآت الهندسية أو السدود في البلدان الثلاث، كل هذه الأمور يدركها الفنيين والخبراء وأساتذة القانون الدولي ويدركها الدبلوماسيين والساسة،. وبالتالي النجاح الذي حققته واشنطن هو أمر لابد من التمسك به والتمسك بآلية واشنطن والسعي لاستكمالها. وإذا كان للجانب الأثيوبي أي تعديلات أو تحفظات مقبولة من الطرفين مصر والسودان توضع علي مائدة التفاوض، ولكن حتى الانتهاء من مسار واشنطن لا يمكن أن نبدأ من مفاوضات جديدة تهدد ما توصلنا إليه ولا مع وسطاء جدد الآن. الآلية متاحة وكانت تسير علي خير ما يرام باعتراف الجانب الأثيوبي شريك التوقيع علي البيان الختامي الصادر في ٢٨ - ٣١ يناير في واشنطن، والذي تم فيه الاتفاق علي الآليات الثلاث التي أشرت إليها، وكان يدعو فقط لاستكمال آلية التنسيق والمراقبة والمتابعة، وتبادل البيانات وآلية فض المنازعات وبحث الأثار البيئية وأمان السد. هذه الأموركانت متبقية للخبراء للانتهاء منها، لذا فأن هذا الجزء فقط هو ما يجب ان تركز عليه المباحثات الفنية المقبلة التي تدعو لها السودان.

ما تبقى من اتفاق

* وهل ما تبقى من اتفاق يستحق أن تهرب منه أثيوبيا ؟! ما تبقى فقط لايزيد على١٠٪، وقد وصفها رئيس الوزراء الأثيوبي والسوداني في حديثهما التليفوني من أن هناك "قدر يسير" متبقي من الاتفاق أي المبني علي واشنطن، ولا نقبل أي واسطات جديدة ونستكمل الملف الذي أنجزنا فيه ٩٠٪ حتي يكون لنا اتفاقية، اعتقد ستكون تاريخية وتستحق العناء ولكنها ستكون ثمرة لصبر طويل وحكمة، وانضباط استراتيجي وتحمل للضغوط التي تبدو إقليمية ودولية تستغل واحد من أهم ملفاتنا وهو ملف المياه.
    أضف تعليق