فى قضية سد النهضة.. ماذا حدث؟!.. وماذا يمكن أن يحدث ؟!

فى قضية سد النهضة.. ماذا حدث؟!.. وماذا يمكن أن يحدث ؟!فى قضية سد النهضة.. ماذا حدث؟!.. وماذا يمكن أن يحدث ؟!

غير مصنف14-6-2020 | 17:40

تقرير يكتبه: على طه عُقد أمس السبت 13 يونيو 2020، الاجتماع الرابع فى الجولة السادسة من المفاوضات لوزراء الرى فى مصر والسودان، وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبى، وتعثرت مفاوضات اجتماع الأمس حسبما أعلن بيان وزارة الموارد المائية المصرية، لكن تم الاتفاق على عقد اجتماع غدا الاثنين، وسيتم خلاله تقييم مسار المفاوضات. وحسب بيان وزارة الرى عن اجتماع الأمس، فأن المشاورات التى جرت بين الدول الثلاث عكست أن هناك العديد من القضايا الرئيسية لا تزال محل رفض من الجانب الإثيوبى، وفى مقدمتها اعتراض إثيوبيا على البنود التى تضفى الصبغة الإلزامية قانوناً على الإتفاق، أو وضع آلية قانونية لفض النزاعات التى قد تنشب بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى رفضها التام للتعاطى مع النقاط الفنية المثارة من الجانب المصرى بشأن إجراءات مواجهة الجفاف والجفاف الممتد وسنوات الشح المائى. فيما أكدت مصر على ضرورة تضمين الاتفاق هذه العناصر باعتبارها عناصر أساسية فى أى اتفاق يتعلق بقضية وجود تمس حياة أكثر من مائة وخمسون مليون نسمة هم قوام الشعبين المصرى والسودانى. بالفعل هى قضية وجود تستحق أن تصبر عليها مصر إلى أقصى ما يمكن الصبر عليه، وأن يتجلى هذا الصبر فى خوضها المفاوضات حول هذا السد (الأزمة) لما يقرب من عقد من الزمان منذ أن بدأت إثيوبيا من جانب واحد ببناءه عام 2011. وشهد المراقبون أن مصر دخلت هذه المفاوضات، واستمرت فيها وديدنها حسن النية والإلتزام الحقيقي للوصول إلى اتفاق بشأن سد النهضة، لكن، اعتمدت إثيوبيا على الدوام خلال نفس المفاوضات سياسة "اللف والدوران" والمماطلة، والتعنت للعودة إلى البدايات، منتهجة هذه السياسات لتقويض العملية التفاوضية، فى نفس الوقت الذى استمرت فيه فى استكمال أعمال البناء فى السد لتفرض أمر واقع على الأرض، دون الوصول إلى اتفاق مع دولتى المصب مصر والسودان إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن حصة الطرفين فى المياه، ومعالجة بعض أوجه القصور الفنية فى السد لتقليل مخاطره على الجميع. ولاحظ المراقبون أن أثيوبيا تهدف إلى الهيمنة الكاملة على مياه النيل الأزرق، وزيادة حصتها من المياه، مرددة ادعاءات حول ضرورة مياه النيل لتحقيق التنمية، والادعاء الذي تحاول من خلاله عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل. واتهمت إثيوبيا مصر بأنها أعاقت عمل اللجنة الثلاثية وانتهكت إعلان مبادئ سد النهضة عام 2015، في حين أن إثيوبيا هي التي تغيبت عن الاجتماع الأخير في واشنطن، وهي التي دأبت على انتهاك الاتفاقيات الدولية بما فيها إعلان المبادئ وخاصةً البند الخامس الذي ينص على التعاون في الملء الأول وإدارة السد، حيث أعلنت إثيوبيا مراراً وتكراراً بأنها سوف تبدأ في الملء دون الرجوع إلى مصر والسودان، وأن لها السيادة المطلقة على النيل الأزرق واستغلال مياهه لصالحها مع عدم ذكر عبارة الضرر الجسيم. ودون اتفاق تمشياً مع سياستها الأحادية أعلنت إثيوبيا عن نيتها ملء خزان سد النهضة وحددت الميعاد لذلك، دون إخطار أو التشاور مع شركائها في نهر النيل، وهو ما يعد انتهاكا صريحا بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. وعلى خلفية فشل المفاوضات الثلاثية بين مصر وأثيوبيا والسودان، دعت مصر طرفا ثالثا، وهو طرح موجود مسبقا، للتدخل، وكان هذا الطرف الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة البنك الدولي للتوصل إلى اتفاق، وانطلقت مفاوضات لأربع جلسات منذ نوفمبر 2019، وحتى فبراير 2020، تم خلالها إحراز تقدم كبير نحو إبرام اتفاق بشأن سد النهضة، واتفقت الدول الثلاث في 14 فبراير 2020 على أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة البنك الدولي بصياغة ما تم الوصول إليه خلال الأشهر الأربعة التى احتوت مفاوضات واشنطن. وفى الميعاد المحدد لأعلان نتائج الاتفاق، وهو الاجتماع الوزاري الأخير الذي دعت إليه الولايات المتحدة أعلنت أثيوبيا عدم الحضور، ورفضت قبول النص التوافقي الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية وخبراء من البنك الدولي على أساس المواقف التي عبرت عنها الدول الثلاث خلال المفاوضات، بينما التزمت مصر بمسئولياتها، وكان على قدر حجم هذه المسئوليات، في إبرام اتفاق بشأن سد النهضة للحفاظ حقوق ومصالح جميع دول حوض النيل، لذلك وقعّت مصر بالأحرف الأولى على الاتفاق النهائي الذي صاغته الولايات المتحدة ومجموعة البنك الدولي في 28 فبراير 2020. ليس هذا فقط ولكن وافقت مصر على أن تقتصر دراسات سد النهضة على الدراسات الهيدرولوجية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية دون الدراسات الهندسية الخاصة بهندسة السد وأمانه. ومن قبل وافقت مصر - أيضاً - على إعلان المبادئ، الذى تم توقيعه عام 2015 والمكتب الفرنسي المرشح من قبِل إثيوبيا، والتقرير الاستهلالي. بينما رفضته إثيوبيا والسودان في نوفمبر عام 2017 معرقلة بذلك عمل الدراسات المطلوبة حتى الآن، ومصر الوحيدة التي وقعت بالأحرف الأولي على اتفاق واشنطن الأخير. ولم يرك الجانب المصرى إلى الأمر، وتحركت مصر عبر قنواتها الدبلوماسية العديدة تعرض الموقف على العالم، وتشرح موقفها العادل والمسالم فى طلب حقها فى مسألة تساوى الحياة نفسها، وأسفرت الجهود عن مستجدات تمثلت فى الآتى: في التاسع من يونيو الجاري، عقد الاجتماع الثلاثي لوزراء الري بحضور مراقبين دوليين من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا عبر تقنية “الفيديو كونفراس” ، وجاء ذلك الاجتماع في إطار مبادرة رئيس الوزراء السوداني “عبد الله حمدوك” لاستئناف المفاوضات والتوصل لحل نهائي يأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة ومبادئ المعاهدات والقوانين الدولية في ملف سد النهضة. وصدر بيان عن مجلس الأمن القومي المصري عقب هذا الاجتماع، كان بمثابة رسالة قوية للطرف الإثيوبي لكي يكون جاداً في مفاوضات وزراء الري والمياه وتأكيداً على الثوابت المصرية في المفاوضات القادمة، وحرص مصر الدائم على الوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث، والتمسك بإعلان مبادئ سد النهضة 2015، وضرورة تحديد جدول زمني للانتهاء من المفاوضات وربطها بعملية الملء، كما أوضح أن فترة التفاوض ستكون من ٩ إلى ١٣ يونيو الجاري للتوصل إلى الاتفاق الكامل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة. وانطلقت الاجتماعات الحالية لتمثل الجولة السادسة من الجولات التى خاضتها الدول الثلاث منذ عام 2011 حتى الآن، وقد حدث تغير في الأطراف الدولية هذه الجولة بحضور ثلاثة مراقبين من الولايات المتحدة الأمريكية ومفوضية الاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا، مما جعلها مختلفة عما سبقها (الجولة الخامسة المنعقدة فى الفترة من نوفمبر2019 إلى فبراير 2020) التي شهدت وزارة الخزانة الأمريكية ومجموعة البنك الدولي كمراقبين في بداية الأمر ووسطاء في نهاية المرحلة. لكن للأسف مجدد يصدر بيان وزارة الرى المصرية المشاركة فى الاجتماعت ليكشف جانبا مما حدث فيها، حيث تحاول إثيوبيا فتح النقاش مجددا حول كافة القضايا، بما في ذلك المقترحات التي قدمتها أديس أبابا في المفاوضات باعتبارها محل نظر من الجانب الإثيوبي، وكذلك جميع الجداول والأرقام التي تم التفاوض حولها في مسار واشنطن، فضلاً عن التمسك ببدء الملء في يوليو ٢٠٢٠. وكان هذا ما يخص جولة أمس السبت من المفاوضات التى جرت بتاريخ 13 يونيو الجارى، ولا يتبقى إلا جولة الغد 15 يونيو الجارى والتى يتوجب خلالها على على إثيوبيا أن تثبت جديتها وإرادتها للوصول إلى اتفاق عادل لصالح الدول الثلاث. وإذا ما ستمرت أثيوبيا فى ممارسة أسلوبها، الذى باتت مصر تحفظه، وإذا لا قدر الله لم يتم التوصل إلى اتفاق يحفظ لمصر حقوقها، فلن تعدم مصر الأساليب للحصول على هذه الحقوق، ولديها كل الخيارات مفتوحة، فدولة مثل مصر لن تقف عاجزة فى الحصول على حقها فى مسألة تساوى الحياة نفسها وهى المياه.
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2