إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»:سد النهضة وسد الحنك !

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»:سد النهضة وسد الحنك !إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»:سد النهضة وسد الحنك !

* عاجل8-7-2020 | 15:44

عندى ثقة مطلقة فى أن أزمة سد النهضة ستنتهى كما تريد مصر.. لن تنقص قطرة ماء.. لن تعطش مصر ولن تجوع.. لا أستند فى هذه الثقة إلى مشاعر داخلية مبهمة.. أو على طبيعتى التى تميل إلى التفاؤل.. ولا أعتمد فيها على أى توقع أو تنبؤ.. وإنما أستند إلى أسباب منطقية تقودنا فى النهاية إلى النتيجة الصحيحة.. أول هذه الأسباب التاريخ.. وتقول حقائق التاريخ أن المصريين على امتداد تاريخهم الذى يزيد على سبعة آلاف عام.. استطاعوا أن يحافظوا على نهر النيل.. أو تدفق المياه من منابع النيل حتى وصوله إلى مصر.. على مقياس النيل الموجود بمنطقة المنيل توجد لوحة فرعونية منقوش عليها عبارة تقول: إذا انخفض منسوب النهر فليهرع كل جنود الفرعون ولا يعودون إلا بعد تحرير النيل مما يقيد جيرانه.. وقد سمعت يومًا من صديقى الدكتور وسيم السيسي الطبيب والباحث فى علم المصريات إن الجيش المصرى أنشء فى عهد الفراعنة لحماية النيل.. ومن حقائق التاريخ أيضا أن محمد على قام بإرسال فرقة عسكرية على رأسها ابنة إبراهيم باشا إلى منابع النيل لحمايتها وتأمين وصول المياه إلى مصر.. وقد لا يعرف كثيرون أنه كانت هناك محاولات قديمة لحرمان مصر من مياه النيل.. فى القرن الخامس عشر قام الرحالة الشهير فاسكو دى جاما باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح وكان الهدف هو البحث عن طريق بديل للوصول إلى النهر بعيدًا عن مصر التى يحكمها المماليك.. وكان من بين المهام المكلف بها الرحالة الشهير الاتصال بملك الحبشة وأن يبحث معه عن وسيلة لحرمان مصر من مياه النيل.. وبذلك تسقط مصر التى وقفت كحائط صد ضد الحملات الصليبية.. وفى الحرب العالمية الثانية فكّر الإيطاليون الذين كانوا يحتلون الحبشة فى تحويل مجرى النيل لحرمان مصر من مياه النيل ليس لسبب إلا لكى يسقط الإنجليز الذين يحتلون مصر!.. لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.. والسؤال: هل يمكن أن يسمح المصريون تحت أى ظروف بحرمان مصر من مياه النيل؟!.. هل يضيع أحفاد الفراعنة ما حافظ عليه آبائهم وأجدادهم على امتداد أكثر من سبعة آلاف سنة؟!.. وليست حقائق التاريخ وحدها التى تجعلنى على ثقة مطلقة من انتهاء أزمة سد النهضة على خير.. وإنما أيضا حقائق الواقع.. أتكلم عن المفاوضات الدائرة حاليًا والتى تبدو مفاوضات صعبة ومعقدة إلى درجة كبيرة.. والحقيقة أنه بغض النظر عن تفاصيل هذه المفاوضات وما يظهره الجانب الأثيوبى من تعنت لا مبرر له.. فإننا فى النهاية سنصل إلى نهاية.. إما اتفاق يرضى مصر وينهى الأزمة.. وإما خلاف وفشل ستكون له تبعاته وتداعياته.. يمكن مثلا أن تقوم المنظمات الدولية كمجلس الأمن والاتحاد الأفريقى بفرض عقوبات قاسية على أثيوبيا تجبرها على التخلى عن تعنتها.. خاصة وأن مصر قد أجادت فى التعبير عن نفسها وعن المشكلة فى المحافل الدولية. وحتى إذا صمتت هذه المنظمات ولم تتحرك.. فإن مصر لن تقف فى هذه الحالة مكتوفة الأيدى.. ساعتها ستتكلم البندقية!.. وقد أكد ذلك وزير الخارجية سامح شكرى فى كلمته أمام مجلس الأمن عندما تحدث بصراحة ووضوح عن "نزاع مسلح"!.. وأضيف إلى ذلك كله سببا لا يقل أهمية عن هذه الأسباب التى أستند إليها فى ثقتى المطلقة بوصول أزمة سد النهضة إلى النهاية السعيدة.. هذا السبب هو الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى أثبت بما لا يدع مجالا للشك قدرته على مواجهة التحديات وإدارة الأزمات بمنتهى الاحترافية.. حدث ذلك مع جماعة الإخوان التى حاولت أن تفرض إرادتها على الشعب المصرى.. وحدث ذلك مع الإرهاب الذى لا يستطيع منصف أن ينكر أنه تقلص إلى درجة كبيرة جدًا.. وحدث ذلك مع الإدارة الأمريكية السابقة التى وقفت إلى جانب الإخوان قلبا وقالبا وكاد أن يصل بها الأمر إلى تدخل عسكرى من أجل إعادة مرسى إلى الحكم!.. وحدث ذلك أيضا مع التحديات الاقتصادية التى واجهتها مصر.. والعزلة التى فرضت عليها واستعادة دورها الإقليمى بعد سنوات من الغياب.. يكفى خروج مصر من الاتحاد الأفريقى ثم عودتها إليه بعد أقل من 11 شهرًا.. ويكفى أن الرئيس السيسي اختير بعد ذلك رئيسا للاتحاد الأفريقى.. ثم الحادث الإرهابى الآثم الذى تعرض له مجموعة من الأقباط المصريين فى ليبيا.. هذا الحادث أوجع قلوبنا جميعا وانتظرنا الرد الرسمى لمصر.. كان أول رد بيان مقتضب قالت فيه مصر إنها تحتفظ لنفسها بحق الرد فى الوقت المناسب.. وأعترف أن هذا البيان قد أصابنى أيامها بإحباط.. فقد ذكرنى بالبيانات السورية التى تصدر فى أعقاب الغارات الإسرائيلية على سوريا.. قلت لنفسى: هل مكتوب علينا أن يكون الشجب والاستنكار هو ردنا الوحيد على ما نتعرض له من اعتداءات؟.. لكن سرعان ما عرفت وعرفنا جميعا أن الرئيس السيسي أعطى أوامره بعد ساعات قليلة جدًا من الحادث للمقاتلات المصرية لقصف تجمعات الإرهابيين فى ليبيا وتحويلها إلى فرع من فروع الجحيم!.. هل يمكن لقائد وزعيم له هذه المواصفات أن يسمح لأثيوبيا بحرمان المصريين من مياه النيل.. هل يمكن لقائد وزعيم نجح فى مواجهة كل ما فرض على مصر من تحديات بنجاح منقطع النظير.. أن يقف عاجزًا أمام أثيوبيا؟.. مستحيل (!!!) الإخوان أيضا يقولون مستحيل.. ليس بالمعنى الذى أقصده وإنما هم يزعمون أنه من المستحيل على مصر أن تنتصر فى معركة سد النهضة ومن المستحيل على الرئيس السيسي أن يفرض على أثيوبيا الحفاظ على حقوقنا المائية.. وهم يعتمدون فى ذلك الضلال والبهتان والزور على أكاذيب يحاولون تسويقها بهدف التأثير فى الروح المعنوية للمصريين واستثارة غضبهم لإسقاط النظام (!!!) من هذه الأكاذيب أن الخراب سيحل بمصر فى اليوم الذى تبدأ فيه أثيوبيا فى ملء السد.. ويحاول الإخوان عن طريق قنواتهم إيهام المصريين بأن مصر ستعطش بمجرد قيام أثيوبيا بملء السد.. وهو طبعا كلام فارغ.. لأن مصر تمتلك مخزونًا كبيرًا من المياه يكفيها على الأقل ثلاث سنوات لتعويض أى نقص فى مياه النيل.. الإخوان يزعمون أيضا أن الرئيس السيسي هو الذى منح أثيوبيا الفرصة لبناء السد.. وأن ذلك ما كان يمكن أن يحدث لو أن محمد مرسى استمر فى موقعه رئيسا للجمهورية.. الإخوان لا يكذبون فقط ولكنهم يتبجحون أيضا.. فمن الثابت تاريخيًا أن أثيوبيا أعلنت عن بناء السد فى أعقاب ثورة 25 يناير.. وفى عام 2013 وبالتحديد فى أبريل من هذا العام.. وهو عام حُكم الإخوان.. كانت أثيوبيا قد انتهت من بناء 20 فى المائة من أعمال إنشاء السد!.. وأظننا جميعا نذكر الاجتماع الفضيحة الذى تبارى فيه الحاضرون فى تقديم اقتراحات هزلية مضحكة لإثناء أثيوبيا عن بناء السد.. وكان مسك ختام هذه الفضائح محمد مرسى الذى رأس الاجتماع باعتباره رئيسا للجمهورية وراح يهزى بمعادلات حسابية "عبيطة" من نوعية خمسة فى ستة بثلاثة ومعانا خمسة وعشرين (!!!) ويومها قال له المناضل أيمن نور والذى كان واحدًا من حضور هذا الاجتماع الفضيحة.. هذه ميزة أن يكون رئيس الجمهورية مهندسا (!!!) وهكذا فإن المشكلة التى بدأت فى سنة حُكم الإخوان فرضت نفسها بعد ذلك كأمر واقع على الرئيس السيسي عندما تولى الحُكم.. لكن أكاذيب الإخوان لا تعرف حدودًا فيزعمون أن الكارثة وقعت لأن الرئيس السيسي خان مصر ووقّع على اتفاق المبادئ.. وأنه فعل ذلك لكى يسترضى أثيوبيا فتوافق على عودة مصر إلى الاتحاد الأفريقى فيحصل الرئيس السيسي على الشرعية لتثبيت حكمه.. وهو أيضا كلام فارغ!.. أولا لأن اتفاق المبادئ لم يتضمن التوقيع على أية بنود فنية أو قانونية وإنما هى مبادئ عامة أهمها ألا يضار أى طرف وألا تقوم أى دولة من الدول الثلاث المعنية بأى إجراء أحادى الجانب.. وأظن أن هذا الاتفاق هو الذى تستند إليه مصر الآن فى شكواها سواء للاتحاد الأفريقى أو مجلس الأمن.. أما عن حكاية كسب رضاء أثيوبيا لإعادة مصر للاتحاد الأفريقى فهو أكذوبة من النوع الفاجر!.. فقد تم تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الأفريقى بتاريخ 5 يوليو من عام 2013 على خلفية أحداث 3 يوليو.. لكن مصر عادت إلى الاتحاد الأفريقى بعد أقل من 11 شهرًا.. بالتحديد يوم 17 يونيو من عام 2014.. أما اتفاق المبادئ الذى وقّعه الرئيس عبد الفتاح السيسي مع أثيوبيا والسودان فقد تم توقيعه يوم 23 مارس من عام 2015.. ومعنى ذلك أن مصر عادت إلى الاتحاد الأفريقى قبل 10 شهور تقريبا.. من توقيع اتفاق المبادئ، أى أن مصر لم تكن فى حاجة لاسترضاء أثيوبيا.. وهل من المنطقى أن تدفع مصر ثمنا لسلعة حصلت عليها بالمجان؟!.. فى التراث المصرى يوصف الشخص الصامت الممتنع عن الكلام بأنه بالع سد الحنك.. وسد الحنك هو نوع من الحلوى المصرية بسيطة الصنع لكنها ثقيلة الأثر.. وأظن أن أجمل هدية يمكن أن نقدمها للإخوان هذه الأيام وهم يتحدثون عن سد النهضة.. حلوى سد الحنك (!!!)
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2