تعريفات: الانقلاب الثوري

تعريفات: الانقلاب الثوريتعريفات: الانقلاب الثوري

* عاجل25-6-2017 | 17:29

 الانقلاب الثوري تغيير بالقوة لنظام الحكم يؤدي إلى تغيير تابع لعوائد النظام السياسي.
فالانقلاب الثوري يختلف عن الانقلاب العادي بزاوية الفئات الطبقية المستفيدة من نسق السلطة.
إذ لا تتغير تلك الفئات تغيرا جذريا في حالة الانقلاب العادي لكنها تتغير ذلك التغير في حالة الانقلاب الثوري. والمقصود بعوائد النظام فوائده التي تعود على شرائح معينة في المجتمع دون أخرى.
والانقلاب الثوري كما يتبين من اسمه يقع موقعا وسطا من الناحية العلمية على الأقل بين الانقلاب وبين الثورة.
ففي الانقلاب الثوري من ملامح الانقلاب محدودية القائمين به سواء كانوا على الأعم الأرجح من العسكريين أو كانوا أحيانا في بعض الحالات المحدودة من المدنيين. فهم في الحالتيـــــن لا يمثلون أغلبية الشعب بأسره إجمالا، ولا يعبرون بالضرورة عن إرادته العامة وإن ادعوا ذلك التعبيـــر أو حاولوه بالفعل.
وفي الانقلاب الثوري من قسمات الثورة تحويل مجرى نهر المصالح الاقتصادية الاجتماعية الناجمة عن سياسات الحكومة من الاتجاه السابق الذي كان سائدا فيما قبل إلى اتجاه لاحق مختلف يكون عادة أوسع نطاقا من الاتجاه الأول بحيث يتيح فرصة التمسح في الثورة إلى حد إطلاق اسمها على الانقلاب الثوري بالإحالة إلى تأييد شعبي حصل عليه ذلك الانقلاب الثوري بعد استيلائه على السلطة.
 والواقع أن الخطاب الموجه من موقع السلطة يفرض دائما مذاقه الفريد المستمد من سطوة مصدره على الكافة في الداخل لاسيما في النظم السياسية الأوتوقراطية المتخلفة.
كما يمتد إشعاع ذلك الخطاب إلى الخارج بصفته الصوت الأوحد المسيطر المسموع من بلد ما على خريطة العالم.
وحيث إن التعامل يكون مع الأمر الواقع فإن الخطاب الرسمي يكتسب تلقائيا ثقل الدولة التي ينبع منها حين يصب في آذان الرأي العام الدولي.
وهكذا قد يتحول الانقلاب الثوري مع الوقت تحت وطأة الإلحاح الدعائي المتواصل إلى ثورة باستمرار ترديد الكلمة حتى تنال سحر التكرار الذي يشبه غسل المخ مثلما يمنح بعض القوانين حق الملكية بمقتضى مرور نصاب زمني محدد على وضع اليد.
وعندما يصير الانقلاب الثوري ثورة بوضع اليد على المصطلح قد يضيق الذين أخذوا السلطة بالشرعية الانتخابية والمشروعية القانونية فيجندون من يرفعون لهم لافتة "الشرعية الثورية" التي يستعملونها لتبرير حجب الإرادة العامة، وتمرير تشريعات مصطنعة تريدها الإرادة الحاكمة.
ومع الفارق المنهجي بين الانقلاب الثوري وبين الانقلاب العادي فإن الانقلاب الثوري يظل كالانقلاب العادي عملية تآمر مخططة ومبيتة للسطو على السلطان تقوم بها قلة تفتقر إلى الشرعية العمومية.
ولا تقدح في ذلك محاولات استقطاب تلك الشرعية أو انتحالها بعد الاستيلاء على الحكم لأن أبواب العبث بالشرعية من منطلق الولاية مفتوحة على مصاريعها حيث لا تكون الديموقراطية بضماناتها الراسخة.
فلا توجد في الواقع شرعية حقيقية للانقلاب الثوري مهما أدّى إلى تغيير راديكالي لعوائد النظام السياسي كأن يحولها على سبيل المثال من الرأسماليين إلى العاملين، أو من البورجوازية إلى البروليتاريا.
وهذا يفسر حرص الذين يقومون بانقلاب ثوري على أن يسموه ثورة لأن الثورة هي وحدها التي تملك بذاتها الشرعية كعمل شعبي دون أي شكل آخر من أشكال استعمال القوة لتغيير نظام الحكم.
إن شرعية الثورة مستمدة من طبيعتها أما شرعية الانقلاب الثوري فمستعارة من الثورة مع النعت.
وليس المالك كالمستعير، وإن لم يرد ما استعاره على معيره.
وكيف يرد وقد أخذ المعير ذاته أي مصطلح "الثورة"؟

                         د. محمد ماهر قابيل

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين