العلاقات المصرية الإثيوبية.. الماضى القريب والحاضر والمستقبل

العلاقات المصرية الإثيوبية.. الماضى القريب والحاضر والمستقبلالعلاقات المصرية الإثيوبية.. الماضى القريب والحاضر والمستقبل

ملفات ساخنة25-2-2017 | 22:23

كتب: محمود مناع
تعتبر إثيوبيا من أهم دول منابع النيل بحكم أنها تمثل النسبة الأكبر لإيراد مياه نهر النيل.
وتنطلق المحددات الداخلية للسياسة الخارجية الإثيوبية علي واقع التعددية الإثنية للتركيبة السكانية وكذلك البعد الجغرافي الذي يؤكد علي نشأة الإقليم بالتوسع وتغيره باستمرار، وكونها دولة حبيسة دفعها ذلك للتوسع وافتعال المشاكل مع الدول المجاورة، نضيف علي ما سبق الأوضاع السياسية التي تتميز بعدم الاستقرار في الإجمال علي واقع التعددية الإثنية ما بين قومية الأورومو والصوماليين من جانب والأمهرا والتيجراي من جانب آخر.
ومن واقع الأهمية يأتي الحديث عن إثيوبيا كونها تمثل شريان الحياة، والقصد هنا المورد الرئيسي لمياه النيل حيث من المعروف أن السنوات القادمة هي سنوات المياه، والقصد الصراع حول مصادر المياه نظرا لعدم كفايتها للزيادة عدد السكان ، وتنظر إثيوبيا للاتفاقات السابقة التي تنظم عملية تدفق مياه نهر النيل علي أنها اتفاقات أبرمت في ظل نظم استعمارية ولا تعترف بها في ظل تمسك مصري بهذه الاتفاقيات التي تراها عين الحقيقة ولا تنكر حق إثيوبيا في الوقت ذاته في التنمية والتقدم بشرط عدم الإضرار بمصالحنا المصيرية.
والمتأمل في مسيرة العلاقات المصرية الإثيوبية يدرك أنها تتمحور تاريخيا حول نهر النيل ولا داعي هنا للحديث عن حقب بالية ويكفي أنها كانت ترتكز علي واقع تهديدات بإيقاف مرور المياه إلينا ، وفي حقبة الرئيس جمال عبد الناصر كانت العلاقات علي واقع الوفاق وجاءت حقبة الرئيس أنور السادات لتشهد توترا شديدا في العلاقات لدرجة جعلت السادات يصرح رسميا بأن مصر ستحارب من أجل حقوقها المكتسبة في نهر النيل بل ذهب الأمر لأبعد من ذلك في تأييد القاهرة لاستقلال إريتريا وعليه كان تهديد منجستو رئيس الوزراء الإثيوبي بتحويل مجري مياه نهر النيل وعليه كان التهديد السابق ثم تبعه منجستو قائلا أننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا.
وفي حقبة مبارك التى يمكن أن نطلق عليها مرحلة الهدوء والتريث والتأكيد الدائم علي عدم التدخل في سياسات الدول الداخلية، وجاءت محاولة اغتيال مبارك في العاصمة الإثيوبية عام 1995 شاهدة علي توقف العلاقات بين البلدين لمدة تاريخية تصل إلى 17 عاما مما شجع إثيوبيا بالتوافق مع دول المنبع للوصول إلي اتفاقية لإعادة تقسيم مياه النيل فيما عرف باتفاق عنتيبي (مايو 2010 ) واستمرت التصريحات العدائية وجو من الشكوك المتبادلة ، ومع رحيل مبارك عن السلطة والتغيرات السياسية الحادة التي حدثت في مصر التي بدأت في يناير 2011 أعلنت إثيوبيا من جانب واحد عن تحويل مجري النيل الأزرق وبناء ما يعرف بسد النهضة أو سد الحلم للألفية الجديدة ، من هنا لابد من تناول مختلف لأن مصر منذ القدم شهدت وواجهت حروبا عديدة وتوترات ومشاكل خرجت منها قوية أبية ولكن في موضوع سد النهضة فإن الأمر يمس مصلحة مصيرية والقصد هنا معركة بقاء بالأساس مع التحفظ الشديد علي لفظ معركة لأنه قد يعني دلالات لا أقصدها مطلقا والقصد إعطاء الأمر أهميته القصوي لأن التهديد بالبقاء يستلزم ما هو أكثر من ذلك.
ومن المعروف أن الكيان الصهيوني يدير معركة مع مصر في منطقة حوض النيل لأن العقيدة الصهيونية التوسعية تركزت أحلامها منذ النشأة الاستعمارية حول أطماع واضحة في نهر النيل وهذا يعكس أهمية المياه في عقولهم وعلي رأس أولوياتهم ، والموضوعية تقتضي أن نقول لابد أن نلوم أنفسنا قبل غيرنا فقد أهملنا أفريقيا كثيرا وأصبحت القارة تنظر إلي إسرائيل علي أنها دولة حليفة وتنظر لنا علي أننا الآخر، نضيف علي ذلك تواجد غربي داعم لإثيوبيا بشكل معلن حتي السودان أصبحت العلاقات بينها وبين إثيوبيا علاقات تشبه التحالف والاندماج والحدود الإثيوبية السودانية الآن تحت حماية مشتركة وللأسف فإن مصر تقع دائما في ذهن صانع القرار الإثيوبي والسوداني وعليه تكون القرارات ، صحيح أن هذه العلاقات ليست لها هياكل مؤسسية والتنبؤ باستمرارها أمر صعب علي واقع أن التغيرات علي الأرض وفي المحيط الإقليمي، لكنها تنعكس سلبا علي العلاقات بينهما.
 وبعيدا عن التناول الإعلامي لموضوع سد النهضة الذي أصبح حقيقة واقعة لا تقبل التشكيك ومع تقديري الشديد للاهتمام الحقيقي لهذا الملف لصانع القرار المصري الذي يظهر للعيان التقارب المصري مع دول حوض النيل والقرن الأفريقي فإن علي صانع القرار المصري الآن تغليب خيار الوفاق لأن غيره له عواقب كارثية والعمل علي بناء الثقة التي غابت كثيرا بين قادة البلدين، وعلينا إقناع الجانب الإثيوبي بالتريث ومد فترة ملء بحيرة السد، وعلينا ألا ننسي أن إثيوبيا تمثل رأس حربة للدول الغربية في أفريقيا وتلعب دورا عنهم بالوكالة، لذلك فإن رحلة العودة إلي القارة الأفريقية تستلزم جهدا خاصا بعيدا عن الأساليب البالية التي تسببت فيما نحن عليه الآن، وجعل الدائرة الأفريقية في أولوياتنا الخارجية والبحث عن حسن استغلال الفرص القليلة في ظل تحديات قاسمة منها التنافس الدولي الشديد في القارة الأفريقية.
وتبقي لنا في النهاية كلمة أخيرة وهى أن ما يجمعنا مع أهلنا في القارة الأفريقية أكثر كثيرا مما يفرقنا وليكن خيارنا الرئيسي إعلاء الطموح للوصول إلي تنمية حقيقية لمصر ولقارتنا السمراء.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2