رجب الشرنوبي يكتب: هل انتخابات الشيوخ ضرورة أم رفاهية؟
رجب الشرنوبي يكتب: هل انتخابات الشيوخ ضرورة أم رفاهية؟
يتسائل الكثيرين عن جدوى إجراء إنتخابات مجلس الشيوخ القادم في الوقت الحالي ، خصوصاً مع كثرة التحديات المحلية والإقليمية التي تحيط بمصر في هذه المرحلة الحساسة ، كما يري البعض أن ملفات هامة مثل مياه النيل والتوترات علي الحدود الليبية والإستمرار في التصدي للتداعيات المختلفة لفيروس كورونا والأستمرار في رفع مستوي معيشة المواطنين ، كانت الأولي بالإهتمام بدلاً من الإصرار علي إجراء هذه الإنتخابات في الوقت الراهن والذي ربما يكون شديد الحساسية.
خصوصاً بعد الأداء المتواضع لمجلس النواب من وجهه نظر قطاع كبير لا يمكن إغفاله من المواطنين ، فكثيراً من أعضاء النواب من وجهه نظرهم لم يكن علي المستوي المطلوب لتلبية طموحاتهم الحياتية، خصوصاً في ظل سنوات من الغياب لهذا الدور الذي كانت تقوم به المحليات الأكثر إلتصاقاً بالشارع وبين المواطنين، فهل الإقدام علي هذه الخطوة في التوقيت الحالي ضرورة ملحة؟؟؟!!!
بداية يجب أن نعلم أنه هناك فصل تام بين الأداء التشريعي والرقابي الذي هو أهم وظائف السلطة التشريعية متمثلة في مجلس النواب ومجلس الشيوخ ، وبين ماتقوم به المجالس المحلية في الشارع وبين المواطنين من الإشراف والرقابة علي تقديم مؤسسات الدولة المختلفة لخدماتها المتنوعة وكذلك المشاركة في تحديد الأولويات من هذه الخدمات.
كما يجب علينا أن نؤمن بأن إستكمال البناء التشريعي للدولة له من الأهمية مالا يقل بأي حال من الأحوال عن أهمية السير نحو إكمال كل المشروعات القومية التي بدأتها الدولة قبل عدة سنوات في ظروف شديدة الصعوبة، والتي بدأت بعض ثمارها تنعكس بشكل جيد علي حياة الكثير من المصريين وهو مايعني أن الدولة تسير بخطي ثابتة ومشجعة في جهود إعادة البناء والتنمية.
أيضاً من المهم أن نعلم أن القيادة السياسية مثلما وجهت بوضع حلولاً سريعة لكثير من القضايا المزمنة علي مدار سنوات ، مثل التصدي لفيروس سي ورفع مظلة الحماية الإجتماعية من خلال عدد من البرامج مثل ١٠٠مليون صحة وتكافل وكرامة وغيرها ، وجه وأشرف الرئيس السيسي كذلك علي عدد من الخطط متوسطة وطويلة الأجل لإعادة بناء الوطن، بالشكل الذي يلبي طموحات كل المواطنين المصريين في غضون عدة سنوات، كما أعتقد أن المشروعات القومية المنتشرة في كل مكان خير دليل علي ذلك.
من المؤكد أن بناء مؤسسات الوطن التشريعية ومنها مجلس الشيوخ بمسماه الجديد ، خطوة ضرورية سيتبعها بالتأكيد خطوة لا تقل أهمية وضرورية أيضاً وهي الإنتخابات الخاصة بتشكيل المجالس المحلية كم يعتبر هذا البناء التشريعي جزء أصيل وضروري من هذه الخطط.
كما أن إكتمال البناء التشريعي للدولة والمتمثل في مجلس الشيوخ إلي جانب مجلس النواب وفي مقراتها الجديدة في العاصمة الإدارية ، له من الفوائد والدلائل والمؤشرات ما لايمكن التغاضي عنه، يأتي في مقدمتها بالطبع الإطلاع والدراسة المتأنية والمتعمقة وتقديم المشورة والنصح حول كثير من القضايا والملفات المحلية والقومية التي ربما لا تنال الوقت الكافي لدراستها أمام مجلس النواب نظراً لكثرة ماهو مطروح أمامة في هذه التحديات الحالية، إضافة إلي أهمية الإستفادة بكثير من الخبرات الوطنية في شتي المجالات التي ربما تجد صعوبة في الوصول إلي عضوية مجلس النواب نظراً للتكالب والصراعات الذي يشهده إستحقاقه الدستوري.
وجود سلطة دستورية لرئيس الجمهورية في تعيين ثلث أعضاء مجلس الشيوخ بما يعني حقة في تعيين مائة عضو داخل المجلس ، وهذا بالطبع سيمكن بلا شك القيادة السياسية من إضافة الكفاءت النيابية المتخصصة واللازمة لتقديم الرؤي والمشورة الأكثر تخصصًا حول بعض القضايا والملفات ذات الطبيعة الخاصة.
أيضاً سيتمكن الرئيس بهذا الحق الدستوري الأكبر مما هو متاح له بمجلس النواب من إحداث التوازن المطلوب والخاص ببعض فئات المجتمع ، والتي قد لا تتمكن من الوصول لمقعد النواب بالإنتخابات الطبيعية مثل بعض الأخوة المسيحين والمرأة وذوي القدرات الخاصة والشباب بما يضمن إمكانية مشاركة جميع المصريين في بناء وطنهم.
إصرار الدولة علي إكتمال بنائها التشريعي في ظل هذه التحديات سيعكس للمجتمع الدولي الصورة الحقيقية التي وصلت إليها مصر من الإستقرار وخطواتها الثابتة علي طريق البناء والتنمية ، وهو مايعطي إنطباع جيد ويخلق مزيد من الثقة لدي المؤسسات الدولية ، هذه الثقة الدولية سيتم ترجمتها حتمًا إلي مزيد من الدعم والمشروعات ، والتي تعني مزيد من فرص العمل وإرتفاع مستوي معيشة الأجيال الحالية والمستقبلية من أبناء وفتيات مصر .
النزول إلي صناديق الإقتراع بكثافة والإسهام في نجاح هذا الإستحقاق الدستوري ليس من قبيل الرفاهية ، بل واجب وطني سيؤكد بالطبع أن مصر قيادة وحكومة وشعباً كيان واحداً لا يستطيع أحد النيل منه ، كما ستكون المشاركة في الإنتخابات القادمة يومي الحادي عشر والثاني عشر من أغسطس بمثابة إختبار جديد للمصريين ودعمهم لوطنهم ومشاركة حقيقية في بناءه بشكل سليم يضمن مستقبل جيد لأبنائهم