غادة البشارى* تكتب: فكرة تائهة في الفراغ

غادة البشارى* تكتب: فكرة تائهة في الفراغغادة البشارى* تكتب: فكرة تائهة في الفراغ

*سلايد رئيسى5-8-2020 | 13:15

البعض من النساء العربيات منذ "الانشطار الربيعي" يعشن مرحلة ثقافة متأخرة؛ بعد أن داهمهن في عقر فكرهن انقطاع الرجاء ، فلم تجد الواحدة بعدها مفرًا من دس كامل ذهنها، وحواسها، في خطة برغماتية داهية، تهيؤ لها مستقبلاً يجيد القفز بمهارة عدّاء، بعيدًا عن متناول ذاكرة مجتمعية "مريضة "، طالما سعت – وفق مفهومها – إلى إحباط أي مؤامرة تحررية لها، ووأد شرعيتها ، وبهذه النظرة الشائهة، حزمت حقائب عمرها المسروق، و جمعت عتاد كلماتها المخنوقة، وذخائر صبرها التي طالما وفرتها ليوم كهذا، ثم سنّت سيوف ألسنتها، وأقلامها، و انطلقت... تعيد العدالة إلى مجراها. الغريب في الأمر أن كل الشعارات التي باتت ترفعها في وجه الهدف المناوئ لها ، كانت مجرد طقوس حرية لا حرية فيها، قنبلة لغوية انفجرت على كل المنصات، والصحف، والشاشات، ووو.... نجحت في تصفية حساباتها الكلامية بمهارة عظيمة، ألغت كل التابوهات المقيدة لصوتها، غير أنها فشلت فشلا ذريعا في إلغاء اللاتجانس الصادم بين ما تقول وما ترتضيه هي لواقعها المعاش ... وهنا تكشّف مصدر الخطر الحقيقي. يقول الكاتب الليبي الصادق النيهوم: " إن الكلمة التي تصبح بديلاً عن معناها، تصبح مجرد فكرة تائهة في الفراغ، وتدخل تلقائيًا في باب التيه ،المدعو الأيدولوجية " صديقتي "....." التي كانت تركض بشراهة عجيبة أثناء تريضنا على الشاطئ قبيل سنوات؛ كنت أنذهل وأنا أشاهد كائنات صغيرة جدًا تسّاقط من شحوم جسدها دون اكتراث منها مطلقًا؛ هي اليوم تخلصت من كل شحومها؛ بل وأصبحت تنحر رقبة كل ذكرى تمر من أمامها؛ و تعمل في منظمة تهدر - كل ساعة - دم عشر رجال...على ما يبدو بدأت تتنفس الحرية؛ و تطالع شموع أصابعها العشرة وهي تشتعل بأقصى درجات السعادة..!! الخطورة هنا .. أننا سنكون أمام جيل جديد يعاني من تناقضات فكرية وإكسيولوجية، و سلوكيات سيئة ناتجة عن رواسب فرويدية لا تنهض بمجتمع سويّ على الإطلاق، بل تحيا في ديمومة صراع لا يتوقف، بين رغبات اللاوعي، وإدراك الوعي، وقيمة المثالية المنشودة... القيمة.. أية قيمة؟! وهل ما زالنا نرجأ المثاليات إلى القيم المعدة لها آنفًا ؟! القيمة ... مصطلح يقوم على قياس مفردة معرفية نظريًا، وعلى حقه في اللجوء إلى قواعد اهترأت فعليًا بحكم تعاقب الأزمنة وتباين المفاهيم.. يقول لي صديق - طالما تنتابنا معًا حوارية نحاول فيها فض بعض الإشكالات الفكرية - : " إنها " المعايير" هي سر اللعبة ، لكل أزمة أو حالة معاييرها الخاصة بها " هذا يبرهن يا صديقي أنه ليس هناك أجيال عُزل ، ولا يجب أن نفقد الثقة في مفرداتنا العلمية الموروثة ، أو كما أخبرنا " توماس كون " إن كل تلك الثورات العلمية المتتالية مجرد محاولات لحل الأحجية النسبية ، وملء فراغات لعبة " الكلمات المتقاطعة " بأكثر من طريقة. حسنًا .. لنغلق صندوق الأحجيات الآن، ونعود إلى موضوع مقالنا اليوم ..الجنس اللطيف و المتزن .. حرية الإنسان أبسط من ذلك بكثير...على الأقل من وجهة نظري ، إنها مصطلح حضاري عام، يأتي من إعمال العقل بمفهومه الإنساني الشامل، لا بمنظوره السلطويّ الجاف، الذي يحيكه أي جنس لاستمالة الرأي العام نحوه. إن كل ما يستدعيه الانشطار النفسي الذي يحدث عقب كل أزمة يمر بها المجتمع، يحدث نكاية في ظلم سابق موروث، يجعل المظلوم يعتلي موضع الظالم حتى يثبت لذاته أولاً ثم للآخرين أنه بإمكانه أن يكون الأقوى؛ غير مدرك لما ستجر عليه هذه القوة الهشة المزعومة. فهل لم نزل في قاعة الاختبار و الأوراق بين أيدينا ؛ أم أنها سُحبت منا.. وفرصة تلاشي الخطأ أو تصويبه ضاعت إلى مالا نهاية ؟! ……………………………………………………………………………….. *أديبة وشاعرة ليبية
أضف تعليق

أكتوبر .. تفاصيل الحكاية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين

الاكثر قراءة

تسوق مع جوميا