- زنانيرى: الأعباء المعيشية وراء ضعف القوى الشرائية للملابس المستعملة.
- القليوبى: ضعف حالات التهريب أخفى البالات الجيدة للملابس الاجنبية.
- أصحاب المحلات: بسبب الركود الشديد خصومات على ملابس الرجالى 50 % وأوقفنا المستورد ً.
- عن أسباب عدم الإقبال.. المستهلكون: ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات واختفاء الجودة والالتزامات الأخرى.
تحقيق: فتحى السايح
مع افتراس غول الأسعار لكل السلع والخدمات لجأ محدودى الدخل إلى أسواق الملابس المستوردة المستعملة المعروفة باسم " البالة "، والتى انتشرت فى محافظات ومدن وقرى مصر من شمالها إلى جنوبها، وفى شرقها وغربها.
وأقدم وأشهر هذه الأسواق فى الوقت الحاضر هى:
"حى العرب فى بورسعيد، و سوق وكالة البلح بحى بولاق أبو العلاء بالقاهرة، وحى الموسكى الذى يضم منطقة الحسين وشارع الأزهر والغورية وحمام التلات وحارة اليهود وشارع بورسعيد (الذى يعد امتداد لشارع الموسكى حتى ميدان العتبة)، وشارع 26 يوليو حتى بداية كورنيش النيل ببولاق أبو العلاء، وشارع العشرين بفيصل، وشارع ضياء بالهرم، وميدان النعام بشارع عين شمس، وشارع محطة عزبة النخل، وشارع العشرين بزهراء عين شمس، وفى منطقة شمال الجيزة بشارع الجامع، وميدان موقف إمبابة، وميدان محطة الرمل بالاسكندرية، وموقف محطة مرسى مطروح ومعظم مواقف ومحطات محافظات مصر.
والمعروف أن ملابس "البالة" المستعملة والتى ترد من بعض الدول الأجنبية من دول الاتحاد الأوروبى وأمريكا ودول جنوب شرق أسيا، الصين وكوريا الجنوبية واندونيسيا وبنجلاديش وسنغافورا، وغيرها من الدول كالهند وتركيا وسوريا، حيث يقوم التجار المصريون باستيرادها بأسعار رخيصة بالعملة الأجنبية، وبيعها للجمهور المستهلكين بأسعار منخفضة نسبيا، فعلى الرغم من ذلك، يخيم شبح الكساد والركود على تلك الأسواق، باستثناء فترة محدودة قبل الأعياد، وأحدثها عيد الفطر الماضى.
أولويات
وهذا الكساد والركود الذى ضرب هذا النوع من الأسواق أرجعه الخبراء إلى وجود أولويات للأسرة المصرية منها الإنفاق على المأكولات والمشروبات، والتى التى تستنزف جانبا كبيرا من ميزانيات الأسر، فى الأحوال العادية ، وتزيد فى المواسم مثل شهر رمضان، إضافة إلى ارتفاع الأسعار المستمر الذى يشتكى منه المصريون، سواء ارتفاع رسوم الخدمات من كهرباء ومياه وغاز وبوتاجاز، أو ارتفاع مصاريف وسائل النقل والمواصلات العامة، والخاصة، وما تبقى من دخل للأسر يتم توجيهه لتعليم الأبناء، وفى القلب منها الدروس الخصوصية للمراحل التعليمية المختلفة وعلى رأسها الثانوية العامة، هذا إلى جانب مصاريف العلاج وفى القلب منها الأدوية خاصة بعد ارتفاع أسعارها، وكل ما سبق يعتبر مدخلا للآتى:
خصومات
ومن جانبه يقول بسام مدير أحدى محلات الملابس الجاهزة بوسط البلد، إن سوق الملابس الجديدة والمستعملة يعانى الركود الشديد منذ ثورة يناير 2011، مشيراً إلى أن الركود يزداد كل عام ، وسببه أن الملابس ليست سلعة إستهلاكية مثل المآكل والمشرب، وموضحاً أنه رغم قيام المصنع بتخفيض أسعار جميع بضائع الملابس الرجالى للقمصان والبنطلونات والبدل، مع توفير الجودة والسعر المناسب إلا أن حركة البيع غير مناسبة.
ويضيف بسام أن معارض الملابس قامت بإعلان تخفيضات تبدأمن 50 % على جميع البضائع ،ولكن الركود الناتج عن ضعف القوى الشرائية يمنع حركة البيع رغم التخفيضات.
منع الملابس المستوردة
ويتفق مع الآراء السابقة المهندس سمير عطية صاحب محلات بشارع ضياء بالهرم قائلا إن محلات " الملابس المستعملة "البالة" انتشرت بشكل كبير بمدن وأحياء ومحافظات مصر بالكامل.
ومن أمام أحد هذه المحلات بوكالة البلح قالت سيدة حسن، ربة منزل لـ "دار المعارف" إن الأسعار المعروضة لجميع أنواع الملابس الجاهزة – هذا العام - بداية من الأولاد، والشباب والرجالى والحريمى مرتفعة بشكل جنونى ، وفوق طاقة المستهلك العادى، والفقير الذى تحمل مصاريف شهر رمضان والدروس الخصوصية، مع الارتفاعات المستمرة فى كل شىء، والتى تصب فى النهاية فوق رأس المستهلك الضعيف.
وتؤكد سيدة أنها ستقاطع شراء الملابس الجاهزة " المستعملة " إذا استمرت الأسعار فى الارتفاع ،وسنكتفى بملابس العيد الموجودة من العام الماضى ،وبالنسبة للاطفال سنشترى لهم الملابس الصينية "البالة" الأرخص فى السعر حتى ولو أدى الأمر بشراء طقم واحد للطفل بدلاً من طقمين أو 3 أطقم كما كان يحدث أيام ومان.
البواقى
ومن جانبه يقول مدير معرض ملابس " بالات " بمنطقة النعام – عين شمس – أن المحلات تقدم أسعار خاصة لبواقى الملابس من " البالات " البنطلونات والقمصان و "التشرتات" الرجالى والأولاد، مشيرا إلى أن أسعار البواقى تبدأ من 30 ، و 35 ، و40 جنيه للقمصان الرجالى و"التشيرتات" ، بالإضافة إلى الجاهز من البدل الرجالى بأسعار تبدأ بـ 250 جنيه ، وكذلك أنواع من القمصان السادة والكروهات تبدأ بأسعار 45 جنيه.
ومن جانبه يقول مدير أحد معارض الماركات المحلية المشهورة بميدان النعام إن أسعار الملابس المعروضة فى معرضهم لا تغطى التكلفة.
ركود
وعن أسباب حالة الركود التى تضرب الأسواق يقول يحيى زنانيرى رئيس جمعية منتجى الملابس والنائب الأول لغرفة الملابس بإتحاد الغرف التجارية لـ "دار المعارف" إن موسم عيد الفطر جاء هذا العام مع مطلع الصيف، وبطبيعة الحال من المفروض أن يحدث رواج للملابس الصيفية، ومن المفترض أن يكون هناك طلب كبير على الملابس الصيفية نتيجة لدخول العيد أكثر من منتصف الموسم أو نهايته، لكن الواقع حتى الآن ومنذ بداية الموسم الصيفى يشير إلى أنه هناك ركود شديد .
ضعف القوى الشرائية
ويوضح زنانيرى أنه حتى سوق ملابس " البالة " المستعملة حدث فيه هذا الركود الشديد نتيجة للأعباء المعيشية، وارتفاع الأسعار التى نتجت عن تعويم الجنيه ، والذى كان له تأثرين متضادين على صناعة الملابس الجاهزة والتجارة ، فكان المفروض أن يكون للتعويم تأثير إيجابى فى أن يتم تقليل استيراد البضائع ومنها الملابس المستعملة، نظراً للإرتفاع الكبير فى سعرها من دولها ، ورغم انخفاض سعرها عن الملابس المنتجة محليا، إلا أنه للأسف حدث ركود شديد لها بالأسواق نتيجة لضعف القوى الشرائية للمستهلك المصرى ،نتيجة لضغوط وأعباء كثيرة جداً من إرتفاعات فى الأسعار السلع والخدمات ،بالتالى الملابس الجاهزة تأخرت نتيجة لإرتفاع أسعارها محلياً ومستورد ضمن أولويات المستهلك فحدث نوع من الركود أدى إلى فقد ميزة تعويم الجنيه حتى الآن ،فحدث كساد شديد ،موضحاً أن اسعار الملابس المستوردة إرتفعت من 100% إلى 150 % .
أما الملابس المحلية فإرتفعت بما يقارب70 % .
وأوضح زنانيرى أن موسم بيع الملابس الصيفية المستعملة سيواجه عقبات وحالة من الركود حتى بداية الأوكازيون الصيفى مع نهاية الموسم الصيفى فى شهر أغسطس المقبل، لأن الكثير من الأسر سيمر هذه الأيام عقب امتحانات مرحلة امتحانات الثانوية العامة، وانتهاء أجازة العيد سيتجهوا إلى المصايف ،وفى النهاية سيكون البيع فقط وحدوث إنتعاشة بسيطة خلال أوكازيون عيد " الاضحى " القادم.
تخفيضات حقيقة
ويؤكد زنانيرى أن نسبة البيع لا تزيد عن 10 إلى 15 % ، مشيراً إلى أن بعض المحلات لجأت لعمل تخفيضات حقيقة تصل إلى 50 % نتيجة لأنه مجبر على ذلك نتيجة لعدم وجود سيولة كافية لديه للوفاء بإلتزاماته من مصاريف وديون وضرائب وإيجارات وأجور وغير ذلك ،بالإضافة إلى أنه لا يبيع مما يجعله يخفض أسعاره حتى بدون تحقيق أى ربح أفضل من الإنتظار لحركة البيع لكى يغطى تكاليفه.
الخامات و أسعارها
ومن جانبه أوضح رجل الأعمال حمادة القليوبى خبير صناعة الملابس الجاهزة ورئيس جمعية مستثمرى المحلة الكبرى لـ "دار المعارف" أن السبب الرئيسى فى الركود الشديد لملابس البالة المستعملة يرجع إلى ضعف حالات التهريب الذى أدى إلى إخفاء البالات الجيدة للملابس الأجنبية المستوردة والمهربة .
وأضاف القليوبى أن ارتفاع أسعار الملابس بجميع أنواعها أطفال وشباب ورجال وسيدات هو نتيجة لإرتفاع الخامات من غزل ونسيج ومستلزمات إنتاج، لافتاً إلى أن الغزول المستوردة من شعر القطن إرتفعت عالمياً للقنطار من 1500 جنيه العام الماضى إلى 3450 جنيه هذا العام ،أما الغزل منتج محليا فأسعاره ما بين 1500 – 2500 جنيه ،والمشكلة أنه لا يوجد كميات كافية للانتاج نتيجة لنقص الخام ،موضحاً مصر بالكامل لم يوجد بها هذا العام سوى انتاج 130 ألف فدان بما يعادل 700 ألف قنطار قطن شهر.
التهريب
وأضاف رئيس جمعية مستثمرى المحلة الكبرى أن تكلفة المنتج المحلى واجهت أيضا موجة من ارتفاع أسعار للطاقة من كهرباء وغاز ودولار ، مما انعكس على سعر كيلو الغزل بالمصانع فارتفع من 40 جنيه إلى 70 جنيه للكيلو، إلى جانب ارتفاع سعر الغزل المستورد.
ولفت القليوبى إلى أن منتجى الملابس المحلية حتى يهربوا من موجة ارتفاعات الخامات لجأوا إلى طريق الحصول على الخامات عن طريق التهريب.