كلمة مصر أمام الدورة 44 لاجتماع منظمة التعاون الإسلامى

كلمة مصر أمام الدورة 44 لاجتماع منظمة التعاون الإسلامىكلمة مصر أمام الدورة 44 لاجتماع منظمة التعاون الإسلامى

* عاجل10-7-2017 | 20:34

ألقى سامح شكرى، وزير الخارجية كلمة مصر أمام الدورة 44 لاجتماع المجلس الوزارى لمنظمة التعاون الإسلامى والتى شهدت استمرار المواجهة الدبلوماسية لإمارة قطر الإرهابية.

وذكر شكرى أن الأدلة الدامغة لدى الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تؤكد أن قطر ماضية ومستمرة فى ممارساتها الرامية إلى التدخل فى الشأن الداخلى للدول، وسعيها الحثيث لتقويض الأمـن فى مجتمعاتنا، وبث الفوضى فيها، وعدم توقفها عن تمويل تنظيمات إرهابية، وأخرى متطرفة، وإيواء إرهابيين هاربين من العدالة، والترويج للفكر الجهادى المتطرف الذى أضر بصورة مجتمعاتنا الإسلامية أبلغ الضرر، كما تحدث شكرى عن رؤية مصر الشاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف.

وجاء نص كلمة سامح شكرى على النحو الآتى:

لعله غير خاف على أحد تلك المرحلة الدقيقة التى تمر بها منظمتنا وأمتنا، هذه المرحلة التى يموج فيها العالم الإسلامى بأحداث وتغيرات تستوجب التأمل والوقفة مع الذات، وقفة من أجل إعادة تصحيح المسار، ورصد النوايا الحقيقية التى يُضمِرُها البعض، سواء من خارج، أو من داخل عالمنا الإسلامى وبكل أسف، لتقويض مستقبل الأمة وتفتيتها، سعيًا خلف مصالح ضيقة ومحدودة الأفق، لينتهكون بذلك كل القيم والأهداف السامية التى يتم العمل على إرسائها داخل منظمتنا العريقة، ولعلكم تتفقون معى فى وجود مصلحة مشتركة وأكيدة لنا جميعاً فى إعادة ترسيخ هذه القيم والأهداف السامية التى طالما نادت بها منظمة التعاون الإسلامى.

وفى إطار ما تقدم، اسمحوا لى أن أؤكد مجددًا على دعمنا الكامل لمعالى أمين عام المنظمة فى تحمل مسؤولياته على رأس الأمانة العامة من أجل الاضطلاع بمهامها الكبيرة دون الانتقاص من صلاحياتها المنصوص عليها فى الميثاق، أو فى قواعد الإجراءات الواجب احترامها، والتى يعد عدم الالتزام والتقيد بها أحد السلبيات الرئيسية التى تؤثر على كفاءة ومهنية منظمتنا.

وفى سياق متصل، أؤكد على رؤية مصر بأهمية تعزيز الأمانة العامة بالكفاءات البشرية، والتوقف عن إنشاء آليات وهياكل جديدة للمنظمة تتقاطع اختصاصاتها مع الهياكل القائمة ترشيداً للموارد وتفادياً للازدواجية فى الاختصاصات، مع السعى لترسيخ عمل وأنشطة القائم منها بالفعل.

لعل ظاهرة الإرهاب، بتداعياتها الكارثية، والتى باتت تمثل تهديدًا جسيمًا لشعوب العالم أجمع، وبصفة خاصة شعوبنا، هى الخطر الأكبر الواجب بحث كيفية استئصاله من جذوره، وهو ما يتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية، مقاربة شاملة، تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية، وهى عناصر طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال القمة الإسلامية العربية الأمريكية، وأهمها:

أولًا: وجوب إعداد تصور شامل للتصدى للشبكة السرطانية للإرهاب، دون اختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين فقط، بل يجب أن تمتد تلك المواجهة لكل التنظيمات الإرهابية لانتهاجها لذات الأيديولوجية الهدامة، والهدف السياسى فى تطويع إرادة الشعوب.

ثانيًا: مواجهة كل الأبعاد المؤدية للظاهرة، لا سيما ما يتعلق منها بالتمويل والتسليح والدعم السياسى والفكرى، فالإرهابى ليس فقط من حمل السلاح، بل أيضًا من قام بالتدريب والتمويل والتسليح، وكذا التمكين المتمثل فى توفير الغطاء السياسى والأيديولوجى، وتوفير الملاذات الآمنة، ومن يتيح لهم الظهور فى المنابر الإعلامية لبث سمومهم.

ثالثًا: القضاء على قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد مقاتلين جدد، من خلال مواجهتها بشكل شامل على المستويين الأيديولوجى والفكرى، فالمعركة ضد الإرهاب هى معركة فكرية بالدرجة الأولى، وهو ما دعا السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لإطلاق مبادرة لتصويب الخطاب الدينى منذ عامين مع المؤسسات الدينية العريقة فى مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف، بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطى المعتدل، وبالتعاون مع قادة الفكر والرأى فى العالمين العربى والإسلامى، والتى استهدفت إحداث ثورة فكرية شاملة، تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامى السمح، وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيراتٍ خاطئة، وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها فى عقيدتنا وتعاليم ديننا الإسلامى الحنيف.

وفى هذا الإطار نرحب بطلب مركز صوت الحكمة التابع للأمانة العامة للمنظمة بتدشين بروتوكول تعاون مع "الأزهر الشريف"، المؤسسة الإسلامية الأقدم فى العالم، للتعاون فى المجالات ذات الاهتمام المشترك.

ولا يفوتنى فى إطار حديثى عن مكافحة الإرهاب عن التحذير من سعى بعض المنظمات الإغاثية، التى تتصل بجماعات متشددة، أو تتبنى فكراً يبرر الإرهاب، التسلل تحت عباءة العمل الإنسانى للعبث فى الدول التى تغيب فيها السلطة المركزية، والدخول فى شراكات مع المنظمة تحت ستار العمل الإنسانى، وفى هذا الصدد سنقدم للأمانة قريباً قائمة بأسماء بعض هذه الهيئات أو الأشخاص التى يتوجب على المنظمة تجنب العمل معهم فى الأنشطة الإنسانية، حتى لا يثار بشأنهم ما يمكن أن يمس سمعة ومصداقية المنظمة وأمانتها.

أعلنت حكومات كل من جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة فى 5 يونيو 2017 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، واتخاذ عدد من الإجراءات شملت إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية، وإدراج عدد من الأفراد والكيانات على قوائم الإرهاب.

واستجابة لمساعى الوساطة التى بذلها سمو أمير دولة الكويت لحل الأزمة، والذى نتقدم لسموه بجزيل الشكر والتقدير على مبادرته الطيبة لحل الأزمة، أمهلت الدول الأربع قطر مهلة زمنية للاستجابة لمطالب دولنا، إلا أن الجانب القطرى لم يقدم فى رده على مطالبنا حلولا جادة، بما ينم عن عدم استيعابه أو إدراكه لخطورة الموقف، وقد عقد وزراء خارجية الدول الأربع اجتماعًا فى القاهرة يوم 5 يوليو 2017، صدر عنه بيان مشترك اطلعتم جميعًا عليه يوضح مجمل الموقف تجاه تطورات الموضوع.

وإذ نأسف للاضطرار إلى اتخاذ هذه الإجراءات ضد قطر، إلا أننا نود التشديد على أن هذا القرار جاء بعد ما تأكد لدينا من استمرارها فى ممارساتها الرامية إلى التدخل فى الشأن الداخلى للدول، وسعيها الحثيث لتقويض الأمن فى مجتمعاتنا، وبث الفوضى فيها، وعدم توقفها عن تمويل تنظيمات إرهابية، وأخرى متطرفة، وإيواء إرهابيين هاربين من العدالة، والترويج للفكر الجهادى المتطرف الذى أضر بصورة مجتمعاتنا الإسلامية أبلغ الضرر، وهو ما أكدته على سبيل المثال لا الحصر التقارير الصادرة عن لجنة عقوبات ليبيا التى تضمنت أدلة دامغة على ضلوع قطر فى نشر الفوضى، وتهريب السلاح والدعم المالى واللوجيستى والاستخباراتى للجماعات الإرهابية والمتطرفة فى ليبيا.

تظل القضية الفلسطينية هى القضية المركزية لمنظمتنا ومبعث إنشائها، وهى القضية التى تعتبر أحد أهم أسباب عدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، ولا شك أننا نشعر بالقلق من إمكانية تبدد فرصة تسوية هذه القضية، بما يهدد إمكانية التوصل لسلام قائم على حل الدولتين، وهو ما يتطلب جهدا دوليا حثيثاً لإعادة التأكيد على ضرورة إنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان، والحفاظ على مرجعية العملية التفاوضية، كمتطلبات لا غنى عنها للتوصل إلى السلام ولتمكين الفلسطينيين من تحقيق تطلعاتهم فى الحرية والاستقلال والكرامة.

وتستمر فى هذا الإطار جهود الدبلوماسية المصرية نحو السعى لتحقيق سلام شامل وعادل يضمن استعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة، وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

تتطلع مصر جادة إلى استعادة الجارة الشقيقة ليبيا لأمنها واستقرارها، وسرعة التوافق على حكومة الوفاق الوطنى تنفيذاً لاتفاق الصخيرات حتى تتمكن من ممارسة مسؤولياتها مع باقى مؤسسات الدولة الليبية، وفى مقدمتها الجيش الوطنى، فى بسط السيطرة على كل ربوع البلاد ودحر الإرهاب، ونأمل كذلك فى تحقيق الانفراجة المأمولة من خلال الحوار السياسى ونبذ العمل العسكرى فى باقى الملفات الشائكة فى أمتنا الإسلامية، وعلى رأسها الملف السورى، والملف اليمنى، والملف العراقى، وكذلك الأوضاع فى الصومال، ومالى، وإفريقيا الوسطى والارتقاء بوضعية الأقليات المسلمة فى مختلف الدول غير الأعضاء، ومكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا وما يصاحبها من خطاب كراهية، والسعى فى هذا الإطار لإعلاء قيم التسامح والتعايش المشترك.

أغتنم هذه المناسبة كى أعبر، مجددا، عن التزام مصر بالتعاون مع المنظمة من أجل تعزيز العمل الإسلامى المشترك، والذى يُمثل محورا مهما فى سياسة مصر الخارجية، ودعمنا لدور المنظمة والبنك الإسلامى للتنمية فى القارة الإفريقية، ووسط آسيا، وتعزيز التبادل التجارى والاقتصادى، والدفع بالأمن الغذائى والتنمية المستدامة، وأؤكد حرص مصر، من خـلال عضويتها الحالية فى مجلس الأمن على الإسهام فى حل قضايا دول المنظمة، وتعزيز الشراكة مع المنظمة، وغيرها من المنظمات والمؤسسات المعنية والدول الصديقة، فى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

وختاماً لا يسعنى إلا أن أعرب مجددا لدولة كوت ديفوار الصديقة عن أصدق وأطيب تمنياتنا لها بالتوفيق والسداد فى رئاستها للدورة 44 لمجلس وزراء خارجية المنظمة، سعيا نحو تعزيز العمل الإسلامى المشترك، وتحقيق الأهداف النبيلة لمنظمتنا.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2