طارق متولى يكتب: اللهم لا شماتة

طارق متولى يكتب: اللهم لا شماتةطارق متولى يكتب: اللهم لا شماتة

*سلايد رئيسى21-9-2020 | 13:31

كان صغيرا عندما اعتدى عليه أحد بلطجية الحى عندما كان يقود دراجته واختل توازنه فوقع من عليها وارتطم بجسد فتوة الحى الضخم دون قصد منه. لم يكن ساعتها يستطيع أن يواجهه فمعروف عن هذا البلطجى كثرة مشاجراته وإعتداءه على الناس، عاد إلى بيته حزينا  دخل غرفته فى صمت لم يخبر أحد من أهله حتى لا تتفاقم المشكلة لكنه أخرج ورقة وقلم وكتب فيها اسم البلطجى واحتفظ بها فى درج مكتبه الصغير. اهتم بدراسته وتجاهل نظرات الشفقة فى عيون أصدقائه الصغار وضعفه أمامهم كان عازما على التفوق والنجاح اهتم بدراسته ذاكر دروسه أول بأول، كان يقضى معظم وقته فى المذاكرة والقراءة بدأ يحصل على الدرجات النهائية فى كل  عام من أعوامه الدراسية تبدلت نظرات المحيطين به من الزملاء والمعلمين إلى  نظرات إعجاب وإستحسان. لكن الأمر لم يخلو من شخص حاقد أو فاسد يسخر منه ويضايقه ويستفزه أو مدرس يضطهده وكان كل مرة عندما يقابل مثل هؤلاء يذهب إلى غرفته ويخرج الورقة التى كتب فيها اسم بلطجى الحى ويضيف أسماء هؤلاء ثم يعيدها إلى مكانها فى درج مكتبه. حتى عندما اشترى ساعة قيمة جديدة بمناسبة دخوله الجامعة وجد أن الساعة ليست أصلية وأنها تقليد لا تساوى ربع الثمن الذى دفعه ليشتريها ولما عاد لصاحب المحل أنكر أنها نفس الساعة التى باعها له وادعى أنه باعة ساعة أصلية وظل يجادل معه بل ويتهمه هو بالنصب كان الرجل فظا ولم يأخذ منه حق ولا باطل كما يقولون، فما كان منه إلا أن تركه ولكنه أضاف اسم صاحب المحل إلى الورقة. تفوق فى دراسته الجامعية وحقق أعلى الدرجات عين معيد بالكلية التى يدرس فيها، حصل على درجة الماجستير والدكتوراة فى سنوات قليلة وأصبح أستاذا فى الجامعة. بدا يجنى ثمار نجاحه من تكريم داخل الجامعة وخارجها فى الأوساط العلمية والثقافية وأصبح يشار له بالبنان، حقق مكاسب وشهرة واسعة وأصبحت له علاقات بكبار المثقفين والعلماء وكبار رجال الدولة. فى يوم وهو يجلس فى مكتبة فى الجامعة أخرج الورقة التى كان لا يزال يحتفظ بها رغم تهالكها إلا أن الأسماء المدونة بها لا زالت واضحة وراح يتذكر أصحابها وما حدث بينه وبينهم وبحكم المعارف والأصدقاء وجيران الحى القدامى كانت تصله أخبارهم فها هو بلطجى الحى قد تقدم فى السن وغابت عنه قوته وسطوته أصابه المرض، وأصبح لا يقوى على الحركة، يعيش على مساعدات أهل الخير فى الحى رغم كل شىء. وها هو أحد زملائه الذى كان يسخر منه ويستهزىء به طوال الوقت لم يكمل دراسته ولم يحترف أى مهنة وأصبح يتنقل بين الأعمال لا يجد عملا بعينه يستقر فيه ولا يكسب إلا القليل وتبدل حاله من الغنى فى كنف أهله وهو صغير إلى الفقر بعد أن أصبح مسؤولا عن نفسه. توفى صاحب محل الساعات والمجوهرات وورثه أبناءه المدللين الذين لم يكن لهم دراية وخبرة بالعمل والتجارة فكسدت التجارة  وتراكمت الديون على المحل مما اضطرهم لبيعه بأبخس الأثمان تسديدا للديون وضاع كل شىء. أخيرا مزق الورقة لم يعد بحاجة للإنتقام فعدالة السماء تكفلت بالجميع وقال الحمد لله اللهم لا شماتة.
أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2