بقلم - سعيد عبده
هناك شوارع لها تاريخ وأثر فى حياة كل بلد ووراء كل تسمية له حكاية وقد تكون لتخليد اسم شخص، قد يكون فنانا أو مبدعا.. أو من الشخصيات العامة التى قدمت تضحيات لبلدها.
وفى بعض البلدان مثل الشقيقة سوريا يكتب تحت اسم الشارع تعريف بالشخصية لأنه مع مرور السنين قد لا يعلم الكثيرون من هو هذا الشخص وماذا قدم.. لذا فالتعريف مطلوب ومهم ويساهم فى تكريم الشخص أو زيادة المعلومات لدى العامة.
ولنا حكايات مع شوارع لا يمكن نسيانها فى مصر، شوارع ارتبطت بمهن مستمرة حتى الآن وبعض الشوارع قد تكون تغيرت المهنة مع التطور الطبيعى ومرور الزمن.
الفجالــــة
ارتبط شارع الفجالة منذ زمن بعيد بالكتب والمكتبات، فهذا الشارع شهد ميلاد دار المعارف أو مطبعة المعارف ومكتبتها التى أسسها نجيب مترى وابنه شفيق بالشراكة مع إميل زيدان عام 1890 واستمرت عامين وانفصل بعدها الشريكين لينفرد كل من نجيب وابنه شفيق بمطبعة دار المعارف ومكتبتها منذ ذلك التاريخ واستطاع أن يقدم تجربة رائدة وفريدة فى عالم النشر والطباعة وكان له رؤية سبقت عصره فى هذا المجال، تجربة تستحق أن تُدرس من حيث التنوع والشمول والابتكار والتجديد.. لقد قدم هذا الرائد ما لم يقدمه أحد غيره فى عالم النشر فى العالم العربى ومنذ البداية كان بما يقدمه من محتوى يرتفع بثقافة القارئ وهذا ما نفتقده كثيرًا هذه الأيام.
كان لديه باقة من أفضل مفكرى وكتاب عصره والذين مازالوا هم الأعلى والأفضل بما قدموه.. ولما لا فكان طه حسين والعقاد وعلى الجارم هم أعضاء لجنة النشر بقيادة عميد الأدب العربى.. هناك علامات فى تاريخ البشر لا بد من الإشارة إليها مثل سلسلة ذخائر العرب التى يقدم فيها أفضل كتب التراث فى تحقيق نادر قام عليه كبار المحققين وعلى رأسهم عبد السلام هارون وغيره.
قدمت دار المعارف سلسلة الدراسات الأدبية وأيضًا نوابغ الفكر العربى التى مازال ينهل منها الكثيرون ليتعلموا ويعرفوا من هم هؤلاء العظماء وأيضًا سلسلة مؤلفات شكسبير ومسرحيات راسين مع الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية.
وكان هناك تقليد أن يصدر كتاب عن الدار يقدم فيه نجيب مترى مؤلفى دار المعارف، نعم كتاب خاص باسم مطبعة المعارف وأصدقاؤها منذ نشأتها وإلى الآن من 1890 - 1931 العدد الأول.. بمقدمة للدكتور أحمد فريد رفاعى بك ويقدم فيها الشيخ إبراهيم اليازجى وحافظ بك إبراهيم وقاسم بك أمين.. وأحمد فتحى زغلول باشا وأحمد بك شوقى ومحمد أمين بك واصف وخليل بك مطران وإسماعيل حسنين باشا.. أيضًا محمد عبد الحميد بك مدير مستشفى الملك وكبير جراحيه ومصطفى بك أمين وعلى بك الجارم ونعوم بك شقير ود.منصور بك فهمى والسيدة انصاف زوجته التى اتحفت الدار بكتابها روضة الأطفال وانطون بك الجميل ومحمد خالد حسنين باشا والسيد مصطفى لطفى المنفلوطى والأستاذ شفيق غربال والشيخ عطية الأشقر والسيدة إحسان أحمد القوصى والدكتور شبلى شميل والشيخ مصطفى عنانى والدكتور طه حسين والدكتور عبد السلام بك ذهنى والأستاذ إسعاف النشاشيبى صاحب كتاب البستان والدكتور عبد السلام بك ذهنى صاحب كتب مسئولين الحكومة المصرية باعتبارها صاحبة الولاية العامة.. والتسجيل وحماية المتعاقدين ومسئولية الدولة عن أعمال السلطات العامة وغيرها.. والأستاذ وديع البستانى صاحب كتب محاسن الطبيعة ومسرات الحياة والسعادة والسلام ومعنى الحياة.. ومن أشهر أعماله تعريب رباعيات الخيام بنظم هو السحر الحلال.. وصاحب دار نشر البستانى فيما بعد ومازالت حفيدته فدوى البستانى تعمل وتحافظ على مهنة النشر بمهارة بالغة.. والأثرى سليم بك حسن أستاذ علم اللغة المصرية القديمة وغيرهم كثيرون هذا ما فعله وهو جزء قليل من أعمال الراحل العظيم.
ولايمكن أن أكتب ولا أسجل مجلة الكتاب أفضل المجلات التى تعبر عن الحياة الثقافية من أول صدورها إلى العدد الأخير
1945 – 1952 وكان يكتب فيها ومنبرًا لكل من عباس العقاد وطه حسين وساطع المصرى ومحمد عبد الله عنان وبنت الشاطئ وعبد الحيلم منتصر وراشد البراوى وعبد الرحمن صدقى برئاسة على الجارم رحمهم الله.
وأيضًا أول مجلة عربية للأطفال مجلة سندباد وبيطار وفنونه وأعماله التى قدمها وأشهر الرسامين فى العالم الذين شاركوا معه.. هى أعمال خالدة لا يتسع الورق لسردها ولكن اعادة كل حين بالإشارة إلى هذا العملاق نجيب مترى وخلفه شفيق مترى وانفصل إميل زيدان وأسس دار الهلال 1892 والتى قدمت للعالم ما لم تقدمه دور نشر أخرى وقدمت للمكتبة العربية الكثير من الأعمال العظيمة من أعمال جورجى زيدان وغيرهم من المؤلفين الكبار.
نعود إلى حكاوى الشوارع فى مصر ومنها:
شارع الصاغة
اجتمعت به محلات وورش تجارة الذهب وما زال قبلة لمن يريد اقتناء المشغولات الذهبية، من المقبلين على الزواج أو راغبى إهداء من يحبون هذا المعدن النفيس.
شارع الخيامية
وفيه مهنة من المهن العظيمة والتى نحتاجها سواء فى الحفلات والمناسبات الدينية أو واجب العزاء.. وأيضًا لتزيين القصور والمنازل بالأعمال اليدوية التى يبدعها الفنانون العظام الذين يتوارثون المهنة من غيرهم.
شارع المعز
هو شارع التاريخ ويمثل عصرًا من العصور الزاهرة فى تاريخ مصر والقاهرة، نستمتع كثيرًا بزيارة محلاته ومقاهيه الشهيرة وأيضًا منازله التراثية القديمة التى تسعد أبناء مصر وأيضًا زوارها.
درب الأتراك
من أجمل وأفضل مناطق القاهرة القديمة خلف جامع الأزهر، به قصر زينب خاتون وعدة قصور تمثل أزهى عصور الحكم المملوكى.. وأيضًا اشهر مكتبات التراث وطباعة المصحف فى مصر والعالم العربى.. نعم أنت مع التاريخ والمتعة والثقافة فى هذا المكان.. وبه أكثر من مائة دار نشر تثرى الحياة الثقافية فى مصرنا بما تقدمه لنا فى كل المجالات وخاصة التراث والكتاب الإسلامى والمصحف والكتب القديمة.
الأزبكية
قبلة المثقفين ويحظى بشهرة كبيرة داخل مصر وخارجها ويجمع الكثير من تجار الكتب القديمة والذين يعتبرون علامة بارزة يعرفها المثقفون فى مصر والعالم.
مصر بها الكثير والكثير من العلامات والمشاهد التى تستحق الحفاظ عليها لأنها تشكل جزءا من وجداننا وتراثنا.