فيروس كورونا: جينات وراثية معينة تتسبب فى أعراض إصابة شديدة بكوفيد-19

فيروس كورونا: جينات وراثية معينة تتسبب فى أعراض إصابة شديدة بكوفيد-19فيروس كورونا: جينات وراثية معينة تتسبب فى أعراض إصابة شديدة بكوفيد-19

أحوال الناس14-12-2020 | 14:56

دار المعارف يعد السبب فى عدم ظهور أعراض على بعض المصابين بفيروس كورونا مقابل إصابة آخرين بإعياء شديد، واحداً من أكبر الألغاز المرتبطة بالوباء. وقد حددت دراسة نشرتها دورية نيتشر العلمية- شملت أكثر من 2200 مريض تلقوا العلاج فى وحدة العناية المركزة- جينات بعينها ربما تحمل الإجابة عن ذلك، حيث تجعل هذه الجينات بعض الأشخاص أكثر عرضة لأعراض كوفيد-19 الشديدة. وتسلط هذه النتائج الضوء على مواطن الخلل فى جهاز المناعة، مما قد يساعد فى تحديد علاجات جديدة، وهو الأمر الذى ستظل لدينا حاجة إليه رغم تطوير لقاحات، كما يقول الدكتور كينيث بيلى الطبيب الاستشارى فى المستشفى الملكى بأدنبرة، والذى قاد مشروع "جينوميك". ويضيف "من شأن اللقاحات أن تقلل حالات الإصابة بكوفيد إلى حد كبير، لكن من المرجح أن يظل الأطباء يعالجون مصابين بالمرض داخل وحدة العناية المركزة لسنوات قادمة فى مختلف أنحاء العالم، لذا فإن هناك حاجة ماسة لإيجاد علاجات جديدة". خلايا "غاضبة" وفحص العلماء الحمض النووى للمرضى في أكثر من 200 وحدة عناية مركزة فى مستشفيات المملكة المتحدة. وقاموا بمسح لجينات كل شخص والتى تحمل التعليمات لكل عملية بيولوجية، بما فى ذلك كيفية مقاومة الفيروس. ثم قارنوا جينوم (مجمل المادة الوراثية أو الشريط الوراثى للشخص) هؤلاء بالحمض النووى لأشخاص أصحاء لتحديد أى فروقات جينية، وقد عُثر على عدد منها بالفعل، كان أولها داخل جين يسمى TYK2. ويشرح الدكتور بيلى قائلا "إنه جزء من النظام يجعل الخلايا المناعية أكثر غضباً وتسبباً فى حدوث التهاب". لكن إذا كان الجين معيبا، يمكن لهذه الاستجابة المناعية أن تكون زائدة، مما يُعرض المرضى لخطر التهاب مدمر فى الرئة. وتوجد فئة من العقاقير المضادة للالتهابات - والتى تستخدم بالفعل لحالات كالتهاب المفاصل الروماتويدى- تستهدف هذه الآلية البيولوجية، ومن بينها عقار يسمى باريسيتينب. "هذا يجعله مرشحاً لأن يكون علاجاً جديدا"، كما يقول الدكتور بيلى. ويضيف: "لكن بالتأكيد، نحتاج لإجراء تجارب سريرية واسعة النطاق لمعرفة ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا". نقص الإنترفيرون وعُثر على فروقات جينية كذلك فى جين يسمى DPP9 وهو يلعب دوراً فى الالتهاب، وجين آخر يسمى OAS الذى يساعد فى منع الفيروس من استنساخ نفسه. كما وُجدت تباينات فى جين يسمى IFNAR2 لدى مرضى العناية المركزة. ويتصل IFNAR2 بجزىء قوى مضاد للفيروسات يسمى إنترفيرون، والذى يساعد فى تشغيل جهاز المناعة بمجرد اكتشاف وجود عدوى. ويُعتقد أن نقص الإنترفيرون المُنتج يمكن أن يعطى الفيروس ميزة مبكرة، إذ يسمح له باستنساخ نفسه سريعاً مما يزيد شدة المرض. وأشارت دراستان حديثتان أُخريان نشرتا فى دورية العلوم إلى وجود صلة بين الإنترفيرون وحالات الإصابة بكوفيد، من خلال كل من الطفرات الجينية وخلل المناعة الذاتية الذى يؤثر على إنتاجه. ويقول البروفيسور جان لوران كازانوفا الأستاذ بجامعة روكفلر فى نيويورك والذى أجرى البحث "الإنترفيرون مسئول عن نحو 15% من حالات كوفيد 19 الحرجة المسجلة دولياً لدى دراستنا". ويمكن إعطاء الإنترفيون فى صورة علاج، لكن تجربة سريرية لمنظمة الصحة العالمية خلصت إلى أنه لم يساعد المرضى المصابين بإعياء شديد. غير أن البروفيسور كازانوفا قال إن التوقيت مهم للغاية. ويشرح قائلا "آمل أن يعمل الإنترفيرون إذا تم إعطاؤه خلال اليوم الثانى أو الثالث أو الرابع لحدوث العدوى، لأنه سيوفر الجزىء الذى لا ينتجه المريض بنفسه". "نظرة ثاقبة" تقول الدكتورة فانيسا سانشو-شيميزو، خبيرة الوراثة فى جامعة إمبريال كوليدج بلندن، إن الاكتشافات الجينية تقدم نظرة ثاقبة غير مسبوقة لبيولوجيا المرض. وأضافت متحدثة لبى بى سى نيوز: "إنه حقاً مثال للطب الدقيق، حيث يمكننا تحديد اللحظة التى تسوء فيها الأمور لدى شخص بعينه". وتضيف: "نتائج هذه الدراسات الجينية ستساعدنا فى تحديد مسارات جزيئية معينة يمكن أن تكون أهدافاً لتدخل علاجى". لكن الجينوم لا يزال يحمل بعض الألغاز. وكشفت دراسة "جينوميك" ودراسات عدة أخرى عن أن عنقود جينات فى كروموسوم 3 على صلة قوية بالأعراض الشديدة، غير أن الآلية البيولوجية التى يقوم عليها هذا الأمر لم تُفهم بعد. وسُيطلب الآن من المزيد من المرضى التطوع للمشاركة فى هذا البحث. ويقول الدكتور بيلى "نحتاج للجميع، لكننا حريصون بشكل خاص على مشاركة أفراد من الأقليات العرقية التى تزيد نسبتها بين المرضى ذوى الحالات الخطرة". وأضاف "مازالت لدينا حاجة ماسة لإيجاد علاجات جديدة لهذا المرض، ويتعين علينا القيام بالاختيارات الصحيحة بشأن العلاجات التالية، لأنه ليس لدينا وقت لارتكاب أخطاء".
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2