محمد نجم يكتب: لماذا تراجع الاهتمام بالأطفال؟

الرأى25-12-2020 | 20:49

رحم الله من رحل، وأطال عمر الأحياء من الرواد، الذين أسسوا «لأدب الطفل».. قراءة وسماعا ومشاهدة.. فقد كنا محظوظين حيث نشأنا على «إبداعات» كامل الكيلانى وعبد التواب يوسف، واستمعنا لبابا شارو، وأبلة فضيلة، وشاهدنا ماما سميحة ونجوى إبراهيم وبابا ماجد. نعم.. نحن الجيل الذى لحق «الكُتّاب» حيث حفظنا أجزاء عديدة من القرآن، ثم قرأنا سمير وميكى وتان تان، وعندما أضيفت لأعمارنا سنوات أخرى، تابعنا السلاسل المختلفة التى كانت تصدر للأطفال والشباب مثل «المكتبة الخضراء»، وسندباد، وأجمل الحكايات، ومكتبتى، ونساء حكمن العالم، والسندباد البحرى، ومغامرات عُقلة الصباع، ومؤخرًا «الألغاز» والقصص البوليسية للأطفال، والمغامرون الخمسة.. إلخ.. لقد كانت الدولة تهتم ب الأطفال ومن ثم نشطت المؤسسات المعنية بهم – وقتها – فكانت المسرحيات، والرسوم المتحركة، والبرامج الإذاعية والتليفزيونية، وعروض الأراجوز، بل كانت الصحف والمجلات تخصص صفحات وأبوابا مختلفة لكل ما يخص الأطفال من تعليم ومأكل وملبس ونوادر وحكم وأمثال.. إلخ أقول ذلك.. آسفا على ما أصبحنا عليه، بعدما استحضرت ما كنا فيه، وذلك بمناسبة المائدة المستديرة التى نظمها مركز توثيق وبحوث الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة الأسبوع الماضى، والتى حضرها جمع غفير من كُتّاب الأطفال والمترجمين والناشرين، وتحدث فيها كل من سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين ودار المعارف القومية، وكاتبة الأطفال المعروفة فاطمة المعدول ود. محمود حسن أستاذ الإعلام وثقافة الطفل بجامعة عين شمس، وأدارها د. أشرف قادوس مدير المركز. وقد بدأ سعيد عبده حديثه بإقرار «ليس لدينا استراتيجية لصناعة النشر»، ويكفى الإشارة إلى إلغاء معرض كتب الأطفال، الذى كان يقام سنويا من عشرات السنين، ذلك.. على الرغم من زيادة عدد دور النشر المتخصصة بكتاب الطفل، فلدينا حاليا بالاتحاد حوالى مائة ناشر، يصدرون سنويا من ألف إلى ثلاثة آلاف كتاب للأطفال. د. محمود حسن تحدث عن انخفاض نصيب الطفل المصرى من القراءة التى لا تزيد على عدة أسطر، مقارنة بحوالى 44 ألف كتاب للطفل تصدر فى الصين! بعض الناشرين تحدثوا عن ارتفاع تكلفة الطباعة والاشتراك فى المعارض، وغياب المؤلفين المتخصصين، فالكتابة للأطفال تختلف تماما عن الكتابة للكبار. الناشر محمد راضى أشار إلى أن أغلب دور النشر تمارس عملها بشكل عشوائى، باستثناء المكتبات المتخصصة فى كتب الأطفال. وانتهت المناقشات إلى ضرورة الاهتمام بالمحتوى والشكل وأن يتم دعم صناعة النشر والعودة للشراء المركزى من قبل الوزارات والجهات المعنية، مع ضرورة أن تتوائم الكتب المترجمة مع البيئة المصرية، وأن تكون هناك رؤية جديدة لقطاع النشر الورقى بعد اعتماد وزارة التربية والتعليم على الكتاب الإلكترونى (غير الورقى). لم تشف المائدة المستديرة وما دار فيها غليلى ولم تشبعنى، فواصلت البحث فى الموضوع، فاكتشفت أننا مازلنا نعتمد على ما كتب للأطفال منذ خمسين عاما، وأن السوق يعانى حاليا من نقص الإنتاج الجديد والجيد. ومع ذلك.. فهناك بعض الجهات المحترمة التى تواظب على متابعة الموضوع ومنها جامعة حلوان التى تنظم مؤتمرًا سنويًا حول أدب الطفل من خلال مركز البحوث بمكتبتها العامة، ومنذ خمسة عشر عاما على التواصل، وقد طالب المؤتمر الأخير بإعادة مهرجان «القراءة للجميع» وطبع وتوزيع كتب الأطفال بأسعار مناسبة، وإنشاء مجلس أعلى للطفولة. ولكن الذى أسعدنى أننى وجدت بعض الجهات أعدت «موسوعات» متخصصة حول الأطفال وما يكتب لهم، فقد أصدر محمود قاسم «موسوعة» أدب الطفل فى الوطن العربى»، وأعدت الهيئة العامة للكتاب «قاعدة بيانات» عن الكُتّاب المتخصصين للأطفال، كذلك قام مركز فنون الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة بتوثيق كل ما كتب عن الأطفال من سلاسل مختلفة أصدرتها دور النشر المصرية. كذلك أصدرت جامعة حلوان موسوعة «كتاب أدب الأطفال فى مصر» فى الفترة من 1870 – 2018، وضمت حوالى 300 مؤلف بلغت أعمالهم حوالى 13 ألفا و250 عملا إبداعيا للأطفال. كما رتّبت دور النشر المصرية طبقا لحجم اهتمامها بذلك فاحتلت دار المعارف المرتبة الأولى، وتلتها مكتبة مصر، ثم هيئة الكتاب، ونهضة مصر.. وفيما يتعلق بحجم الأعمال احتل عبد التواب يوسف رأس القائمة، ومن بعده محمد عطية الإبراشى، ثم كامل الكيلانى ويعقوب الشارونى وآخرون. ومن الكُتّاب الجدد محمود سالم، ومحمد برانق، ومحمود قاسم وآخرون. ولكن يبقى السؤال: هل تراجع الاهتمام بالطفل بسبب انشغال الأطفال بما يشاهدونه على شبكة النت من خلال شاشات الكمبيوتر والتليفونات المحمولة؟ أم أن تراجع الاهتمام.. دفع الأطفال للبحث عن وسائل وأماكن أخرى للمتابعة والقراءة والمشاهدة؟.. أُذكِّر أن أطفال اليوم هم شباب الغد ورجال المستقبل. حفظ الله مصر وألهم أهلها الرشد والصواب

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2