ماجد بدران يكتب: الهيمنة الصينية على العالم «2»

غير مصنف1-1-2021 | 14:02

خلال الأشهر الماضية تبادلت الولايات المتحدة والصين الاستفزازات، وابتعد الطرفان عما تقتضيه اللياقة الدبلوماسية، وجاءت جائحة كورونا لترفع مستوى التوتر وبات تعبير "حرب باردة جديدة" أكثر شيوعًا، وانتشرت قناعات أن بكين توسع نفوذها، وتخطط لتحويل الصين إلى أول قوة عسكرية منتصف القرن الحالى، رغم أن ميزانية الدفاع الصينية الحالية 170 مليار دولار لا تزال بعيدة عن الأمريكية التى تبلغ 700 مليار دولار، إلا أن بكين تزيد من ميزانية الدفاع بشكل منهجى سنويًا. وتخوض الصين نزاعات حول الحدود وحق السيادة، كان أعنفها مع الهند مؤخرًا، وحدث اشتباك بين الجارتين النوويتين أثار توترًا كبيرًا فى العلاقات، كما زادت مطالبات الصين بالسيادة على غالبية بحر الصين الجنوبى ببناء جزر صناعية وإقامة قواعد عسكرية، وإجراء مناورات بحرية قرب جزر باراسيل، وهو الأرخبيل الواقع فى بحر الصين الجنوبى وتطالب فيتنام وتايوان بالسيادة عليه. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعربت عن قلقها إزاء هذه المناورات وأنها ستؤدى لمزيد من زعزعة الاستقرار فى المنطقة، كما أعلنت اليابان أن قاذفات صينية تحلق فوق جزر مأهولة يتنازع البلدان السيادة عليها بعد إطلاق طوكيو حملة لتغيير اسمها. وصرّح قائد القوات الأمريكية فى اليابان الجنرال كيفن شنايدر أن الجيش الأمريكى سيساعد اليابان فى مراقبة عمليات التوغل الصينية غير المسبوقة حول جزر فى بحر الصين الشرقى وتسيطر عليها طوكيو، وتطالب بكين بالسيادة عليها. وتتعهد واشنطن بمساعدة طوكيو فى الدفاع عن الجزر فى مواجهة أى هجوم. وفى ظل تصاعد الصراع الاقتصادى بين بكين وواشنطن، كشف مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطانى فى تقريره السنوى لآفاق النمو لـ 193 دولة عن أن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة كأكبر قوة اقتصادية على المستوى العالمى بحلول عام 2028، أى قبل خمس سنوات مما كان متوقعًا فى 2019، وذلك بعد أن تمكنت من تجاوز محنة جائحة كوفيد- 19 بتفوق. ومن المتوقع أن تحقق نموًا اقتصاديًا بنسبة 2% العام الحالى، وتوقع المركز انكماش الولايات المتحدة بنسبة 5%. وبالتالى فإن الصين ستعمل على تضييق الفجوة مع أكبر منافس لها. وقد زادت حصة الصين من الناتج الإجمالى العالمى من 3.6% عام 2000 إلى 17.8% عام 2019 ومن المتوقع أن يستمر فى النمو. الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن لديه استراتيجية واضحة لمواجهة التنين الصينى لخّصها قائلاً: تمثل الصين تحديًا خاصًا، لقد قضيت ساعات طويلة مع القادة الصينيين، وأفهم ما تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تسعى الصين لتوسيع رقعة انتشارها فى جميع أنحاء العالم وتعزيز نموذجها السياسى الخاص بها، كما أنها تسعى للاستثمار فى التقنيات المستقبلية. وفى الوقت الذى كان يرى فيه ترامب أن الواردات من الحلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبى تمثل تهديدًا للأمن القومى ولذا قام بفرض تعريفات جمركية على تلك الدول، الأمر الذى يراه بايدن يعيق قدرة الولايات المتحدة على مواجهة التهديد الاقتصادى الحقيقى الذى تمثله الصين، ولمواجهة التهديد الاقتصادى الصينى لابد أن تتضافر الجهود الأمريكية مع جهود حلفائها الديمقراطيين. والولايات المتحدة ليست بحاجة لأن تكون أكثر صراحة مع الصين، لأن بهذه الطريقة ستستمر الصين فى سرقة التكنولوجيا والملكية الفكرية من الشركات الأمريكية، وستستمر فى تقديم الإعانات لمنح الشركات المملوكة للدولة ميزة غير عادلة، الأمر الذى يدعم هيمنة تلك الشركات على تقنيات وصناعات المستقبل. إن الطريقة الأكثر فعالية لمواجهة هذا التحدى هى بناء جبهة موحدة من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة لمواجهة السلوكيات وانتهاكات حقوق الإنسان فى الصين، وبالنظر إلى حقيقة أن الولايات المتحدة تمثل بمفردها ربع الناتج المحلى الإجمالى العالمى، فعندما تتحد مع الديمقراطيات الحليفة ستتضاعف القوة المشتركة لهم، وهنا لن تستطيع الصين تجاهل أكثر من نصف الاقتصاد العالمى، وهذا يمنحنا نفوذًا كبيرًا لتشكيل قواعد النظام العالمى فى كل شىء بدءًا من البيئة إلى العمل والتجارة والتكنولوجيا، الأمر الذى يعكس القيم والمصالح الديمقراطية. وللحديث بقية فى المقال القادم
    أضف تعليق

    المنتدى الحضري العالمي شهادة دولية للدولة المصرية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين

    الاكثر قراءة

    تسوق مع جوميا
    إعلان آراك 2