حسام عبد القادر يكتب: السفر وسنينه «6» ثقافة الاختلاف

غير مصنف4-1-2021 | 09:23

قال الله عز وجل في كتابه الكريم: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" الآية 13 من سورة الحجرات. هذه الآية هي منهاج حياة في كثير من الأمور وخاصة لمن يريد السفر، لأنك سوف تقابل أشكالا وألوانا مختلفة من البشر يجب أن تعلم أنك ليس أفضل منهم ولا هم أفضل منك، ولكن كما ذكرت في الآية "إن أكرمكم عند الله هو أتقاكم". ويجب هنا أن نتعلم ثقافة الاختلاف، وهي ثقافة مهمة جدا ندعو لها غالبا ولا نطبقها مع الأسف، فالاختلاف سمة أساسية للبشر، ولذلك أدعوك للتأمل، تأمل كل من يختلف عنك وافهم طبيعة هذا الاختلاف، فإذا رأيت امرأة في أمريكا أو أوروبا تلبس الساري الهندي ذا الألوان المرزكشة والمتعددة كاشفة بطنها، فأعلم أن هذه المرأة تحافظ على تراثها وثقافتها، وأنها متمسكة بعاداتها وتقاليدها خارج بلدها وهو شيء يدعو للإعجاب. وأعلم أن اطلاق لفظ "أسود" على إنسان ذي بشرة سمراء هو عنصرية، وليس وصف كما يظن البعض بحسن نية، وأن السخرية والهزار لا يصلحون مع مجتمع لا يفهم ماذا تعني، فإذا قلت لإنسان "أنا حاموتك" كنوع من الهزار قد يطلب لك البوليس وتجد نفسك معتقلا بجريمة لأنك هددت شخص بالقتل. لا يجب أبدا أن تسخر من عادات وتقاليد مختلفة عن عاداتك وتقاليدك مهما كانت غريبة بالنسبة لك، فتأكد أن عاداتك التي تراها طبيعية جدا هي غريبة جدا بالنسبة لهم أيضا، فهل تعلم مثلا أن هناك دولا تتعجب جدا أننا نأكل الحمام والأرانب. وتمسك بدينك كما تحب وهو شيء نبيل، ولكن لا تفرضه على الآخرين بل اجعل نفسك قدوة دون أن تقلل من شأن الآخرين من الأديان الأخرى، أو من آخرين من نفس ديانتك ولكن يختلفون عنك في تفاصيل وطبيعة ممارسة الدين. ليس معنى أن مجتمعات الغرب يوجد داخلها فئة "شواذ" أو "مثليين" أن كلهم كذلك، وليس معنى أن بعضهم يشرب الخمر أنهم فاسدون، قد تجد هؤلاء الفاسدين أكثر حرصا وتمسكا بالقيم والمبادئ عن غيرهم. إن لم تكن على استعداد فعلي لتقبل الاختلاف بهذا الشكل وأن تعيش وسط بيئات متنوعة ومختلفة لا أنصحك أن تسافر، لأنك ستعاني كثيرا وسوف تضطر أن تغلق على نفسك وتكون معزولا، وهو حال كثيرين بالمناسبة داخل أوروبا وأمريكا. ونلتقي في المقال القادم.
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2