دار المعارف - مى هارون
انتشرت خلال الفترة الأخيرة، ظاهرة فقد حاستى الشم والتذوق ، وكثرت التساؤلات عن سبب ذلك، وعلاقة هذا العرض
بوباء الكورونا المنتشر حالياً.
ويجيب عن تلك التساؤلات أ.د. حاتم بدران، أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب القصر العيني ، قائلا أن فقد حاسة
الشم وحدها أو مع فقد حاسة التذوق عرض أساسي من أعراض الكورونا، وحالياً يعتبر ذلك وسيلة التشخيص الأدق
للمرض في العالم كله، وهو أدق من المسحة "نسبة حساسيتها ٦٤% فقط"، وقبل أشعة الصدر "لا يظهر فيها أي شئ إلا
في مرحلة متقدمة من المرض"، كما يعد ذلك أدق من كل تحاليل الدم "التي ليس لها دور في تشخيص الكورونا، لكن
دورها هو متابعة تطور الحالة في المرضى المصابين بالفعل"، وكذلك أيضاً شم رائحة كريهة غير موجودة، أو تغير
رائحة المواد المعروفة، أو تغير مذاق الطعام، فكلها من أعراض فيروس كورونا الأساسية، والذي يؤثر مباشرة على
عصب الشم.
وأضاف بدران أنه من المعروف أن التهابات الجيوب الأنفية وحساسية الأنف، لا يسببان فقد الشم ولا التذوق، لكن توجد
بعض الأمراض في الأنف يمكن أن تتسبب في فقد أو ضعف حاسة الشم وليس التذوق، مثل أورام المخ أو الأنف، أو
وجود لحمية ضخمة تمنع تماماً وصول الهواء لعصب الشم، ويكون فقد الشم في هذه الحالات تدريجياً "وليس مفاجئاً مثلما
يحدث مع مصابي كورونا"، ويسبقه أعراض أخرى كتيرة، بحيث يكون فقد الشم وقتها آخر الأعراض ظهوراً.
وأوضح يجب علاج أي عصب في الجسم علاجاً فورياً، حيث يحدث تجديد في أنسجة الجسم في حالة حدوث أي مشكلة،
ولكن يصعب ذلك في الخلايا العصبية، ولذلك فالوقت عامل حاسم في التعافي، واليوم الواحد يفرق مع المريض في سرعة
عودة الحواس، وفي معدل شفاء العصب، وفي حالة فقد حاسة الشم والتذوق، يجب علاجهم بشكل قوي جداً وسريع،
للحفاظ على عصب الشم من الفقد الدائم.
وحذر بدران من نصح أي مريض فقد الحواس بالانتظار، بهدف رجوع الحواس تلقائياً، لأن ذلك يحرم المريض من
فرصة التعافي الكامل السريع، بل يؤدي لتطور درجة الإصابة لدرجة متوسطة أو شديدة، بحيث قد يحتاج الدخول للعناية
المركزة، كما حذر من الانصياع للنصائح الغير علمية، من قبيل مضغ البصل، أو وضع زيت أو خل في الأنف، فكلها
خرافات ويمكن أن تدمر أنسجة الأنف للأبد.
وأكد بدران، أنه لا وجود لما يسمى ببروتوكول علاج الكورونا لكل الحالات، فكل حالة لها طريقة علاج خاصة بها،
تتحدد بناء على عدة عوامل، منها سن المريض وحالته وجنسه ونوع الأعراض وشدتها ومدتها، وعلى الحالة الصحية
العامة وعوامل أخرى، فتعاطي المريض ما يسمى بالبروتوكول دون فحص من قبل طبيب متخصص، يتسبب في
مضاعفات كثيرة قد تصل للوفاة، وكذلك الإفراط في استخدام ما يسمى بأدوية الكورونا من غير المصابين، يؤدي لحدوث
مقاومة للأدوية وضعف فعاليتها وقت الاحتياج الفعلي لها، هذا بخلاف الآثار الجانبية المتوقعة للاستخدام الطويل للأدوية.
وأوضح علاج فقد حاسة الشم ليس دوائياً فقط، بل أدوية وتعليمات وتدريبات لعصب الشم، فأي مريض فقد الشم يجب أن
يبدأ العزل، ولا يخرج من بيته حماية له من زيادة العدوى، وحماية للمجتمع من نشر العدوى، فكورونا مرض خطير جداً
ويجب التعامل معاه بعلم وحكمة، والتشخيص المبكر والعلاج السليم هما الأساس للشفاء التام السريع، دون حدوث أي
مضاعفات.
[caption id="attachment_598061" align="aligncenter" width="438"]
د. حاتم بدران[/caption]