أمل محمد أمين تكتب : لا سحر ولا شعوذة

غير مصنف8-1-2021 | 20:57

اعتقدت بعد وفاة والدي انه من المناسب ان ادعو اختى الى مشاهدة فيلم في السينما، ربما خفف هذا عنها بعض حزنها على والدي كان في هذا الوقت أشهر ما عرض فيلم “الفيل الأزرق” في جزئه الثاني، وبطبيعة الحال كان لا بد من مشاهدة الجزء الأول قبل حضور الجزء الثاني، فشاهدناه معا على الانترنت وكلي ثقة انه سيحمل رسائل مفيدة للمجتمع نظرا للشهرة الغير عادية التى حظى بها الفيلم، الذي كان يحكي قصة الطبيب الشاب يحيى الذي تسبب في مقتل عائلته بحادث سيارة كان يقودها الطبيب وهو مخمور، مات الجميع في الحادث وعاش يحيي مدمنا لكل أشكال المخدرات ومنها حبة الفيل الازرق المعروفة بتأثيرها المدمر على الجهاز العصبي وتسببها في هلاوس سمعية وبصري، ويعود يحيى إلى عمله في المصحة النفسية التي كان يعمل بها وتبدأ مجموعة من الأحداث الغريبة تنتهى بظهور" نائل" الجني الأسود الذي دمر حياة كل من عاش بداخله أو "ألتبسه" على مر العصور، وينتهي الفيلم بحبكة درامية مفادها ان نائل لم يمت بل استقر داخل يحيي تمهيدا للجزء الثاني من الفيلم. لست بصدد تقييم الحبكة الدرامية للفيلم وهي جذابة وتشد انتباهك من بدايته حتى نهايته ولكن للأسف كرس الفيلم لفكرة العالم السفلي والتباس الجن بالإنسان وسيطرته عليه عن طريق السحر، وهل يعقل أن يعمق عمل درامي بهذا الحجم الشعوذة التي تأخذ بالفعل من جيوب المصريين الكثير فمصر تنفق سنويًا على أعمال السحر والشعوذة ما يتراوح بين 10- 25 مليار جنيه سنويًا، لفك الأعمال والسحر الأسود، وفق إحصاء المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في الربع الأول من 2020 . وفي حياتنا إذا أصغيت السمع ستجد چدران البيوت في الحواري والأزقة وقصور الأثرياء متشبعة بحكايات السحر فتلك فقدت زواجها لأنها معمول لها عمل، وهذا فقد عمله وضاع مستقبله بسبب السحر، وروايات لا تنتهي عن آنسات أصابتهن العنوسة أيضا لأن هناك قوى خارقة وقفت أمام حياتهم الطبيعية، هي قصص أقرب للخيال وغير واضحة بعضها موثق وبعضها مجرد ثرثرة لإضافة الإثارة على حياة يشوبها الملل أحيانا، لكن إذا أردت أن تعرف مقدار ما يأخذه السحر من حياتنا فعليك بالمقابر وهناك ستجد العديد من الصور لأشخاص وأوراق مملؤة بالطلاسم والكلمات الغير مفهومة المكتوبة بالدم أو بالحبر العادي. دون شك لا يمكن إنكار وجود السحر فهو مذكور في القرأن الكريم يقول الله تعالى" وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ". لهذا نقع دائما في فخ الشك واليقين هل السحر حقيقة يجب التعامل معها أم مجرد وهم وإذا كان حقيقة فما هي أعراض المصاب بالسحر؟ بدأت أبحث قليلا عن الحقيقة بين ثنايا الحكايات التي يحكيها البعض ولاحظت أن هناك نوعين من المعالجين لمن أصابه السحر اذا وجد.. النوع الأول يستخدم القرأن الكريم ومياه زمزم للعلاج ولا بأس عليه فهو لا يؤذي وقد يفيد، والثاني وهو النوع الخطير يستخدم الوهم ليخدع ضحيته ليسلبها المال وأحيانا تخرج الأمور عن السيطرة فتفقد الضحية حياتها وأحيانا شرفها. ختاما أن الله كما خلق الداء خلق الدواء فلكل مرض علاج وأذا كان السحر حقيقة فيجب التعامل معه على هذا النحو وتوعية الناس في كيفية التعامل معه ولا يمكن إنكار وجوده أو ايمان بعض فئات المجتمع به، فإذا كانت الحال هكذا فلماذا لا يتم الاعتراف بوجوده شرعيا ورسميا وتدريب أو تهيئة مجموعة من طلاب الأزهر الشريف للتعامل مع من يعتقد أنه مصاب بالسحر بدلا من أن يصبح الناس عرضة للنصابين والدجالين، وهنا يحضرني ما قاله الشيخ "محمود شلبي" أمين لجنة لفتوى بدار الافتاء المصرية أن الإنسان المصاب بالسحر يشعر بالتثاقل بالجسد وهذا يزول بالهمة والصلاة والعبادة، وأن تأثير السحر يكون طفيفًا ولا يحدث ما يتخيله بعض الناس من وقف الحال وضياع المال وهلاك الأموال، ونصح من يشعر أنه مسحور بقراءة الرقية الشرعية بدلًا من الذهاب لمن يفك السحر والوقوع في براثن الاحتيال والشعوذة.
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2