«اقتحام الكونجرس» .. نهاية سوداء لحقبة ترامب

«اقتحام الكونجرس» .. نهاية سوداء لحقبة ترامب«اقتحام الكونجرس» .. نهاية سوداء لحقبة ترامب

غير مصنف9-1-2021 | 14:12

لم يكن يوم الأربعاء الموافق السادس من يناير، يومًا عاديًا فى تاريخ الولايات المتحدة، حيث تابع الملايين حول العالم مشاهد غير مسبوقة لما أُطلق عليه «ليلة الفوضى» فى واشنطن، واقتحام مبنى الكونجرس من قبل أنصار ترامب، وهو الأمر الذى لم يحدث منذ أكثر من 200 عامًا. وجاءت هذه الأحداث المؤسفة والمشاهد غير المألوفة لتضع كلمة النهاية لمحاولات ترامب للاستمرار فى البيت الأبيض، وهى المحاولات التى بدأها منذ ظهور نتيجة التصويت. دار المعارف _ روضة فؤاد كان ترامب أعلن منذ اللحظة الأولى رفضه نتيجة الانتخابات، ورفعت حملته نحو 60 دعوى قضائية فى المحاكم للتشكيك فى نتائج الانتخابات، بالإضافة لمطالبات إعادة فرز الأصوات فى عدة ولايات. وعلى الرغم من ذلك، استمر ترامب فى تصريحاته التى أكد فيها أنه لن يكون هناك انتقال سلمى للسلطة، ولم يكتف بذلك، حيث وضع عراقيل أمام فريق بايدن خلال المرحلة الانتقالية، فى صورة شكلت سابقة فى السياسة الأمريكية. وجاءت الأحداث المؤسفة التى وقعت الأربعاء الماضى لتكون بمثابة نهاية ترامب الحقيقية فى عالم السياسة، خاصة بعد تحريضه لأنصاره بشكل غير مباشر لاقتحام الكونجرس، والضغط لرفض النتائج. وعلى الرغم من انتهاء أزمة اقتحام أنصار الرئيس ترامب لمبنى الكونجرس سريعًا بعد إخلاء المبنى، ثم تصديق الكونجرس على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس بأغلبية أصوات المجمع الانتخابى، إلا أن مشهد الفوضى الذى حدث لن يمر كحدث عادى، فأحداث العنف ومشاهد الفوضى، والتى جعلت الرئيس بايدن يخرج فى خطاب داعيًا ترامب إلى الظهور على التليفزيون الوطنى للمطالبة بإنهاء هذا الحصار- على حد وصفه- ستظل عارًا يلاحق الديمقراطية إلى الأبد. وقد انهالت الانتقادات على ترامب سواء من قبل حلفائه الغربيين، وفى داخل الولايات المتحدة من كبار الجمهوريين، والرؤساء السابقين، الكل هاجم وشجب وندد بأحداث الفوضى غير المسبوقة، والتى تسبب فيها ترامب وأنصاره، حيث عبر حلفاء الولايات المتحدة عن صدمتهم، وندد «بوريس جونسون» رئيس الوزراء البريطانى بما وصفه «مشاهد مخزية»، فيما حض «هايكو ماس» وزير الخارجية الألمانى أنصار ترامب على «التوقف عن دهس الديمقراطية»، كما اعتبر الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» أن ما حدث فى واشنطن «ليس أمريكيًا بالتأكيد». أما خصوم واشنطن، فاستغلوا الظرف لانتقادها مجددًا، وقال الرئيس الإيرانى حسن روحاني إن الديمقراطية الغربية هشة وضعيفة، محذرا من صعود الشعبوية بعد الاضطرابات التى أثارها أنصار ترامب فى مبنى الكابيتول. وفى الداخل الأمريكى، أصدر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما بيانا، ندد فيه باقتحام أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لمبنى الكونجرس، فى محاولة لعرقلة المصادقة على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، وقال أوباما فى البيان الذى نشره على حسابه الرسمى بموقع «تويتر»، إن ما جرى فى مبنى الكابيتول ليل الأربعاء مخز لكنه غير مفاجئ . وكتب أوباما: «إن التاريخ سيذكر بحق أن العنف الذى وقع فى مبنى الكابيتول، جرى بتحريض من الرئيس الحالى الذى استمر فى الكذب بشأن نتيجة الانتخابات القانونية»، وأضاف أوباما، الذى طالما كانت علاقته بترامب متوترة، أن «التاريخ سيذكر هذه اللحظة باعتبارها مخزية وعارا على أمتنا»، وتابع: «لكننا سنخدع أنفسنا إذا تعاملنا على ما حدث على أنه مفاجأة تامة». من جانبه، شن الرئيس الأسبق الجمهورى جورج بوش، هجومًا عنيفًا على القادة الجمهوريين الذين أججوا حالة التمرد التى شهدها مبنى الكابيتول، وقال بوش إن «ما حدث يليق بـجمهوريات الموز، وليس بجمهوريتنا الديمقراطية»، وأضاف: «لقد هالنى السلوك غير المسئول لبعض القادة السياسيين منذ الانتخابات وقلة الاحتـرام التى ظهرت اليوم تجاه مؤسساتنا وتقاليدنا وقواتنا الأمنية». وفى نفس السياق، قال السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز إن ترامب دخل التاريخ باعتباره أسوأ رئيس وأشدهم خطورة، وحمل ترامب المسئولية المباشرة عن الفوضى، أما هيلارى كلينتون المرشحة السابقة للرئاسة فوصفت مقتحمى الكونجرس بإرهابيين هاجموا أحد أهم أسس الديمقراطية الأمريكية، ودعت للعمل على ترسيخ أسس القانون فى واشنطن، واعتبر وزير الخارجية مايك بومبيو أن العنف الانتخابى لا يمكن التساهل معه سواء فى الداخل أوالخارج، وقال المدعى العام الأمريكى إن ما حدث فى الكونجرس اعتداء غير مقبول على الدستور. «مجرم البيت الأبيض» هكذا وصف النائب الديمقراطى وليام باسكريل ترامب، قائلًا: «نشهد محاولة انقلاب بتشجيع من مجرم البيت الأبيض، لكن المحاولة محكوم عليها بالفشل»، وقالت النائبة ديانا ديجيتى «هذه ليست تظاهرة، إنها محاولة انقلاب»، منددة «بالفوضى التى خطّط لها رئيسنا». واعتبر السيناتور الجمهورى ميت رومنى أن ترامب هو سبب هذه الفوضى. من جهة أخرى، اتخذت منصات التواصل الاجتماعى مثل تويتر وفيس بوك موقفًا حادًا تجاه ترامب بعد تحريضه على اقتحام الكونجرس، حيث علق تويتر حساب ترامب لمدة 12 ساعة عقــــــــــب اقتحام الكونجرس وحذف تغريداته، أما فيسبوك فأعلن أنه سيمنع صفحة ترامب من وضع منشورات لمدة 24 ساعة بسبب انتهاكات لسياسة الموقع، كما أفاد رئيس إنستجرام بأن الموقع سيعلق حساب الرئيس المنتهية ولايته 24 ساعة، وفى وقت سابق، حذف فيسبوك ويوتيوب، تسجيلا مصورا للرئيس دونالد ترامب واصل فيه تقديم مزاعم بلا سند بأن الانتخابات قد زورت. وبعيدًا عن التصريحات الرسمية، يبقى من المهم متابعة تحليلات الصحف والمواقع العالمية لما حدث، فبالإضافة إلى الهجوم الشديد الذى شنته تلك الصحف، تناولت مقالات عديدة تأثير أحداث العنف والفوضى على مستقبل ترامب والسياسة الأمريكية بشكل عام، فكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» فى العنوان الرئيسى «الغوغاء اقتحموا الكابيتول بتحريض ترامب»، وقالت الصحيفة العريقة فى افتتاحيتها إن ترامب هو المسئول عما جرى فى البرلمان الأمريكى، وأضافت أن الرئيس المنتهية ولايته ومساعديه فى الكونجرس هم الذين حرضوا على الهجوم العنيف، مؤكدة أن هذا شيئا لا يمكن التسامح معه، ودعت الصحيفة إلى محاسبة ترامب وحتى عزله عن الحكم، مع أنه لم يتبق له سوى أيام معدودة فى البيت الأبيض، كما حثت على محاكمته جنائيا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أنصاره الذين اقتحموا البرلمان. وفى نفس السياق، كتبت صحيفة «واشنطن بوست»: «الغوغاء المؤيدون لترامب اقتحموا مبنى الكابيتول»، كما اتهمت ترامب أيضًا بالمسئولية عما حدث، ودعت إلى عزله عن منصبه فورا. وقالت صحيفة «يو إس إيه توداى» فى افتتاحيتها، إن الذى حدث فى الكونجرس أمر لا يمكن تصديق حدوثه فى الديمقراطيات الراسخة ولا تلك الوليدة، وجاءت الافتتاحية بعنوان: «ترامب يتسبب فى المذبحة التى تعهد بوقفها»، ووصفت الصحيفة ما جرى فى مبنى الكابيتول بعد اقتحامه من طرف أنصار ترامب بـ «المشاهدة المرعبة، التى جلبت الخزى والإحراج للأمة الأمريكية»، ورأت أنه «فى أمريكا المنقسمة على ذاتها، يفترض أن تؤدى أحداث الكونجرس إلى توحيد الأمريكيين»، وقالت إن الولايات المتحدة «تحولت من منارة للحرية إلى نموذج مروع من الاعتلال الوظيفى». وأضافت: «مبروك سيد ترامب. لقد جعلت مدينتنا المشرقة رمزا للعار الوطنى». وفى مقال بصحيفة «التايمز» البريطانية بعنوان «ترامب دنس التقاليد السياسية الأمريكية، وسيكون ذلك إرثه الدائم»، قال كاتب المقال إنه يوجد ما يلزم جورج واشنطن بترك منصبه فى عام 1797 بعد فترتين كرئيس، حيث لم يتم التصديق على التعديل الثانى والعشرون الذى يقصر الرئيس بفترتين حتى عام 1951، لكنه كان مصمما على أنه لن يكون «الملك» الذى اتهمه منتقدوه بأنه يتطلع إلى أن يكون، مضيفًا أنه بعد أكثر من 200 عام، لا يزال هذا القرار يعتبر أحد أعظم أعمال واشنطن وأحد أهم الأعمال فى تأسيس البلاد كديمقراطية دستورية. ورأى الكاتب إن دونالد ترامب اليوم أخفق فى التنازل عن منصبه طوعا وبكياسة وكرامة، وشجع أعمال عنف بدلاً من محاولة إخمادها، وتابع قائلًا «بينما يبقى إرث جورج واشنطن هو أفعاله القيادية وترك جمهورية قوية، سيُذكر ترامب لتقصيره فى أداء الواجب والطريقة التى أضعف بها الجمهورية التى كان من المفترض أن يخدمها». وأشار الكاتب إلى أن كل الرؤساء الأمريكيين قاموا بواجبهم كما فعل واشنطن: احتفظوا بالسلطة وفقا للقواعد ثم تنازلوا عنها بدماثة عندما حان الوقت لذلك، مع الالتزام بالقانون والدستور، ولكن ترامب دنس هذا التقليد وألحق به العار وسيكون إرثه. وأضاف أنه قبل اقتحام مبنى الكابيتول، كان ميتش مكونيل، زعيم الأغلبية فى مجلس الشيوخ الجمهورى، قد أدلى بكلمة رائعة، وذكر بوضوح أن الانتخابات الرئاسية لم تُسرق وأن السباق الانتخابى لم يكن متقاربا. وختم الكاتب مقاله قائلًا: إن مؤيدى ترامب فى الحزب الجمهورى يرون ما قاله مكونيل خيانة، وبهذا يكون ترامب قد نجح أيضا فى إحداث انشقاقات داخل حزبه، مضيفا ذلك إلى إرثه الرئاسى. وفى مقال تحليلى بصحيفة «الديلى تليجراف» كتب «لنيك ألين» من واشنطن إن صور الحشود الغاضبة التى تقتحم مبنى الكابيتول الأمريكى ستلوث إلى الأبد إرث دونالد ترامب وتمثل واحدة من أحلك اللحظات فى التاريخ السياسى الحديث لأمريكا، مضيفًا أنه بينما تسلق أنصاره جدران المعقل المقدس للديمقراطية الأمريكية، أصيب العديد من الأمريكيين الذين كانوا يشاهدون على شاشات التليفزيون فى جميع أنحاء البلاد بالصدمة والفزع والاشمئزاز. ورأى الكاتب أن الولايات المتحدة المنقسمة بشدة ستجد التعافى من هذه الانقسامات أمرا عسيرا ومنهكا، مضيفًا أنه بالنسبة للكثيرين بدا الأمر وكأنه فتنة، ومحاولة انقلاب، وأخفق ترامب فى إيقافها، بل وشجعها. [gallery size="large" td_select_gallery_slide="slide" ids="602527,602529"]
    أضف تعليق

    المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2