محمد رفعت يكتب: معارك «الدراماتورجي» الصحفية!
لم يكن السيناريست الكبير الراحل وحيد حامد مجرد «دراماتورجي» كبير، جمع فى أفلامه بين الجمال الإبداعى والقيمة الفنية والبعد السياسى والاجتماعى والنجاح الجماهيرى فى حالة نادرة على السينما المصرية، لكنه أيضًا كان محاربًا من طراز فريد وعنيد، نذر قلمه ووقته للدفاع عما يؤمن به من أفكار ومحاربة الجهل والتخلف والإرهاب.
ولم يأبه الفنان الكبير بالتهديدات التى كانت تصله بانتظام من طيور الظلام، والتى وصلت إلى درجة وضعه أكثر من مرة على قائمة الاغتيالات من جانب الجماعات الإرهابية المحسوبة ظلمًا وقهرًا على الإسلام، وذلك بسبب الأعمال القيمة التى قدمها لفضح تلك الجماعات ومن أهمها مسلسلا «العائلة» و «الجماعة» بجزئيه الأول والثاني.
ولم يكتف وحيد حامد فى حربه الفكرية ضد الإرهاب والإرهابيين بأعماله الفنية فقط، لكنه كتب العديد من المقالات الجريئة فى العديد من الصحف والمجلات ليحذر منهم ومن الطابور الخامس الذى يساندهم ويعمل لحسابهم فى الخفاء، وكان حريصًاعلى كشفهم للرأى العام فى الوقت الذى لم يتورع فيه بعض كبار المثقفين والفنانين عن مهادنتهم.
ووجه الكاتب الكبير فى العديد من الندوات والحوارات التليفزيونية والصحفية، العديد من الانتقادات لتيارات الإسلام السياسى، سواء جماعة الإخوان أو السلفيين، مؤكدًا أن السلفيين أخطر على مصر من الإخوان، فلن ننسى التاريخ عندما قالوا إنهم سيهدمون التماثيل لأنها (أصنام)، ولن ننسى أنهم قالوا ألا يقف الناس عند تحية العلم، مضيفًا «مين كان فى رابعة مع الإخوان؟.. السلفيين».
وقال وحيد حامد، فى حوار تليفزيونى عام 2015، إن مصر كانت أول من ينشر وسطية الإسلام، لكن محاربة دور الأزهر الشريف أدى لتراجع نشر الأفكار الوسطية الصحيحة، مشيرا إلى أن السلفيين لا يختلفون عن داعش، جماعة الإخوان والسلفيين هم أصل البلاء لأنهم مارسوا كل الشرور وحرّموا بعض الأشياء على الناس.
ووهب وحيد حامد قلمه الجريء للدفاع عن صورة مصر وشن حملة كبيرة على المخرج يوسف شاهين فى نهاية الثمانينيات، بسبب فيلمه الروائى القصير «القاهرة منورة بأهلها»، وهو فيلم من إنتاج التليفزيون الفرنسى يتناول ما يمكن أن نسميه مشاهد من «جغرافية الفقر فى المدينة»، ويبدأ الفيلم بمشهد العمال الذين يجلسون فى ميدان الجيزة يحملون معاول الهدم من أزاميل ومطارق ومستعدين للعمل فى أى شىء، ويمر على أطياف مختلفة من حياة عزب الصفيح والأحياء الشعبية وتجريف الأرض الزراعية والأحياء المزدحمة الغارقة فى مياه الصرف الصحي.
أما آخر معاركه الصحفية، فكانت مع المسئولين عن أحد مستشفيات علاج السرطان الشهيرة، والتى كتب عنها مقاله الجريء الذى وصل به لساحات القضاء، بعنوان: «57357.. مستشفى آل أبو النجا»، وينتقد فيه الحملات الإعلانية المكثفة التى يقوم به المستشفى.