3 سيناريوهات بعد «الفوضى» بأمريكا
3 سيناريوهات بعد «الفوضى» بأمريكا
«تابع العالم فى صدمة مشهد غير مسبوق بالولايات المتحدة، لاقتحام المتظاهرين المؤيدين للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب لمقر الكونجرس الأمريكى (الكابيتول) فى محاولة لمنعه عن التصديق على فوز الرئيس الديمقراطى جو بايدن، وهو الأمر الذى يلقى بظلاله على المستقبل الأمريكى سواء على مستوى الداخل، مع ظهور تيار يمينى متطرف مؤيد لترامب فى مواجهة الديمقراطيين يعمق الانقسامات بين النخبة الأمريكية وبالتالى فى الشارع، وأيضا فى الخارج وتأثيره على القضايا الدولية، باعتبار واشنطن القوة الديمقراطية والليبرالية الأكبر بالعالم، والمنادية بالحريات وحقوق الإنسان.
كتبت _ د. نسرين مصطفى
فى هذا الإطار تحدث لـ «أكتوبر» أساتذة بالسياسة والعلاقات الدولية، لإلقاء الضوء على الرؤية الحالية والسيناريوهات المتوقعة.
حشد شعبي
قال د. طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن ما حدث فى الولايات المتحدة كان متوقعا بعد الحشد الشعبى الذى قام به الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب خلال الأيام الأخيرة والذى قوبل بتحفظات من رموز الحزب الجمهورى، مضيفًا: بالرغم من اعتراض مايك بنس على نتائج بعض الولايات إلا انه رفض سلوك ترامب.
ووصف ما يحدث بالولايات المتحدة وهى أكبر دولة ليبرالية وديمقراطية فى العالم بـ «شرخ وانقسام غير مسبوق»، أدى الى تصدير مشكلة ستعانى منها الولايات المتحدة لفترة طويلة خاصة أن هناك 70 مليون صوتوا لترامب، مما يؤسس لظهور التيار الشعبوى الفوضوى يصعب من مهمة بايدن، خاصة أن هناك تخوف من تدخلات خارجية وأن الاتحاد الأوروبى لا يروق له ما جرى، مؤكدًا أن هناك سيناريوهات كثيرة من المتوقع حدوثها ليس فى إطار أمنى فقط وإنما لها علاقة بالقانون الفيدرالى.
خطاب حاد
ونبه أستاذ العلوم السياسية، إلى أن هناك عددا من الملحوظات، على رأسها أن جو بايدن بعد أن ألقى كلمته التى لم يكن من المقرر إلقائها قبل 20 يناير الجارى بلغة حادة ومباشرة كانه يثبت نفسه كرئيس للولايات المتحدة، مستطردًا: ومن جهة أخرى كان ترامب مراوغا حينما طلب من مؤيديه العودة إلى منازلهم، إلا أنه كان قضى الأمر مما سيكون له تبعات، خاصة أن وسائل الإعلام نقلت ما حدث فهو أمر غريب لم تعتاد الولايات المتحدة حدوثه، كما أنه يجعل من ترشح ترامب فى 2024 أمرا بالغ الصعوبة.
سيناريوهات متوقعة
وأكد أن هناك سيناريوهات عدة من المتوقع حدوثها وفقا للمتغيرات، الأول هو عزل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه بتصديق من مايك بنس وفق المادة 25 المعدلة وقد يكون السيناريو الأوقع وذلك بعد التصديق من الكونجرس بمجلسيه وهو إجراء قد يحدث إذا استمرت الأمور بهذه الصورة، وهو السيناريو الذى سيحركه صقور الحزب الجمهورى بالتعاون مع الديمقراطيين وفى هذه الحالة من المتوقع أن يتم تنصيب بايدن قبل 20 يناير، مضيفًا: أما السيناريو الثانى فهو تدخل المؤسسات الضابطة لحركة المجتمع الأمريكى وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والهيئات الأمنية والوكالات الأمنية المتخصصة والتى لاتزال على موقف الحياد والتى يمكن أن تحسم الأمر بهدوء بحيث يعود الاستقرار ويتم تسليم السلطة فى موعدها.
وأشار فهمى، إلى أن السيناريو الثالث، هو أن يتأخر إعلان بعض الولايات وهو الأمر الذى سيحيل الأمر الى المحكمة الفيدرالية العليا لإقرار تسمية الرئيس مباشرة ويحال الأمر للكونجرس بمجلسيه للتصديق عليه، موضحًا أن كافة السيناريوهات متوقفة على حدوث حالة من العنف خاصة فى الولايات التى بها أغلبية جمهورية، كما أن باقى من الزمن 13 يوما والرئيس ترامب مازال كامل الصلاحية والمهام، والأرجح أن الحزب الجمهورى سيضحى بترامب وهو أمر له سابقة تاريخية.
مشهد صادم
من جانبها، قالت د. نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إن الولايات المتحدة فقدت مصداقيتها بالكامل فى ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان فلن تستطيع أن تحرك هذا الملف فى مواجهة أى دولة أخرى، وهو الأمر الذى بدا منذ فترة وما حدث كان قمة الهرم، حيث كان التعامل مع الأمريكيين السود مقدمات وما رأيناه فى الكونجرس مشهد صادم للعالم كله، مؤكدة أن الحدث يعكس اضطراب شديد داخل النخبة الأمريكية.
تراجع أمريكي
وأضافت أن الأمر سيكون له انعكاسات خطيرة على وضع الولايات المتحدة ودورها وتأثيرها، حيث سيشهد تراجعا على مدار السنوات القادمة مما يدعم ويقوى كل من روسيا والصين، ومن جهة أخرى فإن أوروبا فى حالة صدمة وصمت مما يرجح أن أوروبا ستتجه أكثر إلى روسيا والصين وستنفتح على القوى الأخرى، مشيرة إلى أنه يجب على المنطقة أن تستعد لإدارة شئونها بوضع استراتيجية ورؤية فقد آن الآوان أن يكون لدى المنطقة رؤية ذاتية وقومية ووطنية لتقدير الأحداث بالتعاون مع القوى الدولية الاخرى، خاصة أن تلك الأحداث ستلقى بظلالها على الاقتصاد بشكل خطير.
وأوضحت الشيخ أنه وفقًا للدستور الأمريكى فإن الرئيس ترامب يجب عزله قانونًا، مستطردة: إلا إننى أعتقد أن الأمر سيأخذ منحى سياسى أكثر منه قانونى وهو الأمر الذى يتوقف على شعبية ترامب بعد تولى بايدن.
ديمقراطية كاذبة
ولم يختلف رأى د. إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عن رأى سابقيه من أساتذة العلوم السياسية فى أن ما حدث فى الولايات المتحدة والاعتداء على مؤسسة دستورية فى دولة ديمقراطية ليبرالية أمر غير مألوف، مستطردًا: فالأمر لم يتوقف على الاعتراض، إنما حدث لجوء للشارع وعنف واعتداء على الكونجرس وكلها أمور تتناقض مع الديمقراطية وهو الأمر الذى يؤكد ظهور التوجهات الشعبوية أو اليمينية والتى ظهرت بتولى ترامب.
وأكد أن ما حدث مشهد لم نره من قبل فالدول الديمقراطية لا تعرف التظاهرات العنيفة أو الاقتحام لمؤسسات سياسية مهمة بل ويسقط قتلى وإصابات.
شعبية الديمقراطيين
وأكد بدر الدين أن ما حدث سيزيد من شعبية الحزب الديمقراطى والذى أصبح له الأغلبية فى مجلس الشيوخ ومجلس النواب مما سيكون له انعكاسات بالإيجاب على سياسة الديمقراطيين، إلا أنه فى نفس الوقت سيضعف من دور الولايات المتحدة التى كانت تنادى بالحرية والديمقراطية، بل قد يؤثر على توجهات الولايات المتحدة فى ملف الحريات وحقوق الإنسان، منبهًا إلى أن ما حدث سيكون له بالتأكيد تأثير على عدد من الملفات الدولية وعلى رأسها ملف إيران وعلى منطقة الشرق الأوسط ومن المتوقع أن يحدث نوعًا من المرونة فى تناول القضية الفلسطينية كمحاولة دفع جهود السلام وتحقيق نوع من الاستقرار.