خالد البحيري يكتب: نائب المحافظ و«فانز» مهرجانات سامر
خالد البحيري يكتب: نائب المحافظ و«فانز» مهرجانات سامر
دعاني أحد الأصدقاء الأسبوع الفائت لتناول فنجان من القهوة في أحد الكافيهات بمنطقة حدائق الأهرامات بالجيزة، إلا أنني وبمجرد دخولى المكان وقعت عيني على أكثر من 30 طفل تدور أعمارهم بين 15 و17 عاما يحتلون المكان وأمام كل واحد منهم شيشة، وينتظرون بشغف حضور مطرب صغير السن مثلهم عرفت لاحقا أن اسمه سامر.
بدا الجو العام غير مناسب لتناول القهوة ناهيك عن الحديث في بعض الأمور الشخصية التي دعاني صديقي للتبادل الرأي بشأنها.. صاحب الكافيه من جانبه أعلن حالة الاستنفار وسخر كل جهوده لخدمة هؤلاء الصغار الذين جاءوا ليحتفلوا بعيد ميلاد أحد زملائهم على أنغام مهرجانات سامر ودخان شيشة ليس بريئا إلى حد كبير.
الوضع ينذر بكارثة صحية قد تحدث لكل رواد الكافية فضلا عن هؤلاء الأطفال، فلم يكن هناك التزام بأي إجراء احترازي من قبل الحاضرين أو النسبة المقررة قانونا لعدد الزبائن من قبل الحكومة.
كان الواجب والحس الوطني يستدعي التواصل مع أحد المسؤولين لوقف هذه المخالفات والحفاظ على أرواح الناس، وكنت سابقا قد احتفظت برقم هاتف مبادرة «صوتك مسموع» التي أطلقتها وزارة التنمية المحلية برعاية الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، فقررت التواصل مع غرفة العمليات التي قيل إنها تعمل 24 ساعة على تطبيق الواتس أب، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل فلم يتم استلام رسائلي ربما لأن رقم الهاتف مغلق أو نفدت باقة الانترنت منه أو لأي سبب آخر.
لجأت لنائب محافظ الجيزة لشئون تنمية المجتمع هند عبد الحليم، وأرسلت لها التفاصيل فجاءني الرد منها في أقل من دقيقتين، بطلب العنوان التفصيلي للمكان ووعدت بأنها سوف تتابع بنفسها فأرسلت لها الموقع أو «لوكيشن».
لم تمض أكثر من ساعة وتم اطفاء إضاءة الكافيه بالكامل وساد المكان الصمت بعد أن كان صاخبا بأغاني سامر، وتهامس الحاضرون: «الحكومة جات.. ثواني وترجع الكهرباء».
وصلتني بعدها صور لتنفيذ اغلاق كافيه أرسلتها لي نائب المحافظ تأكيدا لأن الشكوى التي أرسلتها قد تم متابعتها.. إلا أن المفاجأة أن الصور لم تكن للمكان المبلغ عنه فقد كنت جالسا لم أبرح مكاني حتى اللحظة بانتظار النتيجة.
اتسع صدر نائب المحافظ حينما أخبرتها أنني في المكان ولم يتم تنفيذ إغلاق له، وما هي إلا دقائق وتم للمرة الثانية إطفاء الأنوار لكن هذه المرة مع سحب الشيشة من أمام الزبائن مع وعد بإرجاعها بعد انصراف حملة التفتيش.
كان من الواضح أن صاحب الكافيه الذي يراقب الأمر من على الباب قد اتفق مع شخص ما بأن تعود الحملة من حيث جاءت وبالفعل عادت وعادت بعدها الشيشة لتوضع أمام الزبائن من جديد.
فكان التواصل الثالث مع نائب المحافظ هذه المرة مدعوما بصورة من المكان من على أرض الواقع، فعادت الحملة من جديد وبدأ تفاوض جديد مع صاحب الكافيه أسفر عن تهريب جميع الشيش دون مصادرة لها مع مصادرة بعض المقاعد البلاستيكية البسيطة لزوم الحملة والتفتيش.
للحق فقد قامت هند عبد الحليم بواجب ليس منوطا بها وإنما منوط بحي الهرم الذي يفترض أنه مفوض بمتابعة الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الحكومة لمنع تفشي وباء لا يرحم ويحصد يوميا عشرات الأرواح..
ليس حي الهرم وحده وإنما تقريبا كل الأحياء ومراكز المدن بها نفس الداء، موظف قصر في أداء وظيفته أو تواطئ أو غض الطرف.. الأمر الذي يستدعي تعاطيا غير تقليدي في العلاج للحفاظ على حياة المواطنين من جهة وسد الأبواب على الفاسدين من جهة أخرى ..
في الختام: شكرا هند عبد الحليم الشابة الدؤوبة التي لم تتجاوزها عامها الثالث والثلاثين لكنها أثبتت أنها قيادة نسائية من طراز رفيع، لسرعة الاستجابة والإصرار على إزالة المخالفة.. شكرا للبرنامج الرئاسي للشباب الذي أفرز لنا هذه النماذج المشرفة والمشرقة.. شكرا سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنك راهنت على الشباب .. وللحق فإن «البركة في الشباب».