ماجد بدران يكتب : الممكن والمستحيل فى مكافحة تمويل الإرهاب«2»

غير مصنف22-1-2021 | 20:10

فى يوم صدور الحلقة الأولى من المقال وفى ضربة قاضية للجماعة الإرهابية قضت محكمة الأمور المستعجلة بمصادرة أموال 89 من قادة الجماعة الإرهابية، شملت الدعوى كلا من ورثة مرسى وبديع والشاطر وحجازى والبلتاجى ومحسن راضى وآخرين. هذه الخطوة تجفف منابع تمويل العمليات الإرهابية فى مصر والمنطقة.. قرار المحكمة يعنى مصادرة نهائية لأموال من شملهم القرار المتهمين باستغلال مواردهم المالية وعوائدها فى دعم النشاط التنظيمى والعمليات المسلحة للجماعة الإرهابية. شمول القرار مئات من عناصر الإخوان يضرب شبكة غسل ونقل الأموال التى تستخدمها الجماعة الإرهابية للتحايل على آليات الرقابة والمكافحة. ويحتاج الإرهاب دائمًا إلى تمويل للتخطيط والتنفيذ وتزداد الحاجة إلى التمويل كلما اتخذ الإرهاب شكلاً منظمًا، وبدون التمويل فلن يكون هناك إرهاب ولا عمليات إرهابية، ولا شك أن ممول الإرهاب هو المجرم الرئيسى الذى يتعين مواجهته ومكافحته. وقد واجه العالم تمويل الإرهاب تشريعيًا، فهناك العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية وقرار لمجلس الأمن لمنع تمويل الإرهاب ومكافحته. وتعد المساندة الفكرية والمالية النقدية أو العينية بأى شكل من الأشكال للجماعات والتنظيمات الإرهابية والإرهابيين تمويلاً للإرهاب. وتدخل جريمة تمويل الإرهاب ضمن الجرائم الإرهابية وينص الدستور على أن: تلتزم الدولة بمواجهة كافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمنى محدد باعتباره تهديدًا للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، كما صدر القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، وعرف القانون تمويل الإرهاب بأنه كل جمع أو تلقى أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أصول أخرى أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو بيانات أو معلومات لأى نشاط إرهابى فردى أو جماعى منظم أو غير منظم، فى الداخل أو الخارج بشكل مباشر أو غير مباشر، أيا كان وبأى وسيلة كانت بما فيها الشكل الرقمى أو الإلكترونى، وذلك بقصد استخدامها فى ارتكاب جريمة إرهابية أو العلم باستخدامها، سواء وقع الفعل الإرهابى أم لم يقع. وقد ارتكز الاهتمام الدولى فى مكافحة تمويل الإرهاب على محاولة منع وصول الأموال للجماعات الإرهابية من خلال فرض القيود على حركة الأموال بين الدول، وتجميد الأموال المملوكة للمنظمات، وتجريم وفرض عقوبات على عمليات تمويل الإرهاب، ويتصف تمويل الإرهاب بالسرية، ولذا يصعب على القائمين على مكافحة التمويل توثيق ورصد حجمه. ويمر تمويل الإرهاب بمراحل تتمثل فى الإخفاء والإحلال والتغطية والدمج، حيث يتم إيجاد أموال للتمويل من مصادر مشروعة أو غير مشروعة، ثم إحلالها فى النظام المالى عن طريق المؤسسات المالية، ونقلها إلى أخرى لتمويه مصدرها، وتغطيته وفى النهاية يتم تقديمها لتمويل الإرهاب. وهناك صعوبات تعترض مكافحة عمليات التمويل، منها خلو قوانين بعض الدول من تجريم تمويل الإرهاب، ووجود ثغرات فى النصوص القانونية التى تجرم التستر على القائمين بعمليات التمويل. وأيضا تشدد النصوص القانونية ذات الصلة بسرية المعلومات، ما يترتب عليه عدم استطاعة السلطات الأمنية مراقبة عمليات التمويل، وسهولة تأسيس الشركات وتسجيلها، وتسمح بإصدار أسهم لحاملها، بحيث تنتقل بسهولة من مالك لآخر دون إمكانية الرقابة عليها. وعدم الرقابة على الحسابات المصرفية للعملاء وصعوبة التحقق من هوية بعض العملاء، وضعف الضوابط الرقابية على عمليات الصرف الأجنبى بالنسبة للأموال الداخلة إلى الدولة والخارجة منها. وتواجه عمليات تعقب التمويل صعوبات، فقد تكون جريمة التمويل عابرة للحدود وقد تعتمد على تطور تكنولوجى معقد. وتتعدد مصادر التمويل وأولها التبرعات، وتوجد صعوبة فى التفرقة بين الهبات والمعونات الإنسانية وبين تمويل الإرهاب، فبعض أنصار الإرهاب يستعطفعون أفرادا ومؤسسات بحجة تمويل أعمال خيرية ودعم فقراء، وتحويل بعض تلك الأموال لجماعات إرهابية، كما تلجأ المنظمات الإرهابية لإنشاء شركات تجارية لتحقيق ربح يدعم تلك المنظمات ويمولها. وقد أنشأت جماعة الإخوان الإرهابية العديد من الشركات بأموالها بأسماء أعضائها، وتدر تلك الشركات أرباحًا طائلة للجماعة تستخدمها فى تمويل الإرهاب. وهناك دول ترعى الإرهاب وتقوم بعمليات غسل أموال للمنظمات الإرهابية، وتمول تلك الدول الإرهاب نقدًا، وبالتدريب، وبالإيواء وبالسلاح والسيارات واللوجستيات. كما تقوم مخابرات بعض الدول بدعم الإرهاب سواء بالتخطيط أو بالتمويل، وهى عمليات سرية، لذا لا نجد إحصائيات دقيقة عنها. وتتعدد أساليب تمويل الإرهاب، وأولها التمويل النقدى من الداخل والخارج ومنها التسليم يدًا بيد ويكون عادة بمبالغ صغيرة ويكثر فى التمويل الداخلى، كما تستخدم الحوالات النقدية وتتم من خلال البنوك وشركات تحويل الأموال وشركات الصرافة، وفى الحوالات القادمة من الخارج يتم تداول المبالغ المحولة بين أكثر من شخص قبل وصولها للمسئول عن الدعم المالى للجماعة الإرهابية، وذلك لقطع الصلة بين الممول والمتلقى الأخير. وتستخدم الشيكات كمصدر تمويل ويصعب تتبعه لأن الشيكات تستخدم عادة فى معاملات تجارية والتعليمات لدى البنوك بشأن مكافحة تمويل الإرهاب تقتصر على مراقبة التحويلات والإيداع والسحب ولا تتناول الشيكات. ويمكن استخدام تحويل الأموال من خلال خدمة (PAY PAL) وتسمح من خلال موقع هذه الخدمة للمشتركين فيها بتحويل الأموال عن طريق البريد الإلكترونى ومن بطاقات الدفع، وهى وسيلة يصعب مراقبتها وتتبعها لعدم توافر مستندات ولسرعة التحويل دون قيود ولسرية معلومات التحويل. ومع ازدياد التضييق على مصادر ووسائل التمويل لجأت الجماعات لاستخدام التمويل الإلكترونى، حيث الإنترنت والمدفوعات الإلكترونة، وهى أداة عابرة للحدود وجريمة صعبة الإثبات لأنها لا تترك أثرًا. ومع انتشار بطاقات الصرف الإلكترونى أصبحت مصدرًا لتمويل الإرهاب يسمح الممول استخدام بطاقة الصرف وسحب مبالغ من حسابه وتقديمها، أو يسلم البطاقة الخاصة به ورقمها السرى لغيره لاستخدامها. ويمكن استخدام خطابات الضمان البنكية فى التمويل، ويكون خطاب الضمان صادرا لمشروع وهمى أو يكون لمشروع فعلى بمبلغ يزيد على قيمة المشروع، ويستخدم المبلغ الزائد لتمويل الإرهاب. أيضًا يمكن استخدام الاعتمادات المستندية فى عمليات الاستيراد بأكثر من القيمة الفعلية للبضاعة، ويتم استخدام المبلغ الزائد للتمويل. لا شك أن تجفيف منابع تمويل الإرهاب يجب أن يكون المحور الرئيسى الذى تنطلق منه أى استراتيجية لمكافحة الإرهاب، وعلى جميع الجهات المقدمة للخدمات المالية التقيد بالقوانين واللوائح المتعلقة بمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب، ومتابعة أحداث المستجدات التكنولوجية فى مجالات تحويل الأموال، وتقديم أعلى مستويات التدريب على أساليب المتابعة والمكافحة للعاملين بها، فالمهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة. وفى الختام أتوجه بجزيل الشكر والتقدير للصديق العزيز المستشار القانونى عبد الفتاح سليمان مؤلف المرجع القانونى المهم «مكافحة تمويل الإرهاب» الصادر حديثا والذى استقيت منه المعلومات القانونية التى وردت فى المقال. وأكرر الشكر للصديق العزيز على ما بذله من جهد كبير فى إعداد هذا المرجع القانونى القيم، بسبب قلة المصادر والمراجع المتخصصة فيه، وبسبب عدم وجود مصادر رسمية موثقة منشورة عن عمليات مكافحة التمويل وحجمها. عنوان مصادرة أموال قادة الإرهابية ضربة قاضية لشبكة غسل ونقل الأموال المستخدمة للتحايل على آليات الرقابة والمكافحة.
    أضف تعليق

    المنتدى الحضري العالمي شهادة دولية للدولة المصرية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين

    الاكثر قراءة

    تسوق مع جوميا
    إعلان آراك 2