محمد نجم يكتب: وعليكم السلام!
وهل كان يجب أن يكون هناك «حوار مجتمعي» قبل اتخاذ قرار التصفية ؟ أم أنها سلطة مطلقة للقائمين على أمرها؟
وهل بحث قرار التصفية الجوانب الاقتصادية المختلفة لشركة حلوان للحديد والصلب؟ أم أنه قام على الجانب المالي فقط؟.. وبهدف وقف نزيف الخسائر؟
لا أعلم.. وإنما سأترك الإجابة على التساؤلات السابقة لـ «النخبة» التى حشدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية على أساس أن «الحوار المجتمعى» حول «معضلة» الحديد والصلب - كما سماها - فرض واجب، ومن ثم حشد لها مرشح رئاسى أسبق «عمرو موسى»،
ووزير خارجية سابق «نبيل فهمى»، ونائب رئيس وزراء أسبق «زياد بهاء الدين»، ووزير صناعة أسبق
«منير فخرى عبد النور»، ووزير مالية أسبق «أحمد جلال»، إلى جانب رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، وبالطبع وزير قطاع الأعمال المعنى بالأمر!
بالإضافة إلى حشد كبير من الخبراء الاقتصاديين والماليين والإعلاميين..
ومن ثم توقعنا أن نحصل على «وجبة دسمة» من المناقشات الموضوعية والتحليلات العميقة والرؤى الاقتصادية المستنيرة ليس حول «المعضلة» فقط، وإنما حول السياسة الصناعية لمصر حاليًا وحكاية «توطين الصناعة» فى مصر!
وقد أدار المناقشات «العراب» عمر مهنى، رئيس المركز الذى يجيد «استفزاز» المتحدثين لإخراج أفضل ما عندهم، خاصة أنه أعلن أن الهدف هو «حوار» موضوعى متكامل يتناول كافة أبعاد وجوانب القضية بشكل علمى فى إطار طبيعة الصناعة وظروف السوق واحتياجات الاستثمار.
ولكن المناقشات جاءت تقليدية ومن غير حماس، وعبّر كل متحدث عن اتجاهه السياسى.. أو خبراته السابقة!
فالوزير أعلن بوضوح أنه يدير محفظة استثمارات.. ولن يسمح مستقبلًا باستمرار الخسائر لأى شركة أكثر من ثلاث سنوات، وأن الدولة والوزارة من بعدها مازالت تدعم الصناعات التى لها روابط أمامية وخلفية مثل الألومنيوم والغزل والنسيج، وأن ما حدث من تصفية لشركة الحديد والصلب.. كان قرارا صائبا تأخر تنفيذه!
الوفدى وزير الصناعة الأسبق، منير فخرى عبد النور، أوضح أن لديه حقائق لا تقبل المناقشة، منها أن تكنولوجيا الإنتاج لم تعد تصلح، وهناك عجز عن المناقشة مع تراكم الخسائر، وإنتاجها السنوى لم يزد على 112 ألف طن، ونستورد قضبان السكة الحديد من الخارج.
والأهم.. الطاقة الإنتاجية فى مصر 12 مليونا، والاستهلاك 7 ملايين، ومع ذلك نستورد حوالى 3 ملايين طن حديد تسليح من الخارج بسبب انخفاض أسعاره عن المنتج المحلى!
والأكثر أهمية أن الحديد والصلب لم يعد «عماد» ما يسمى بالنهضة الصناعية، فقد تراجع هذا الدور لمصلحة صناعة البتروكيماويات، ومن رأيه استخدام عائد التصفية فى إقامة مجمع للبتروكيماويات، حيث يصعب على القطاع الخاص القيام بتلك المهمة.
د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق تساءل عن رؤية وزيرة الصناعة فيما يحدث، وما هو مستقبل الصناعة نفسها فى مصر؟
د. أحمد جلال وزير المالية الأسبق تحدث عن ضرورة الحوار المجتمعى فى مثل هذه القرارات المهمة، وتساءل: لماذا اعتمد قرار التصفية على الجانب المالى فقط دون الأبعاد الاقتصادية الأخرى؟.
هذا فيما كان مفاجأة اللقاء الأخ معتز محمود، رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، الذى فهمنا من حديثه أن التصفية قرار سياسى، وأن السياسة هى التى تخدم على الاقتصاد وليس العكس، وأن اللجنة سوف تعمل حاليًا ومستقبلا على تنقية التشريعات الاقتصادية القائمة، ودراسة فك الاشتباك بين الوزارات المختلفة، لتوحيد سلطة اتخاذ القرار الاقتصادى.
الطريف فى الموضوع ما كشفت عنه د. عبلة عبد اللطيف مدير المركز، حيث بلغت القيمة السوقية لصناعة الحديد والصلب عالميا 2.5 تريليون دولار فى نهاية العام الأسبق، ويعمل بها
6 ملايين بشكل مباشر، و30 مليون عمالة غير مباشرة، وأن الدولار فيها يحقق مكاسب 2.5 دولار.
وانتهت الندوة.. التى تأخرت.. فقد سبق السيف العزل.. وضاعت الجوهرة.. ونأمل أن تكون آخر الجواهر الموروثة المعرضة للضياع.
حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب