أمل محمد أمين تكتب: البساطة سر نجاح الأفكار

غير مصنف1-2-2021 | 14:35

على الرغم من أن إن "الثعلب يعرف أشياء كثيرة، ولكن القنفذ يعرف شيئاً واحداً كبيراً". توسع الفيلسوف والمناظر الاجتماعي البريطاني "اشيعا برلين" في شرح هذه الفكرة أشار "برلين" إلى أن الثعلب حيوان أنيق وذو دهاء يسعى لتحقيق العديد من الأهداف والمصالح في ذات الوقت، ولكن بسبب هذه المجموعة الواسعة من الأهداف والإستراتيجيات، يصبح تفكيره متناثرا يفتقر إلى التركيز، لذلك لا يحقق الكثير على المدى الطويل. في المقابل، القنفذ بطيء وثابت، وغالبًا ما يغفل الناس عنه أو يقللون من تقديره لأنه متواضع وهادئ. ولكنه على عكس الثعلب لديه قدرة مذهلة على تبسيط الأمور والتركيز على رؤية واحدة شاملة. هذا هو المبدأ الذي يحكم كل ما يفعله، والذي يساعده على النجاح رغم كل الصعاب. لماذا يتفوق القنفذ؟ قام الكاتب الأمريكي "جيمس سي كولينز" بتطوير هذه الفكرة وإبراز تطبيقاتها في عالم إدارة الشركات في كتابه الشهير "من جيد إلى عظيم" الصادر في عام 2001، والذي أشار خلاله إلى أن الشركات تكون أكثر عرضة للنجاح إذا كانت مثل القنفذ تركز على شيء واحد وتقوم به على نحو جيد، موضحًا أنها من خلال القيام بذلك، يمكنها أن تتغلب على منافسيها لتصبح شركة كبرى. يقول "كولينز"، اتضح أن كل القادة الجيدين والعظماء يتبعون إستراتيجية القنفذ. فهم يعرفون كيف يقومون بتبسيط العالم المعقد ضمن رؤية موحدة، وهو ما يؤدي إلى توحيد وتنظيم جميع قراراتهم، وتوظيف مواردهم وطاقاتهم بشكل أفضل، بينما يميل الكاتب الأمريكي إلى رؤية إستراتيجية الثعالب على أنها مشتتة، تفتقر إلى التركيز وغير متناسقة ويقول الأستاذ بجامعة برينستون الأمريكية "مارفين بريسلر"، إن الشيء المشترك بين أصحاب التأثير على مر التاريخ، هو أنهم جميعًا اتبعوا نظرية القنفذ جميعهم أخذوا فكرة معقدة وقاموا بتبسيطها. فكرة واحدة وصلوا بها إلى أبعد ما يمكنهم. وهذا ما فعله "فرويد" في مفهوم اللاوعي، و"ماركس" مع الصراع الطبقي، "انيشتاين" مع النسبية، و"ادم سميث" مع مفهوم تقسيم العمل. أن تكون واضحا ومحددا، هي قوة لا مثيل لها. وبالمناسبة القنفذ ليس غبيًا، بل على العكس تمامًا، هو يدرك أن جوهر البصيرة هو البساطه. هل هناك ما هو أكثر بساطة من "E=mc²" (معادلة تكافؤ الكتلة والطاقة، الأشهر في التاريخ)، ماذا يمكن أن يكون أكثر أناقة من مثال مصنع الدبابيس الذي ضربه "آدم سميث" لشرح فكرة تقسيم العمل. وفقًا لـ"بريسلر"، أولئك الذين ينتهجون إستراتيجية القنفذ ليسوا سُذجاً، وإنما يمتلكون نظرة ثاقبه تسمح لهم بالرؤية بشكل واضح خلال المشهد المعقد ببساطة، القنفذ يركز على ما هو ضروري، ويتجاهل أي شيء آخر. أهم ما يميز إستراتيجية القنفذ في عالم الأعمال التجارية هو اتساقها. فالشركات التي تكرس نفسها لغاية محدده تتمكن دائمًا من العثور على نقاط قوتها في أوقات الأزمات، وغالبًا ما تكون أكثر استعدادًا للصمود في وجه تقلبات السوق مقارنة مع المنافسين متعددي الرؤى والأهداف.
    أضف تعليق

    حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2