أميرة خواسك تكتب: هالة وردي!
من المدهش أنه فى الوقت الذى خرجت فيه بعض طالبات الشهرة فى مصر، يدعون بجرأة وبلا مبرر إلى تعدد الزوجات ويسقن مميزاته وفضائله من وجهة نظرهن، ويؤصلن له من الأحاديث غير المؤكدة والتراث، ضاربات عرض الحائط بنضال المرأة المصرية وتاريخها فى الحصول على حقوقها الاجتماعية والإنسانية - خرجت باحثة تونسية جادة هى الدكتورة هالة وردي، فى دراسة مهمة عنوانها «النساء فى حياة النبى محمد»، قدمتها من خلال قناة فرنسا ٢٤، وقد استعرضت من خلالها دور المرأة فى حياة النبي، ودورها فى نشر الدين الإسلامي. وكيفية احترام الدين الإسلامى للمرأة وإعلائه لشأنها.
الحقيقة أن من يقرأ أو يستمع إلى هالة وردى بقراءتها الواعية لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلاقته بالمرأة يشعر بالفخر لانتمائه لهذا الدين الراقي، كما يشعر بكم الجرم الذى ارتكبه البعض عن عمد أو عن جهل فى حق الدين الإسلامى والتاريخ الإسلامي.
ببساطة شديدة، قدمت هالة وردي، ومن خلال معلومات ربما مرت على البعض منا، أو على الأقل قرأها البعض ولم يستطع أن يواجه الأصوات العالية التى تختبئ وراء أغراضها أو أخطائها، قدمت هالة وردى أدلة قاطعة عن رفض الرسول للتعدد حين كان الأمر بيده. فعلى سبيل المثال استعرضت الباحثة كيف عاش الرسول صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين عاما مع السيدة خديجة ولم يتزوج عليها، حتى وفاتها، بل إنه ظل وفيا لها بعد وفاتها، فكان كثيرا ما يذكرها ويتحدث عنها، وكيف كانت له سندا، بل قالت إنه لولا السيدة خديجة ما خرج الإسلام إلى النور.
ثم فى طرح شجاع ينزع عن كل المدعين بزواج الصغيرات، وما تعرض له الإسلام من تشويه تنفى هالة وردى أى ميل للرسول بالفتيات الصغيرات، فكل زيجاته باستثناء السيدة عائشة كانت من سيدات ناضجات، وكيف كان الرسول لطيفا رقيقا مع النساء.
كما استعرضت علاقته بابنته السيدة فاطمة، وموقف الرسول الرافض لزواج على بن أبى طالب رضى الله عنه وأرضاه، من العوراء ابنة أبى جهل حتى أنه صلى الله عليه وسلم قال فى خطبة الجمعة لا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن، وأن فاطمة قطعة منى يؤذيها ما يؤذيني، وطلب منه أن يطلق فاطمة إذا ما استمر فى إقباله على الزواج من أخرى. وهنا تطرح الباحثة تساؤلا مهما لماذا لا يدافع الأب عن ابنته كما دافع الرسول عن فاطمة؟!
هذان نموذجان يوضحان بجلاء موقف الرسول عليه السلام من تعدد الزوجات، فالأول طبقه على نفسه، حين اكتفى بالسيدة خديجة زوجة لربع قرن محبا وفيا لها، والثانى حين رفض أن تؤذى ابنته فاطمة حين يتزوج زوجها، لكن حين يتساءل البعض عن حياة الرسول بعد السيدة خديجة وتعدد زيجاته فإن الباحثة هالة وردى قدمت تفسيرات معتبرة، ربما يرجع إليها من يريد أن يقتنع أو يطلع.
لكن ما يهمنى هنا، هو من يستخدمون الدين الإسلامى والأحاديث ليبرروا أمورًا ذكرها الله سبحانه وتعالى واضحة صريحة فى كتابه الكريم أنها غير عادلة، وقال “لن تعدلوا”، وبالتالى يمكنهم الاستناد إلى أى شئ آخر غير أن هذا يمكن أن يرضى الله ورسوله!