ماجد بدران يكتب: بين الملكية الخاصة والمنفعة العامة

غير مصنف26-2-2021 | 22:21

الحق فى الملكية حق طبيعى وأساسى من الحقوق الإنسانية باعتراف الدساتير والمواثيق الدولية، التى تعطى الأفراد الحق فى حيازة الممتلكات دون حدوث تعارض بين حقهم كأفراد فى التملك من جهة وحق الدولة فى اكتساب الملكية من جهة أخرى، كما تبين الدساتير والمواثيق الدولية بأنه لا يحق حرمان أى فرد من ممتلكاته إلا بشكل قانونى، من خلال الإجراءات القانونية المتعارف عليها. والملكية الخاصة هى كل ما يحوزه الإنسان من ممتلكات، وتعطى للشخص حق حيازة ممتلكاته واستعمالها والتصرف فيها، وهناك شروط لنزع الملكية من صاحبها.. أولها أن يكون هناك نص فى القانون يجيز نزع الملكية، فلا يكفى أن يصدر قرار إدارى بذلك مهما علت مرتبته، ويجب اتباع الإجراءات التى رسمها القانون فى نزع الملكية، فالانحراف عن هذه الإجراءات يجعل نزع الملكية باطلاً، ويجب أن يُعوض المالك عن ملكه المنزوع تعويضًا عادلاً يقبضه مقدمًا، ويجوز بموافقة الملاك اقتضاء التعويض كله أو بعضه عينًا، وإذا كانت الملكية الخاصة هى كل ما يحوزه الإنسان من ممتلكات، فإن المنفعة العامة هى مجموع مصالح الأفراد فى المجتمع، وبمعنى آخر هى حاصل جمع المنافع الخاصة، فالعبرة بعدد الأفراد الذين يتعلق بمصلحتهم القول بتحقق المنفعة العامة، وإذا تعارض حق الملكية مع مصلحة عامة، فتقوم المصلحة العامة على الخاصة للمالك ويعوض على ذلك. وقد نظم المشرع نزع الملكية للمنفعة العامة بعدة قوانين حتى صدور قانون رقم 10 لسنة 1990 والذى تم تعديله بالقانون رقم 1 لسنة 2015 والقانون 25 لسنة 2018، ويُعد من المنفعة العامة فى تطبيق أحكام هذا القانون إنشاء الطرق والشوارع والميادين أو توسيعها أو تعديلها أو إنشاء أحياء جديدة، وإنشاء الكبارى والأنفاق، ومشروعات الرى والصرف والمياه والصرف الصحى، ومشروعات النقل والمواصلات وتحسين المرافق العامة، والمشروعات الإنتاجية التابعة لقطاع الأعمال العام ومصانعه وأعمال إزالة المبانى المقامة فى المناطق غير الآمنة، والتى يقوم بها صندوق تطوير المناطق العشوائية بالاشتراك مع المحافظات المعنية، تعديلات القانون جاءت لصالح المواطن استنادًا للقاعدة الدستورية التى تصون الملكية الخاصة، فالمادة 35 من الدستور أقرت بأنه فى حالة نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة يتم التعويض مقدمًا وبصورة عادلة. التعديلات جاءت بأن يكون التعويض مقدمًا وبالسعر السوقى وقت نزع الملكية، بالإضافة إلى 20% كتعويض أدبى، وأن يتم وضع قيمة التعويض مقدمًا فى حساب الجهة التى سوف تقوم بنزع الملكية. تعديلات القانون جاءت متوافقة مع تنفيذ المشروعات القومية الكبرى والمخططات الاستراتيجية، ونص القانون على أن قرار نزع الملكية لا يصدر إلا من خلال رئيس الجمهورية أو من يفوضه فقط، وذلك بعد تقديم دراسة المشروع ومبالغ التعويض. ورغم أن تعديلات القانون رفعت الضرر عن المواطن بوضع قيمة عادلة للعقار المنزوع ملكيته للمنفعة العامة، إلا أنه عند التنفيذ يعانى بعض المواطنين من سوء فهم بعض القائمين بالتنفيذ أو تمسكهم بالروتين الأعمى.. فقد عانى بعض قاطنى العقارات الملاصقة لمحور الزمر مثلاً، عندما واجهوا شرط ألا يكون العقار مخالفًا للاستفادة من التعويض!! هذه الوحدات وإن كانت مخالفة أصبح لها مراكز قانونية تجاوزت العشر سنوات وجميعها مكتظة بالسكان، والحكومة تريد أن تزيل العقار.. حتى وإن كان مخالفًا فالملاك يستحقون التعويض.. ولا يصح أبدًا أن تتهرب الحكومة من مسئوليتها تجاههم فى توفير مسكن بديل عن طريق تعويضهم. القانون واضح وصريح لكن بعض مسئولى المحليات يصرون على تعذيب المواطنين، وتلك عادتهم فى الماضى والحاضر والله أعلم بالمستقبل.. وفى نهاية الشهر الماضى ترددت شائعات بشأن نزع ملكية مئات الوحدات السكنية من قاطنيها لتطوير الطريق الدائرى دون تعويضهم. ونشرت بعض وسائل الإعلام والمواقع وصفحات التواصل الاجتماعى، هذه الشائعات بكثافة حتى تم نفيها من المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، وفى حالات نزع الملكية للمنفعة العامة مطلوب من الحكومة أو الجهة المنفذة أن تلتزم الشفافية وإعلان الحقائق كاملة، وضرورة الالتزام بُحسن معاملة المواطن الذى سيخرج من مسكنه الذى عاش فيه لسنوات، فهو متضرر ومضغوط حتى وإن كان سيأخذ التعويض المناسب.. وعلى المواطن أن يلتزم بتقديم الأوراق المطلوبة للحصول على التعويض، وهى بطاقة الرقم القومى، شهادة الميلاد، عقد الإيجار أو التمليك، إيصال مياه أو كهرباء أو غاز. وعلى وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعى أن تتحرى الدقة قبل نشر مثل هذه الشائعات التى قد تؤدى لبلبلة الرأى العام وإثارة غضب المواطنين وهز ثقتهم فى المشروعات القومية التى تنفذها الدولة.
    أضف تعليق