إسرائيل تبحث عن بديل لسيناريو «يوم القيامة» !

إسرائيل تبحث عن بديل لسيناريو «يوم القيامة» !إسرائيل تبحث عن بديل لسيناريو «يوم القيامة» !

غير مصنف26-2-2021 | 23:49

دار المعارف - سمر شافعى

سبق أن دمرت إسرائيل المفاعل النووى فى العراق وآخر فى سوريا، لكن الوضع مختلف هذه المرة، فإيران تخصب اليورانيوم بمنشآت سرية تحت الأرض، ولا تمتلك إسرائيل القنابل التى تخترق هذا العمق. لهذا تجد إسرائيل أنها بحاجة إلى التركيز على الصفقة النووية المحسّنة التى يريد بايدن التوصل إليها مع إيران وتحقيق أقصى قدر من الإنجازات لأمنها بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

يأتى هذا فى الوقت الذى صرح فيه رئيس الأركان الإسرائيلى كوخافى، بأن العودة إلى الاتفاق النووى فكرة سيئة، وأوضح أن «الجيش الإسرائيلى» يواصل الاستعداد لهجوم عسكرى.

ولكن طلب كوخافى قوبل بانتقادات شديدة من العديد من السياسيين والإعلاميين فى إسرائيل، الذين اتهموه بمحاولة التودد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمعروف بكونه المعارض الرئيسى للاتفاقيات النووية مع إيران أينما كانت. وسعى آخرون لشرح نوايا كوخافى لطلب زيادة الميزانية التى مازال يطالب بها دولة الاحتلال حتى الآن.

رغم هذا أوضح كوخافى، كما جاء فى صحيفة معاريف، أن هناك خطرا داهما ستواجهه إسرائيل مع نفاد مهلة الاتفاق القديم، وسعى إيران بكل تأكيد إلى المطالبة برفع العقوبات الاقتصادية من عليها والتى أصابتها الفترة الماضية بضرر كبير بلا شك.

ومايزال التخوف الأكبر الآن فى إسرائيل هو من اكتساب نظام آيات الله فى طهران قدرات عسكرية نووية، والذى يمثل بالنسبة لنتنياهو، سيناريو «يوم القيامة» الذى كانت إسرائيل تحذر منه منذ فترة طويلة.

لكن تقرير مركز القدس للشئون العامة الإسرائيلى، كشف أن إسرائيل لم تتخذ بعد أى قرار بمهاجمة المنشآت النووية فى إيران، حيث إن هذا القرار هو قرار سياسى - أمنى مهم يجب أن يتخذه مجلس الوزراء الأمنى وله تداعيات إقليمية ودولية بعيدة المدى.

والقلق الكبير الذى يسود إسرائيل الآن هو مدى إمكانية البقاء بمفردها فى المواجهة، بينما تسرع إيران نحو قنبلتها الأولى، لهذا كل ما قام به نتنياهو الفترة الماضية هو إعطاء تعليمات للمؤسسة الدفاعية بإعداد الخيار العسكرى أو تحديثه، لأن إسرائيل أعدته بالفعل فى الماضى وخصصت له ميزانية قدرها 11 مليار شيكل، لكنها فى النهاية لم تذهب لساحة الحرب أمام إيران.

وترى إسرائيل أن السيناريوهات الإيرانية لا ترجح لجوءها هى أيضا إلى الحل العسكرى، فمع اقتراب الانتخابات الإيرانية من المتوقع أن تظهر القيادة الإيرانية موقفًا متشددًا بالمفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووى، فإيران لا تريد حقًا الاتفاق النووى، بل تريد الرفع الفورى للعقوبات الشديدة التى فرضها عليها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، وتمكين إعادة بيع النفط واستخدام النظام المصرفى العالمى. فإيران تنتهج سياسة متطورة وتحاول تفكيك التحالف المعادى لها بين إسرائيل ودول الخليج والذى أسسته إدارة ترامب، فهى تحاول إغراء دول الخليج للدخول فى حوار معها لإضعاف اتفاقيات التطبيع بينها وبين إسرائيل.

وبحسب تقارير لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن التقدير فى إسرائيل هو أن المفاوضات بين حكومة بايدن وإيران بشأن الاتفاق النووى ستكون طويلة وستستغرق عدة أشهر تقترب خلالها إيران أكثر من صنع القنبلة النووية، كما أن هناك سيناريو بعدم التوصل لاتفاق بنهاية المطاف، لذا يجب أن تكون إسرائيل مستعدة عسكريًا للعمل ضد المنشآت النووية الإيرانية لمنعها من ذلك.

من ناحية أخرى، وكما جاء فى صحيفة معاريف، فإنه بجانب المصلحة الإسرائيلية فى نسف المشروع النووى الإيرانى، هناك مصلحة مهمة أخرى وهى التأكد من عدم تركها بمفردها فى معارضتها له، حيث إن تمسك نتنياهو وإسرائيل (بدعم من رئيس أركان إسرائيل) بالموقف المعارض للاتفاق النووى لم يثبت فاعليته بالماضى، ولم يؤد إلا لتدهور العلاقات الإسرائيلية الأمريكية. وهذا ما لا تأمله إسرائيل، فقد تولى بايدن المنصب للتو، ولديه 4 سنوات بالسلطة، لذا يجدر التفكير فى كيفية الحفاظ على علاقات عمل جيدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، كما أن إسرائيل تأمل التأثير على سياسة الولايات المتحدة بشأن القضية النووية الإيرانية.

وكما جاء فى تقرير معهد السياسات والاستراتيجيات الإسرائيلى، فإن بايدن لديه مصلحة كبيرة من وراء عودة الاتفاق النووى الأصلى، حيث يسعى جاهدًا لتحقيق أقصى قدر من التنسيق مع الدول الأوروبية، حتى لا يقع فى عزلة مثل الرئيس الأمريكى السابق ترامب، وبالتالى من المحتمل أن يتأثر بدعمهم القاطع للاتفاق النووى الأصلى.

كما أن المعهد الإسرائيلى يتوقع أن إسرائيل ستواجه صعوبة فى التحدث بصراحة ضد أى اتفاق مع إيران، كما أنه من المتوقع أن يكشف بايدن عن حساسيته الشديدة لأى تدخل إسرائيلى فى تلك القضية، بعدما حدث خلال فترة توليه منصب نائب الرئيس فى عهد أوباما، وتدخل نتنياهو بشكل صارخ فى السياسة الأمريكية (خطابه أمام الكونجرس - مارس 2015) فى محاولة لإفشال الصفقة النووية التى توصل إليها أوباما.

كما أن تحليل جداول عودة الولايات المتحدة وإيران إلى المفاوضات، يظهر أن إسرائيل تواجه نافذة زمنية ضيقة للتأثير على المواقف الأمريكية.

ونصح المعهد الإسرائيلى بنهاية تقريره أن تعمل إسرائيل الفترة المقبلة على أن تركز جهودها على التوصل لاتفاق مسبق حول الحدود القطاعية للمفاوضات مع طهران، والتأكد من إصرار الولايات المتحدة على تصحيح نقاط الضعف فى الاتفاق النووى وعدم ترك إسرائيل وحدها مع المشكلة، كما أنه يتعيّن على إسرائيل أن تفكر فى إعادة التأكيد علنًا وبالتفصيل على عيوب الاتفاق النووى، وما يجب تصحيحه لمنع الديناميكيات المؤدية لـ «صفقة سيئة» بين إيران والنظام الدولى.

وبذلك ستجد إسرائيل نفسها أمام سيناريوهين أو خيارين، وأن تقرر أى «صفقة» ستكون مستعدة للتعايش معها؟ هل تصر على «صفقة شاملة» تتناول كلا من العناصر الإقليمية والنووية، والتى سيكون التفاوض بشأنها أطول مع توسع البرنامج النووى؟ أم بدلاً من ذلك، اتفاق يركز فقط على الملف النووى، ولكنه لا يعالج سياسة إيران، والتى تمثل الإشكالية الكبرى فى المنطقة!

    أضف تعليق

    تدمير المجتمعات من الداخل

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2