أميرة خواسك تكتب: ثورة ضد الغارمات !
لجأت إلى عدد من السيدات البسيطات مستفسرة منهن عما يستلزم فتح بيت جديد لعروسين مقبلين على الزواج، وقد سمعت العجب، ففيما يبدو أننا نعيش فى كوكب المريخ، حيث ألغينا العقل وتجاهلنا الأديان، حتى يصبح بسطاء الناس يتبارون ويتعالون على بعضهم البعض فى تجهيز البيت الجديد، ولا تأخذهم شفقة أو رحمة ببعضهم البعض، ويركبهم العار لو كان تجهيزهم أقل مما ذكروا.
لقد سمعت أرقاما ومكونات غريبة لتكوين بيت، فلابد أن تكون هناك غرفة نوم وأخرى للأطفال! ولابد من «الركنة» و«النيش» وسفرة، وثلاجة وغسالة «فول أتوماتيك» وأخرى للأطفال، وبوتاجاز، وفرن كهربائي أو ميكروويڤ، وخلاط ومكواة وسلم وطقم صيني وآخر ميلامين وبايركس وتيفال وستانلس (حسب الرغبة) أو سيراميك، والحد الأدنى للعروس ١٥ ملاية أطقم، وعشر لغرفة الأطفال، وست بطاطين وأربع مفارش سرير اثنان من القطيفة واثنان من الستان، هذا غير الستائر والسجاد والمراتب، وحوالى عشرون فوطة وبشكير، هذا غير «البرنس» الذي هو مسئولية العروس.
لقد تعمدت - كما ذكرت - أن أستقي المعلومات من سيدات رقيقات الحال، وقد زدن على هذا ، ما تقدمه العروس لوالدة زوجها «حماتها» عند الزواج، فتهديها مثلما جهزت لنفسها من مفروشات!
أقول هذا لأننا فى مثل هذا الوقت من كل عام، قبيل الاحتفال بعيد الأم، أو شهر رمضان، تبدأ حملة تبرعات لمساعدة الغارمات من السيدات اللاتي اضطرتهن ظروف الحياة لتحمل مسئولية الأسر، فيقبلن على شراء أجهزة كهربائية أو أدوات منزلية أو مستلزمات لبناتهن أو أولادهن المقبلين على الزواج فيلجأون إلى الاقتراض أو شراء هذه المستلزمات وكتابة شيكات أو إيصالات أمانة تذهب بهن فى نهاية الأمر إلى المحاكم والسجون.
منذ عدة أعوام وتحديدا فى مايو ٢٠١٥، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة سجون ، بلا غارمين ولا غارمات، تم من خلالها الإفراج عن ١١٠٠، ولم تكن هذه هي المرة الأولى بل كان الرئيس قد بدأ فى هذا الاتجاه منذ كان وزيرا للدفاع حين قررت القوات المسلحة تحمل المبالغ المستحقة على ربات البيوت السجينات وتم حصرهن فى ٤٨ سجينة، ثم توالت المساعدات لهؤلاء السيدات البائسات ضحايا تقاليد جديدة وغريبة وشاذة على مجتمعنا.
الحقيقة أن هذه المأساة تحتاج ثورة فيجب أن تتضافر كل الجهود لحلها، والمقصود بحلها هنا ليس بجمع التبرعات ولا حتى بتصدي الرئيس غيرة على سيدات مصر أو حتى شفقة على الظروف التي دفعتهن لتحمل ما لا يطيقن، لكن تضافر الجهود هنا يحتاج بحث جاد بعد أن تحول الأمر إلى هذا الداء الذي توحش وضرب الريف والحضر، فليس هناك عاقل يقول أن يستمر هذا النزيف الذي لا يطيقه أحد والعالم من حولنا فقرائه وأغنيائه يتحولون إلى البساطة بينما نحن ننكل ببعضنا ونعقد حياتنا، علينا أن نبحث كيف فعلنا هذا بأنفسنا؟ وماهو الحل؟ وكيف نغير هذه العقول التي تركناها حتى أصبح السجن أقرب إليها من الفقر؟!