مصر تحدد أولويات الملف الفلسطينى

مصر تحدد أولويات الملف الفلسطينىسوسن أبو حسين

الرأى1-6-2021 | 16:08

إن الرعاية والعناية والاهتمام الذى قدمتها مصر والرئيس عبد الفتاح السيسى لدعم الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة ورام الله تعد سجلا حافلا ومشرفا فى التاريخ الحديث ولم تقدمه أى دولة أو قوة عظمى فى العالم حيث إن ما قامت به مصر له ما بعده من تداعيات إيجابية وسوف يترك أجواء طيبة لدى الشعب الفلسطينى، فكان أول خطوة استقبال الجرحى والمصابين لعلاجهم فى المشافى المصرية، ثم الإعلان عن تقديم 500 مليون دولار للمساهمة فى إعادة إعمار غزة باعتباره أولوية وتضميد جراح الشعب الذى فقد أبناءه ونزف على مدار 11 يوما بسبب القصف الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة. وعليه، وجه الرئيس
عبد الفتاح السيسي بدعم الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة عبر تقديم أضخم قافلة مساعدات للقطاع عبارة عن ١٣٠ شاحنة عملاقة محملة بعدد ٢٥٠٠ طن مواد غذائية، وأدوية، وألبان أطفال، وملابس، ومفروشات، وأجهزة كهربائية وغيرها من المواد المتنوعة المقدمة من خلال صندوق تحيا مصر، ثم بدأت مصر العمل فى الأولوية الثانية، وهى تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وخلق المناخ المواتي لإحياء عملية السلام، والتعويل على مختلف الجهود الدولية لتحريك الجمود الحالي، وصولًا إلى تسوية شاملة للقضية الفلسطينية وفق مقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يحول دون تجدُّد المواجهات مستقبلًا ويرسخ ركائز السلم والاستقرار فى المنطقة، وقد وافقت واشنطن على الرؤية المصرية، حيث أعلن وزير الخارجية الأمريكى، انتونى بلينكن فى تصريحات خلال زيارته للمنطقة أن حل الدولتين هو الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، بالإضافة إلى أنه السبيل الوحيد لمنح الفلسطينيين الدولة التي يحق لهم الحصول عليها.

ولفت بلينكن إلى أنه بعد 11 يوما من التصعيد العسكري، كان من المهم وقف إطلاق النار، وذلك لبناء "شيء أكثر إيجابية"، والآن على الجميع "التعامل مع الوضع الإنساني الخطير فى غزة وإعادة الإعمار".

وشدد على أهمية البدء فى إجراء تحسينات حقيقية فى حياة الناس، وذلك حتى يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش بشكل متساو فى الأمن والسلام والكرامة.

وكانت مصر قد بذلت جهودا مكثفة، واتصالات على المستوى السياسى والأمنى أثناء الاشتباك وبعد التوصل لهدنة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وعبر اتصالات متبادلة مع الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته الذى قام بزيارة لكل من مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل للاتفاق على تنفيذ خطوات عملية فيما يتعلق بالأولويات التى حددتها مصر لوقف العدوان الإسرائيلي، فى الضفة والقدس، مشدداً على وقف اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين على المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة، وعلى أبناء الشعب فى الضفة، وقد أبدى الرئيس الفلسطينى محمود عباس الاستعداد لمواصلة الحوار لتشكيل حكومة وفاق وطني تكون ملتزمة بالشرعية الدولية". وترى ضرورة الانتقال بعد تثبيت التهدئة، إلى مرحلة البدء العاجل بمسار سياسي تحت إشراف اللجنة الرباعية الدولية، ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على أساس قرارات الشرعية الدولية.

وقد رحبت وزارة الخارجية والمغتربين بالمواقف التي صرح بها وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن الذى أكد على أهمية إعطاء الأولوية لثبيت وقف إطلاق النار والتعامل مع الوضع الإنساني الخطير فى قطاع غزة وضرورة البدء بإعادة إعماره.. واعتبرت أن "مواقف بلينكن تأتي فى الاتجاه الصحيح ويمكن البناء عليها، غير أن المطلوب هو الانتقال من مربع الأقوال إلى مربع الأفعال، بما فى ذلك ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف الاستيطان ووقف اعتداءاتها على القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية وفى مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ووقف طرد وتهجير العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح".

وطالبت السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة التعامل بإيجابية مع المواقف والتوجهات التي عبر عنها الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته، وكذلك مع أية مواقف وجهود معلنة ومبذولة لتحقيق السلام وفقا لمرجعيات السلام الدولية وفى مقدمتها مبدأي حل الدولتين والأرض مقابل السلام. وأشارت إلى أن التحدي الأبرز أمام الجهود الأمريكية والدولية يبقى التعنت الإسرائيلي والهروب المستمر من دفع استحقاقات السلام الحقيقي والدائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ولكن عمليا وفى تقديرى فإن الوضع داخل الأراضى الفلسطينية غير مريح ولازالت تداعياته مزعجة وقد تنذر بتجدد الاشتباك واختراق الهدنة لأن إسرائيل تتعمد تصعيد اعتداءاتها على القدس واقتحاماتها للمسجد الأقصى المبارك وتشديد حصارها على حي الشيخ جراح عشية وصول وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن إلى المنطقة، فى خطوة استباقية يهدف من خلالها الاحتلال إلى محاولة فرض الاقتحامات للأقصى وتكريسها وتعميق إجراءاته التهويدية فى القدس.

وبالتالى، لابد وأن تعلن إسرائيل صراحة قبولها بمبدأ حل الدولتين وهذا هو الانجاز المهم الذى يجب تحقيقه وألا تعاقب عرب 48 لتضامنهم مع أشقائهم فى الأراضى الفلسطينية متناسية وعود وتصريحات نتنياهو بأنه سيقوم بترميم العلاقة معهم.

أضف تعليق