«دماء واغتيالات.. اشتباكات متواصلة.. رصاص وطلقات خرطوش.. مظاهرات ومحاولات لشل مرافق الدولة.. محاولات لإشعال الفتنة الطائفية والمجتمعية»، هكذا حاولت جماعة الإخوان الإرهابية فرض سطوتها وبث الفوضى في البلاد أملا في إسقاط الدولة المصرية واعتلاء الحكم على جثامين شهداء الوطن.
استغلت الجماعة الإرهابية ميادين مصر لتنفيذ خططها المسمومة جاعلة من الشباب وقودا لمعركتها الشيطانية لإسقاط الدولة المصرية، فمن ميدان التحرير فى 25 يناير 2011 إلى عدد من الميادين الكبرى فى المحافظات، ثم محاولة ضرب تلك الميادين عندما ثارت ضد الجماعة فى 30 يونيو 2013 ثم اعتصامها المسلح فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة.
ربما لم تكن 2011 هى نقطة البداية الحقيقية بل سبقتها محاولات خبيثة وسرية قبل ذلك، ولكنها كانت نقطة الانطلاق فى تنفيذ المخطط الشيطانى للإخوان فى العلن وعلى أرض الواقع، والتى ننطلق منها فى الأسطر التالية لنرصد بعضا من فصول «الكتاب الأسود للإرهابية» مما يتسع المجال لذكره.
موقعة الجمل
ربما لم يتم حتى الآن معرفة المحرك الرئيسى فيما عرف بأحداث موقعة الجمل فى فبراير 2011 ولكن لجنة تقصى الحقائق التى تم تشكيلها فى 2013 كشفت عن استفادة الإخوان مما حدث ومشاركتها فى إشعال الأحداث فى يوم «الأربعاء الأسود» مما أسفر عن سقوط 7 شهداء وأكثر من 350 مصابا بعد معركة استمرت حوالى 18 ساعة.
فقد كشفت مكالمة مسربة للقيادى الإخوانى صفوت حجازي، أذاعها برنامج «الصندوق الأسود» للإعلامى والبرلمانى السابق عبد الرحيم علي، أنه كان على علم بعبور مظاهرة لمؤيدى الرئيس الأسبق حسنى مبارك من أمام ميدان التحرير ورغبة البعض منهم فى دخول الميدان، فأصدر تعليماته باعتلاء عناصر مسلحة تابعة للجماعة أسطح العمارات المطلة على ميدان التحرير.
ومع اقتراب مؤيدى مبارك من الميدان بدأ إطلاق النار والحجارة دون تحديد مصدرها مما أشعل الأحداث فسقط ضحايا من الطرفين، وتم حينها ظهور اسم «الفرقة 95 إخوان» والحديث عن دورها فى إشعال الأحداث.
من جانبه، اعترف القيادى الإخوانى عمرو زكى، أمين الحرية والعدالة المنحل بالقاهرة، فى تحقيقات لجنة تقصى الحقائق، باحتلال شباب الجماعة أسطح عمارات ومبانى ميدان التحرير، أثناء موقعة الجمل، وذلك لحماية المتظاهرين من التعرض للاعتداء من جانب أتباع الحزب الوطنى - حسب كلامه.
وقال إن الجماعة استخدمت شباباً يتمتع بالقوة البدنية فى طرد أتباع «الوطني» الذين حاولوا الاعتداء على المتظاهرين والثوار -وفقا لاعترافاته- وطردهم من الميدان مؤكدا أن شباب الجماعة شنوا هجوما مبكرا على أتباع «الوطنى» للسيطرة على الميدان والمتظاهرين.
حرق مقار الشرطة
لم تشهد مصر فى تاريخها هذا الهجوم المنظم على أقسام الشرطة، سوى مرتين، الأولى فى 2011 ضمن ما عرف باسم «جمعة الغضب فى 28 يناير» والثانية كانت عقب ثورة 30 يونيو التى أسقطت حكم الإخوان وخلصت البلاد من المرشد وأعوانه.
وبالطبع كانت المرة الأولى أكثر عنفا وتأثيرًا لأنها جاءت فى ظل حالة الفوضى التى شهدتها البلاد والإنهاك للجهاز الأمني، أما فى الثانية فكان الجيش مستعدًا لدعم الشرطة المصرية ومنع تكرار سيناريو 2011، وكذلك كان الجهاز الأمنى على أهبة الاستعداد بكافة قطاعاته وعناصره وهو ما حال بالفعل دون سقوطه وأفسد مخطط الإخوان الإرهابي.
وتم تنفيذ حرق مقار الشرطة والمحاكم فى القاهرة والمحافظات ضمن خطة إخوانية عرفت باسم «حريق القاهرة 2» فى محاولة لاستنساخ ذلك الحريق الشهير للعاصمة والذى حدث فى يناير 1952، والذى لم يكن الإخوان بعيدين عن أصابع الاتهام فيه أيضا، بل إن بعض الدراسات التاريخية أكدت ضلوعهم فيه للسيطرة على البلاد والضغط على الملك فاروق لإعادتهم للحياة السياسية!
أسفرت خطة «حريق القاهرة 2» عن إشعال النيران فى حوالى 100 قسم شرطة بمختلف المحافظات واقتحام مقار أمن الدولة وسرقة عدد من أجهزة الكمبيوتر بها وكذلك حرق مقر الحزب الوطنى بالتحرير ومحاولة اقتحام وحرق المتحف المصرى بالتحرير.
وقد شارك فى تلك الجرائم تحت راية الإخوان عدد من الحركات المشبوهة، منها حملة دعم البرادعى، وحركة 6 أبريل، وشباب حزب الجبهة الديمقراطية، والاشتراكيين الثوريين، وفقا لتصريحات نشرتها دويتش فيله الألمانية على لسان زياد العليمى المتحدث آنذاك بما يسمى ائتلاف شباب الثورة.
اقتحام السجون
لم يكن حرق أقسام الشرطة وبث الفوضى فى المحافظات هو هدف جماعة الإخوان الإرهابية، كما قد يتخيل البعض، ولكنه فى الحقيقة كان وسيلة للوصول إلى هدف أكبر يبدأ باقتحام السجون وينتهى بالوصول إلى كرسى الرئاسة!
ففى فجر 28 يناير 2011 وبعدما تأكد مكتب الإرشاد من سيطرته هو وأعوانه على مجريات الأحداث فى الميادين الثائرة، بدأت أولى خطوات تنفيذ العملية الرئيسية بدخول عدد من عناصر حماس وحزب الله الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية محملين بالأسلحة الثقيلة والمتعددة، حتى وصلوا إلى نفق الشهيد أحمد حمدى فى السويس.
وتم التقابل مع عناصر من قيادات الإخوان، ليتم الانتقال إلى السجون الأولى المُعدة للاقتحام وكانا سجن المرج وأبوزعبل، وتم الاشتباك مع القوات المتواجدة هناك لحماية السجن، حتى تدخلت اللوادر المُجهزة لهدم أسوار السجون وتم تحطيمها وتهريب المساجين وقيادات من حزب الله وحماس، كان مقبوضا عليهم فى قضايا فتنة وأخرى خاصة بأمن الدولة.
هذه الخطة كشفتها شهادات عدد من القيادات الأمنية والمخابرات فى تحقيقات النيابة وأمام القضاء خلال نظر قضية «هروب محمد مرسى العياط من سجن وادى النطرون»
كما أكد اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن عدد المشاركين فى الهجوم على السجون المصرية بلغ نحو 500 شخص من حماس و150 من حزب الله، وكذلك عدد كبير من جماعة الإخوان.
وأضاف أنه بعد اقتحام المرج وأبوزعبل، توجه المسلحون إلى سجن 330 و440 فى وادى النطرون، ووقعت اشتباكات عنيفة بين الأمن والمسلحين، وصلت إلى إخراج محمد مرسى، لتنفيذ مخطط الجماعة فى السيطرة على مرافق الدولة.
وعقب وصول قيادات الجماعة إلى ميدان التحرير وسط المتظاهرين، قامت بإخطار عناصرها باعتلاء أسطح بعض العمارات وقاموا بإلقاء المولوتوف وكرات اللهب وبعض الخرطوش على المتظاهرين، لإشعال الأحداث فى الميدان، كما تم إعطاء الضوء الأخضر لعناصر التنظيم الإرهابى ومساعديهم لحرق أقسام الشرطة لمنع الأمن من ملاحقة العناصر الهاربة من السجون.
اغتيال مبروك
رغم نجاح مخطط الإخوان إلى حد ما فى الوصول للحكم عبر رجلهم الذى تم تهريبه من السجن «محمد مرسي»، وقيام الجماعة الإرهابية بمحاولة طمس آثار جرائم التخابر واقتحام السجون وتهريب أعداء البلاد والتحالف معهم، إلا أن رجال مصر المخلصين كانوا لهم بالمرصاد.
فقد نجح المقدم محمد مبروك السيد خطاب، الضابط بقطاع الأمن الوطنى فى التقاط طرف الخيط وتتبعه حتى تمكن من حصر عدد من الأدلة يثبت ويوثق جرائم الإخوان ضد الوطن والتحالف مع أعدائه.
وبعدما اكتمل ملف القضية، وفشل الإخوان فى إفساد عمل المقدم محمد مبروك، كان قرارهم باغتياله لمنعه من الإدلاء بشهادته أمام المحكمة التى تنظر قضية «التخابر الكبرى» والمتهم فيها قيادات الجماعة الإرهابية.
وكشفت التحقيقات، عن تدشين الجماعة تنظيم مسلح تحت اسم «بيت المقدس» ليكون ذراع الإخوان فى تنفيذ عمليات الاغتيالات من بينها عملية اغتيال الشهيد محمد مبروك.
وأكدت التحقيقات قيام 7 إرهابيين بالاشتراك وتنفيذ العملية التى راح ضحيتها ضابط الأمن الوطنى، حيث اجتمع المتهم محمد على عفيفى بالإرهابيين على إثر محاولتين سابقتين لقتل المجنى عليه، واضعاً مخططاً حدد به دور كل منهم، فأعدوا لهذا الغرض سيارات وأسلحة نارية وبنادق آلية.
وأوضحت التحقيقات أنه فى اليوم المحدد لتنفيذ العملية 17 نوفمبر 2013، تربص كل من أشرف على حسانين وعمر محمد مصطفى وبسام مصطفى سيد أمام منزل مبروك، وما إن أبصروه مغادراً بسيارته حتى هاتفوا عفيفى ومحمد بكرى هارون والمتوقفين على مقربةِ من مسكنه بسيارة أخرى فتتبعوه جميعا حتى اقتربوا من سيارته وأمطروه بوابلٍ من الأعيرةِ النارية والتى أودت بحياته.
اغتيال النائب العام
لم تكن عملية اغتيال الشهيد محمد مبروك هى الوحيدة لجماعة الإخوان الإرهابية، بل سبقتها عشرات الاغتيالات منذ تأسيس الجماعة عام 1928 وتلتها عمليات أخرى، ولكن تظل عملية اغتيال النائب العام هشام بركات، من بين أهم تلك العمليات الخسيسة التى نفذها التنظيم الإرهابى بمساعدة أعوان له من محور الشر الإرهابي.
فقد كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فى القضية رقم 314 لسنة 2016 والمعروفة إعلاميا بـ «اغتيال المستشار الشهيد هشام بركات النائب العام»، عن تأسيس الجماعة لعدد من المجموعات المسلحة لاستهداف رموز الدولة، والاستفادة بخبرات عناصر حماس والحرس الثورى الإيرانى والعناصر القديمة فى الجناح المسلح للإخوان.
كما كشفت التحقيقات أن الغرض من تأسيس تلك المجموعات هو إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية من خلال تنفيذ عمليات عدائية واغتيالات تستهدف أعضاء النيابة العامة والقضاة والقوات المسلحة والشرطة والبعثات الدبلوماسية وشخصيات سياسية وإعلامية من المعارضين لتوجيهات الجماعة.
وفى 29 يونيو 2015، الموافق 12 رمضان تم تنفيذ العملية، بتفجير سيارة مفخخة ماركة «إسبرانزا» بالتزامن مع مرور موكب النائب العام الراحل بمنطقة مصر الجديدة ولقى مصرعه أثناء محاولة إسعافه بمستشفى النزهة الدولي، وتمكن قطاع الأمن الوطنى من القبض على 53 إرهابيا من إجمالى 67 متهما فى القضية، بينهم عناصر من حماس وتنظيم «جند الثورة».
عمارة المنايفة
عقب ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 ضد حكم المرشد وإسقاط جماعة الدم التى وصلت للحكم فى غفلة من الزمان، قررت الجماعة الإرهابية معاقبة الشعب المصرى الثائر ضدها والضغط على الدولة، من خلال اعتصام عناصرها بميدانى رابعة والنهضة، وكذلك محاولة إرهاب الثوار المعتصمين فى الميادين الأخرى ضد الجماعة.
كان اعتصام الجماعة مسلح مع إطلاق قاداتها تصريحات صريحة بإطلاق موجة من العنف والسيارات المفخخة والاغتيالات فى البلاد ما لم يتراجع الشعب عن ثورته ويسمح للجماعة الإرهابية بالعودة للحكم.
وحتى تضمن الجماعة حماية اعتصامها فى رابعة، أنشأت ما يشبه الثكنة العسكرية ومخزن للأسلحة فى عمارة شهيرة بالميدان تسمى «عمارة المنايفة»، والتى كانت بؤرة الإرهاب وتنفيذ اغتيالات ضباط وعناصر الجيش والشرطة المشاركة فى فض اعتصام رابعة المسلح فى 14 أغسطس 2013.
كان العقار المكون من 7 طوابق، والمطل على ميدان رابعة «الشهيد هشام بركات حالياً» يضم عناصر مسلحة ومدربة على أعلى مستوى بينهم قناصة كما كان يحتوى أنابيب بوتاجاز لاستخدامها كقنابل عند اللزوم بالإضافة لقنابل المولوتوف وأسلحة الأر بى جيه.
وكانت بالفعل «عمارة المنايفة» أشبه بالحصن ومركز لإدارة معركة الإرهابيين ضد الأمن المصري، حتى إن المواجهات تسببت فى حدوث حرائق بالمنطقة، وإتلاف بعض سيارات الشرطة وأعمدة الإنارة والأشجار وإشعال الحرائق فى المسجد وبعض المناطق المحيطة، كما دارت بسببها واحدة من أعنف وأخطر معارك الفض، بعد أن استخدمتها العناصر الإرهابية حصناً لمهاجمة قوات الشرطة ومنعها من السير فى شارع الطيران.
حرق الكنائس
عقب نجاح قوات الأمن فى فض اعتصامى رابعة والنهضة، واحكام السيطرة على البلاد وفرار معظم قيادات الجماعة الإرهابية، انتقلت «الإخوان» لخطة جديدة فى مسلسل الانتقام الدموى والشيطانى من الشعب المصرى الثائر ضدها، فصدرت تعليمات لعناصر التنظيم بمهاجمة وحرق الكنائس فى مختلف المحافظات فى محاولة لبث سموم الفتنة الطائفية بين عنصرى نسيج الأمة.
«منبقاش رجالة لو مولعناش فى الكنايس»، كانت تلك العبارة التى أطلقها أحد قيادات الجماعة الإرهابية على شاشة قناة الجزيرة بمثابة كلمة السر لعناصرها المسلحة والتى بدأت بالفعل فى تنفيذ التكليفات وسجلت الإحصائيات الرسمية 90 واقعة من الاعتداء على الكنائس والمنشآت القبطية التى دمرها الإخوان والتى استهدفت إشعال الفتنة الطائفية، كما تضمنت قائمة الاعتداءات مدارس قبطية ومكتبات ومبان خدمية، ونهب منازل المسيحيين فى محافظات صعيد مصر.
وكان الصعيد من أكثر المناطق التى تعرضت لعملية التعدى على دور عبادة الأقباط وكانت محافظة المنيا صاحبة النصيب الأكبر من الهجمات التى استهدفت الأقباط.
وبالطبع لم تكن المنيا وحدها هى المحافظة التى أصابتها نيران الحقد الإخوانية، بل طالت كذلك كنائس ومبان مسيحية ومنازل لأقباط فى محافظات أسيوط، والفيوم، والجيزة، والسويس، وسوهاج، والأقصر، وبنى سويف، حتى كنائس سيناء لم تسلم من شرهم، فقد أحرق الإرهابيون كنيسة مار جرجس بشارع 23 يوليو بالعريش، كما تضمنت جرائم الارهابية حصار أكثر من 20 كنيسة وقتها، إلا أنهم فشلوا فى اقتحام مبانيها بفضل التدخل الأمنى.