جلال زناتى يكتب: "الاختيار٣" حكاية ثورة شعب

جلال زناتى يكتب: "الاختيار٣" حكاية ثورة شعبجلال زناتى

الرأى8-6-2021 | 15:34

أيام قليلة وتطل علينا الذكرى الثامنة والعطرة لثورة 30 يونيه 2013م المجيدة، وأيام مضت من يونيه مرعلينا إختيار شعب قد بلغ عامه السابع من ذكرى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى سدة الحكم فى الجمهورية الثالثة لمصر، والتى حملت فى فحواها الأمل والثقة فى المواطن والطموح للوطن الذى يستحق منا الكثير، كلمات تحيا مصر ... تحيا مصر ... تحيا مصر التى يرددها الرئيس تشمل تحية لأرض مصر تارة، وتحية لشعب مصر تارة ثانية، وتحية تقدير لجيش مصر العظيم ومؤسساتها الوطنية التى دعمت شعب مصر فى إختياره وقراره فى إستعادة وطنه مرة أخرى تارة ثالثة.

حديثنا هنا عن إختيار لم تستطع الدراما أن تجسده فى شاشاتها، أغفله المؤلفون والكتاب دون قصد لأنه ليس رواية تجسد ولا قصة واحدة يمكن أن تحكى بين ليلة وضحى أنها قصتك أنت الذى إخترت وطن ولم تختر جماعة لا تعرف معنى الارض والعرض , جسدت الدراما التلفزيونية فى رمضان 2020 الإختيار (1) ملحمة البرث لتحكى قصة واحدة من بين الآف القصص لمؤسستنا الوطنية وجيشنا الذى يحمى ويبنى قصة للشهيد البطل أحمد المنسى رحمه الله,

ثم الاختيار (2) فى 2021م لرجالنا الشرفاء فى وزارة الداخلية من العيون الساهرة من شهداء وأبطال شرطتنا المصرية فى حماية أمن الوطن والمواطن من الجماعة الارهابية وأعوانها، وبين الاختيار الأول والثانى لم تغفل الدراما ذكر بعض القصص عن صقور مصر ورجال الظل - وهو اللفظ الذى يطلق على أبطالنا الذين يعملون فى صمت فى أجهزة المخابرات المصرية، فوجدنا "هجمة مرتدة" الذى نجح فى نقل صورة الأحداث فى مصر وما كان يحاك ل مصر من مؤامرات وفتن، قدر لأبطالنا أن يتصدوا لها بعناصر هى الأساس فى سطور هذه أنهم أبطال الاختيار (3) الشعب المصرى صاحب حكاية ثورة شعب.

فلننقل هنا صورة ذهنية للمواطن المصرى الذى إستعاد وطنه فى ثورة 30 يونيه 2013م المجيدة من جماعة أرادت أن تسرق الوطن والحلم والأمل والمستقبل وأن تحول مصر من دولة تصنع الأحداث إلى لادولة وهو ما كان يخططه لنا هؤلاء من أنصار جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، فالمواطن المصرى الفطن الذى نجده يبحث عن السعادة فى بساطة الأشياء وتقبل ذاته وفى نكاته التى يطلقها على نفسه فى فلسفة الإسقاط وفى تناول الأمور، نعم هكذا هم المصريون الذين كان الاختيار (3) بالنسبة لهم هو إختيار وطن.

أولئك الطيبون الذين ساندوا قيادتهم السياسية ومؤسساتهم الوطنية هم بحق ثرورة مصر، إنه الشعب الذي تحمل الكثير من المشاق والصعاب لمساندة المشروعات القومية ودعم المبادرات الرئاسية بل ومساندة المواقف السياسية للدولة ضد أعدائها وهم الذين يردد عنهم البساطة والطيبة التوكل، فلم يدرس هذا الشعب الريفى الجميل فى الوادى والدلتا العلوم السياسية والإنسانية بل كان لديهم حس أمنى ليس نابع من تحليلات سياسية أو تقديرات موقف أو خطط لسياسات ومراكز فكر، بل نبع هذا الحس الأمنى فى ثورتهم فى 30 يونيه 2013م من قلوبهم قبل عقولهم من الخوف ولكن ليس من الحاكم ولكن الخوف على وطنهم الذين لا ملجأ لهم بعد الله إلا إليه ولا فراق مكتوب لهم عليه، كان إختيارهم عرضا وكلمة شرف تعاهدوا عليها قبل أن ينطقوها فى ميادين ثورتهم الذين كانوا هم أبطالها وقادتها عظمة شعب وعراقة وطن وحكاية ثورة شعب لم تذكرها الدراما ولن تستطيع لأن أبطالها ملايين من رجال ونساء بلدنا الغالية الذين ثاروا ثم فوضوا جيشهم ثم إختاروا قيادتهم الوطنية التى وضعت مصر فى مكانتها الطبيعية على الصعيدين الإقليمى والعالمى ثم دعموا قيادتهم السياسية فى مشروعات تجاوزت 11 ألف مشروع، ورؤية وطنهم المستقبلية التى يحلمون بها.

حقيقة هذا الشعب البسيط لم يكن معظمه يعلم أن الأحداث التى مرت به منذ 25 يناير 2011م وحتى الآن أنها كانت نوع من الصراع المخطط الذى أرادوا به أن تكون مصر الجائزة الكبرى ونموذجا للتفتيت والذى نجحت فى تجسيدة الدراما إلى قدر كبير، هذا الصراع كان على شكل ثلاثة مشروعات - سوق أردوغان سلطان الإخوان والإرهاب، مشروع رجعى يرتدى عباءة دينية قدر له أن يفشل فى مصر بإختيار شعب ثورة فى 30 يونيه 2013م وبإسقاط جماعة الإخوان المسلمين، وهو المشروع الذى ليس له الآن سوى امتداد فكرى بين تركيا، أردوغان، وملالى إيران، وبين مشروع قومى اتسم إتباعه فى يومنا هذا بالخطابات الرنانة، دون الفكرة التى ربما يتكسب منها جل المنتمين إليه فى هذا المشروع القومى.

وبين مشروع ثالث يهتم بالضرورة بالوطن وبالحقوق والمصلحة المشتركة بين دول المنطقة، ونبذ العنف؛ من أجل بناء دولة وطنية تؤمن بالمشاركة والتوافق بين جميع أركان المنطقة، والتى مثلت مصر نموذجا رائدا فى ذلك فى ظل قيادتهما الحكيمة ومؤسساتهما الوطنية ولا سيما منذ ثورة 30 يونيه 2013م وحتى الآن، وبفضل دعم الشعب الذى إختار سرعان ما دار صراع خسرته تركيا ومن والاها وعادت مصر إلى مكانتها الطبيعية.

أما الاختيار (3) فهو حكاية ثورة شعب، أغفلته الدراما؛ فالشعب الذى تصدى لأكثر من 51 الف شائعة أرادوا بها أن يهدموا ثقته بنفسه وبقيادته الحكيمة وفشل هؤلاء فى حروبهم من الجيل السادس فى حرب الدعاية الإعلامية؛ هذا الشعب الذى إختار وطنه وقيادته ومؤسساته ويحارب ولازال بتسعة أجيال من الحروب من جيل أول يسعون فيه الزج بجيش مصر العظيم إلى حرب مباشرة، وجيل ثان يمثله عصابات الإرهاب التى إستهدفت كل ما هو مصرى من ثورة 30 يونيه ولا سيما فى سيناء الحبيبة نجده سند لدولته، وجيل ثالث إستبق الغرب فيه حربا على المنطقة ومنها مصر وشعبها وجيل رابع حرب لامتماثلة إستخدم فيها المجتمع المدنى لتفتيت الدولة وفشلوا بسبب شعب مصر العظيم ومؤسساتها الوطنية وجيل خامس حرب بالوكالة من دول تدعم الإرهاب ضد الشعب المصرى من دول تسعى فى حرمانه من قوت يومه وموارده بل ووطنه، وجيل سادس لهدم الثقة فى قيادته ومؤسساته، ولكن الشعب مرة تلو الأخرى يختار مصر، وجيل سابع خفية تصدير الأمراض وجيل ثامن تكنولوجيا تسرق بياناته وجيل تاسع تستهدف شباب مصر؛ لتحرم هذا الشعب من إختياره الذى كان ولازال، يستحق أن نختاره مهما عاد الزمن إلى الوراء، فقد إختار الشعب أن يكون صانعا لتاريخه وأن يكتبه بنفسه وأن يكون بتفويضه لقيادته الحكيمة فاعلا فى الأحداث وليس مفعولا به كما كانوا يريدون لهذا الشعب العظيم.

ولكن الأمر الذى نلاحظه أن التناول الإعلامى فى إنجازات الدولة وفى تبسيط الصورة للمواطن البسيط الداعم ل مصر بعرض المشروعات القومية والمبادرات الرئاسية رغم الجهد المبذول فى هذا الصدد لا يأخذ المساحة الاعلامية الكافية ومرد ذلك أننا لدينا مشكلة فى صناعة التضاد الإعلامى خاصة فى التعامل مع الإعلام الموجه ضد الدولة المصرية، من ناحية وكذلك أن الإعلام التقليدى قد تغير وأصبح إليكترونيا ويعتمد على السوشيال ميديا فى رسائل موجهة قصيرة وليس برامج التوك شو بنفس الأسماء المعتادة والتى تسرد لساعات؛ مما يتسبب فى أنها تضيع جهدها وفكرتها الموجهة للحرب ضد شعب مصر ومؤسساته الوطنية، وهو الأمر الذى يؤدى إلى ضعف التضاد الإعلامى وغياب الرسالة الإعلامية ويلزم ضخ دماء جديدة فى الإعلام من ناحية ثانية.

على أيه حال فالاختيار (3) حكاية ثورة شعب دعمته مؤسساته الوطنية وجيشه العظيم، وهو الشعب الذى وصفه الحجاج بن يوسف الثقفى فى وصيته لطارق بن عمرو ناصحا إياه :" لو ولاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل - والعدل أساس الحكم ومن العدل تحقيق الحياة الكريمة- فهم قتلة الظلمة وهادمو الأمم وما أتى عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها، وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب - ظهر هذا جليًا فى حرب الاستنزاف ثم العبور فى السادس من أكتوبر 1973 وفى التعاون مع دولتهم ضد الإرهاب، وهم أهل قوة وصبر.. وجلدة وحمل.. ولا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم - وظهر ذلك جليًا فى الإعداد والتدريب والتطوير لكل فروع القوات المسلحة المصرية وتصنيف جيشنا العظيم - .. فهم إن قاموا لنصرة رجل ماتركوه إلا والتاج على رأسه - وظهر ذلك فى مطالبتهم بترشح وإختيار المشير عبد الفتاح السيسى الرجل الذى له كل الفضل بعد الله فى حماية مصر والمصريين ودعم ثورة 30 يونيه 2013م من الفئة المتاجرة بالدين والوطن - .. وإن قاموا على رجل ماتركوه إلا وقد قطعوا رأسه - أو ألقوا به فى السجن هو وأعوانه كما رأينا الرئيس السابق والأسبق وما حدث مع كل منهما، فاتقى غضبهم ولا تشعل نارًا لا يطفئها إلا خالقهم.. فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض، واتقى فيهم ثلاثًا: نساؤهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها، وأرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم، دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك.

فنساء مصر دعموا دولتهم وشاركوا وأصبحوا يديرون دولتهم فى المجالس النيابية والسلطة التنفيذية وأرض مصر محمية بأبنائها وجيشها وشرطتها كما أن الشعب المصرى متدين ولا يقبل المساومة على دينه أو من يتاجر بدينهم وهم حجرا فى بناء وطنهم وصخرة فى الدفاع عنه، هذا الشعب الذى كان هو والنيل هبة مصر، ت مصر كل من جاء إليها لكى يعيش مصريا، تاريخه الذى هو عنوان للحضارة الإنسانية الذى تجسد فى عصوره المختلفة الضاربة فى القدم لوحة فسيفساء تتناغم فى عصورها وعهودها بالأصالة والعراقة، بساطته هى سر قوته كما أخبرنا التاريخ عنه وسيستمر كذلك ومن لم يقرأ التاريخ، لن يرحمه التاريخ حينما تروى سيرته، تلك حكايتى فى الاختيار (3).. حكاية ثورة شعب لازالت تروى وستستمر.

أضف تعليق