للحقيقة لم أتصور فى يوم من الأيام أن يلجأ الليبيون للخارج لتقرير مصير دولة عاش شعبها بكل كرامة وعزة وعز وفخر، حيث كان يحصل على كل ما يريد فى عهد النظام السابق، وقد حضرت مناسبات عدة فى سرت وبنغازى وطرابلس على مدار سنوات، وأعرف تمامًا شعبها الطيب الأصيل الكريم، وكذلك كل رجالها وقادتها فى عهد معمر القذافى الذى منع على مدار عقود أن تتعرض ليبيا لما تتعرض له حاليًا، وما ذكرته نقطة فى بحر عن عطاء القذافى لشعبه وأرضه ويعترف بذلك حاليا كل الشعب.
حيث أعلنت مؤخرًا المبعوثة الأممية السابقة إلى ليبيا استيفانى ويليامز، أن ما جرى من استهداف لنظام العقيد معمر القذافى عام 2011، كان مخالفا للقانون الدولي، واستهدف فقط تمرير مصالح القوى الكبرى آنذاك، وبهذا شهد شاهد مما اعتبرهم القذافى سابقا بأنهم منحازون لمصالحهم وأن الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاحات لأنها منظمة لا تحافظ على حقوق وسيادة الدول والشعوب، كما أثارت تصريحات ويليامز حالة من الغضب الشديد، داخل الأوساط السياسية الليبية خاصة التى وجدت مصالحها فى إنهاء حكم القذافى، والشرق أوسطية بشكل عام، بعدما أكدت أن ما جرى من استهداف لدول المنطقة، خلال ما يسمى بالربيع العربي، كان خطيئة كبرى ستلاحق المجتمع الدولى لفترة طويلة.
وأعلنت ويليامز خلال مقابلة نشرها موقع «ميدل إيست مونيتور»، أن ليبيا تم تدميرها بالكامل فى ٢٠١١، باسم القانون الدولى، رغم أن ما حدث يتنافى كلية مع أى عرف أو قانون.
بالتأكيد إن حديث ويليامز شديد الخطورة، لأنه يمثل اعترافا من مسئولة أممية رفيعة المستوى، بأن القوى الكبرى لا تتورع عن التلاعب بمصائر الشعوب، لتحقيق مصالحها، وأن الأمم المتحدة تقف بكل مؤسساتها عاجزة عن حماية الأبرياء من اعتداءات تغير مصير أوطانهم ونهب ثرواتها.
على أية حال تسير الخطوات السياسية لاستعادة سيادتها من المرتزقة ببطء شديد، بسبب كثرة الرجال المتحكمين بالسلطة السياسية التى يجب أن تنحنى لمصالح الدولة وليس للأفراد، لأن قوة الدولة تمنع تعرضها للطامعين والمتدخلين تماما، فالأجسام التى تضعف مناعتها تحاصرها جميع الأمراض وهنا نعول كثيرًا على أهمية إتمام الانتخابات البرلمانية والرئاسية التى تقرر موعدها فى 24 ديسمبر من العام الحالى 2021.
وسبق أن استضافت برلين المؤتمر الشهير لتسوية الأزمة الليبية فى يناير 2020، وشارك فى المؤتمر حينها مسئولون من 11 دولة بالإضافة إلى ألمانيا، اتفقوا خلاله على توحيد مؤسسات البلاد، ووقف التدخلات الخارجية، واحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، إلى جانب وقف إطلاق النار.
كما اقتضى الحل 3 مسارات؛ منها المسار العسكرى، وذلك عبر تشكيل "لجنة" مؤلفة من 10 ضباط، و5 عن كل جانب، لتحديد آليات تنفيذ وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى نزع سلاح الميليشيات فى ليبيا وتفكيكها وإعادة إطلاق مسار المصالحة، وقد تبنت مصر برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي كل هذه الخطوط العامة وبنى عليها إجراءات تعزز تحقيق الأمن والأمان ل ليبيا وشعبها مع متابعة ما أعلنه بالخط الأحمر وتتابع مصر من خلال اتصالاتها الدولية الفاعلة التمسك بكل خطوات خريطة الطريق ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الألمانية برلين مؤتمر وزراء الخارجية حول ليبيا فى النصف الثانى من شهر يونيو.
وقد أعلن وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس: «فى ليبيا التعاون مع الحكومة الانتقالية الجديدة»، مشيرًا إلى «التحديات العديدة الواجب التغلب عليها»، من انتخابات 24 ديسمبر وحتى هدف الانسحاب الكامل للمقاتلين الأجانب من البلاد.
كما أشار الوزير الألمانى إلى أن «فرص السلام زادت» فى ليبيا، لكن لا يزال هناك تحدى الانتخابات وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب.
وقد تلقى رئيس المجلس الرئاسى الليبى محمد المنفى دعوة رسمية من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ووزير الخارجية الألمانى هايكو ماس؛ لحضور مؤتمر برلين الثانى حول ليبيا، المقرر عقده فى 23 يونيو الجاري.
ومن المقرر أن يبحث مؤتمر برلين 2، الخطوات المقبلة التى يحتاج إليها تحقيق استقرار مستدام فى البلاد، والتحضير لانتخابات وطنية مقررة فى 24 ديسمبر المقبل، وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، وتشكيل قوات أمنية موحدة فى البلاد.