من عنيك أقولك كل أسرارك

من عنيك أقولك كل أسراركحسين خيري

الرأى14-6-2021 | 14:54

لغة الجسد من المواد الهامة التي يدرسها طلاب معهد السينما، ولغة الجسد كانت سر عبقرية كوميديا "شارلي شابلن"، فقد استطاع بحركات جسده فى عصر السينما الصامتة أن يتفوق فى تجسيد أفلامه من خلال انفعالات وجهه وحركات يديه وقدميه، ولغة الجسد تمكن صاحبها من اقتحام أعماق الآخرين وفهم رسائلهم الخفية، بل قد تقترب من كشف نواياهم.

وأثبتت دراسة فى علم النفس أن 7% فقط فى فهم الرسالة المتبادلة بين الأفراد تكون بواسطة الكلمات، أما نبرة صوت المتحدث تمثل 38% فى إدراك الرسالة، بينما 55% من استيعابها تأتي عبر طريقة المشي وحركة اليدين والجبين ونظرات العين، وهنا صدق الموسيقار محمد عبدالوهاب فى أغنيته وهو ينشد: "حكيم عيون أفهم فى العين.. أفهم كمان فى رموش العين.. ومن عنيك أقولك كل أسرارك".

وفريق آخر من علماء النفس يقولون إن الكلام يحمل 30% من مضمون الرسالة، و70% تترجمها لغة الجسد وتعكس ما يخفيه العقل الباطن، الذي يؤثر بدوره على قراراتنا وشعورنا سواء بالراحة أو النفور.

ودلالة لغة الجسد تفسر مدى قوة أو ضعف العلاقات الثنائية بين الدول والشخصيات السياسية، وتوضح موازين القوى، وكذلك تكشف حميمية الصداقة، وتحدد تباين العلاقات بين الأزواج والعائلات.

وأدرك رجال الدولة والسياسة فخ قراءة لغة الجسد، فأمعنوا فى المراوغة والتظاهر بإخفاء مشاعرهم بهدف حجب الحقيقة، وتجاوزوا هذا بتعيين مستشارين متخصصين فى تدريبهم ومنحهم الإرشادات والنصائح لكي يظهروا أمام شعوبهم وفى محافلهم بصورة حسنة.

وأوضح خبراء فى لغة الجسد أن هيلاري كلينتون كانت تتعمد التحدث بلهجة ناعمة وهادئة حتى تكسب اهتمام المتابعين، واعترفوا بذكاء زوجها بيل كلينتون فى التعامل مع لغة الجسد.

غير أن العلماء أكدوا أنه مهما وصل هؤلاء من الذكاء وعلمهم بتفاصيل علم لغة الجسد فلابد أن يقعوا فى فضح نواياهم وخاصة عند الغضب أو أثناء المواقف المثيرة، وأحيانا ينفعلون ويستخدمون الإشارة بالسبابة.

وفى بعض الدول مثل ماليزيا والفلبين، تعتبر الإشارة بالإصبع تجاه أي شخص إهانة، والسبب أنها تستخدم فقط للإشارة إلى الحيوانات، وفى حالة ضم الأصابع نحو الإبهام للتعبير عن الموافقة فإنها تدل على شخصية قوية وليست عدوانية.

ولذا يجب إدراك أن الحالة المزاجية تتحكم فى حركات جسدك، وللخروج من هذا المأزق إذا كنت تعاني من غضب فحاول بقوة أثناء حديثك استدعاء المواقف السعيدة فى حياتك، أو تخيلك أنك فى مكان يشعرك بقمة السعادة وسرعان ما تتغير حالتك النفسية، وتصبح حركات جسدك أكثر طمأنينة.

ومن أجل ذلك اهتم رجال المخابرات حول العالم والعاملون فى مجالات التسويق والمبيعات بدراسة لغة الجسد وآثارها، ومارسوا تدريبات خاصة بها لتنمية مهاراتهم وقدراتهم فى تحليل إيماءات وحركات الآخرين، وكذلك فى محاولة لضبط أدائهم وانفعالاتهم.

والدليل على ما سبق إعلان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" فى عام 2014 عن تكليف عدد من خبراء لغة الجسد لدراسة شخصيات الكثير من الزعماء والرؤساء على مستوى العالم، وذكر المتحدث العسكري الأمريكي أن هذه الدراسات كانت فى العقد الماضي تابعة لوزارة الخارجية، وأضاف أنه كان يصرف 300 ألف دولار سنويا منذ عام 2009 على هذه الدراسات وحاليا تضاعف هذا المبلغ.

ويشير العلماء إلى قدرتهم فى كشف الكذب من خلال لغة الجسد، ويعرفونه من تغيرات فى نبرات صوته وفى حركات الشفاه، وفى هذا النحو نتذكر قول
الله تعالى فى كتابه الكريم: "وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فى لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ".

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2