قضية حنين حسام ومودة الأدهم، اختلفت وجهات النظر حول كونهما ضحايا أم مذنبون، وجعلنا هذا نبحث فى تطبيق التيك توك مرة أخرى ونسأل هل نحن مع أم ضد محتوى هذا التطبيق الذى يدخل كل بيت وجمهوره من الشباب والمراهقين أى أخطر فئات المجتمع.
ولمن لا يعرف القضية فلقد تم إلقاء القبض علي الفتاتين، والتحقيق معهما وتوجهت لهما 9 اتهامات وهى الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية والمجتمع، الاشتراك مع آخرين فى استدراج الفتيات واستغلالهم عبر تطبيق التيك توك، ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، وتلقيهم تحويلات بنكية من إدارة التطبيق مقابل ما تم تحقيقه من مشاهدات، ونشر فيديوهات تحرض على الفسق لزيادة نسبة المتابعين...
فى هذا التحقيق نعرض آراء الخبراء حول هذا التطبيق، ومخاطره وحلول لمواجهة المخاطر الناجمة عن هذا التطبيق.....
تقول دكتورة أسماء محمد نبيل، مدرس علم الاجتماع بقسم الفلسفة والاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، أصبح تطبيق التيك توك التطبيق الأول الرائج بين الأطفال والمراهقين، وللأسف نتيجة انتشار الكورونا والبقاء لوقت طويل في المنزل عمدت بعض البنات القاصرات إلى الرقص لقتل الوقت وذلك عبر تطبيق تيك توك، الأمر الذى بات يشكل خطورة كبيرة على حياتهن؛ لذلك فإن عرض مقاطع فيديو لفتيات قاصرات وهن يرقصن يشجع المتربصين والمجرمين على استخدام المقاطع للإساءة إلى هذة الفتيات القاصرات أو التحرش اللفظى بهن أو إرسال رسائل مسيئة تؤدى غالبا إلى إحداث أذية نفسية للشخص ولعائلته، وبما أن جمهوره الأول هو الشباب الصغير فهم أكثر المتأثرين بأى شيء خاطئ قد يحدث عبر التطبيق.
وأوضحت مدرس علم الاجتماع، يتمثل خطورة ذلك في عدة نقاط منها، إن نشر هذه المقاطع جريمة موصوفة حتى لو كان الأهل لا يدرون ماذا يفعلون، وسائل التواصل ومن ضمنها (التيك توك) هي أسرع وأسهل طريقة للتحرش بالفتيات في غياب الأهل والمراقبة العائلية والمدرسية، فما أكثر المرضى المتسترين خلف الشاشات الذين يشتركون بحسابات وهمية ويقومون بالتحرش بأولئك الأطفال عبر الرسائل والتعليقات أو حتى الإساءة لهم وتعريضهم للتنمر، مصدر للتحرش نظراً لأن التطبيق يسمح لك بمشاركة جميع أنحاء العالم فإن فرص التحرش اللفظى والجسدى موجودة، بالإضافة إلى الاكتئاب، مستخدمو التيك توك إذا فشلوا في تحقيق رغبتهم في القبول نتج عن ذلك التوتر والضغط والإكتئاب، وقد تصل محاولات جذب الإنتباه إلى المشاهد الفاضحة والتي تؤدى إلى قضايا مخلة بالشرف أو الدعوة إلى الفسق.
لذا فضرورة عدم سماح الأهل لأولادهم بخلق حسابات على هذا التطبيق.
ويوضح عماد طلعت لايف كوتش واستشاري تنمية الموارد البشرية بالفيدرالية العالمية لأصدقاء الأمم المتحده، لا أحد يستطيع أن يقف في وجه التقدم والتطور فالحياة تتطور دائما والانتصار دائما للتطور، ويتابع، عندما بدأت الإذاعه في الثلاثينات هاجمها بعض الناس ثم أصبح الراديو في كل بيت ومن بعدها التلفاز ثم الكمبيوتر، ثم لم يكن أحد يتخيل أن يستخدم الإنترنت بالموبايل وكان الكثيرون يسخرون من ذلك لأن اللاب توب أو الكمبيوتر أفضل، وفجأة أصبح الجميع يستخدم الموبايل بديلا لللاب توب !!
وهذه هي الحقيقه هي انتصار التطور، وهكذا تطبيقات كثيرة ظهرت مثل التيك توك وغيرها ولكن هناك شئ اسمه التقنين بمعني أن هناك سينما ولكن هناك أجهزة رقابية تحدد ما يصح وما لا يصح ، حتي في أمريكا تعرض الأفلام الهابطة أو المسفة في سينما درجة ثانية أو ثالثة، ولا تعرض في سينما ذات قيمة، وأيضا التلفاز والإذاعة، أما بالنسبة للإنترنت تستطيع أي دولة أن تحجب مواقع تماما كمثال المواقع الجنسية وهذا في دول كثيرة، وأيضا التطبيقات التي يساء استخدامها يجب وقفها لفتره.
ولفت عماد طلعت، أنه بعد التغييرات الكبيرة التي طرأت علي المجتمع في السنوات الأخيرة ظهرت نماذج مثل موده الأدهم وحنين وغيرهم ، وهم ضحايا قبل أن يكونوا مذنبين، ضحايا تغيير الهويه والقيم والمعتقدات، ويجب ولو بشكل مؤقت مراقبة هذه التطبيقات وبشكل حاسم أو وقفها إذا لزم الأمر، ويجب علي الأسرة و المدرسة و الإعلام إعادة بناء قيم المجتمع وأخلاقياته مرة أخرى حتي نعيد للمجتمع المصري أخلاقياته الحقيقية التي عاش بها لعقودا طويلة ،وعلينا أن نتحرك قبل فوات الأوان ونحن نستطيع ذلك.
وبخصوص هذا الملف الشائك، يقول الأستاذ الدكتور على النبوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، أننا الآن أمام موجة عارمة من اختلاف الثقافات ما بين القديم والحديث، فالثقافة القديمة التى كانت تبنى العقل الجمعى للمجتمع المصرى تغيرت تماما، قديما كانت المرأة مختبئة دائما، محتشمة تماما، ومن العيب أن تظهر حتى من خلف شباك، حتى جاءت العولمة وأصبح العالم قرية صغيرة وتداول المعلومات أصبح سريعا للغاية، ومن هنا نجد أن لدينا أجيالا تأثرت بالفكر الغربى والإندماج النفسى عبر قنوات اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، ويعيشون كأنهم فى الغرب تماما، وانقسم الناس بين سعداء بحبس فتيات التيك توك و ينادون بغلق تطبيقات والفتن والخلاعة كما يسمونها، وهم دائما ما يقولون الجملة الشهيرة" هو فين أهالى البنات دى"، وعلى صعيد آخر هناك آخرون تحت سن الأربعين، تأثروا بالثقافة الغربية وحقوق المرأة، والحرية، وهم أصحاب مقولة " أنت حر ما لم تضر" وأن أجتياح العالم الآن هو عبر الإنترنت والتواصل الاجتماعى وعليه مسايرة الموضة والشباب وعدم كبتهم، ويضيف، أصبح حلم كل طفل أن يصبح يوتيوبر وليس طبيب أو مهندس ، ليحقق ربح كبير بأقل مجهود وفى وقت سريع.
أما سارة عبد الحميد، استشارى علاقات أسرية وتربوية ومدربة تنمية بشرية، فتقول أن قضية مودة وحنين شغلت الرأى العام كله بين مؤيد ومعارض، ولكن إذا نظرنا إلى الموضوع بكل زواياه سنجد أن هاتين البنتين مدانتين، هل يُعقل أن البحث عن المال يكون بضياع أخلاق الفتايات، إننا فى مجتمع شرقى وتحكمنا تعاليم الدين الإسلامى وتحكمنا قوانين من الشريعة الإسلامية ، هل من القيم التحدث مع رجال وشباب مقابل المال؟، وتجنيد فتايات أخرى للحصول على مزيد من هذه الأموال وتكوين مثل شبكات الإنحراف.
وأشارت استشارى العلاقات الأسرية ، أن هاتين الفتاتين ارتكبتا خطأ فى حق أهاليهم قبل انفسهم وإذا تركتهم الدولة بلا عقاب رادع سوف نجد غيرهم وغيرهم ممن يريدون إفساد بناتنا فهم يريدون أن يُفسدوا الفتيات وبطرق ملتوية، كما أنه يس من حق أحد التعليق على أحكام القضاء وخاصة فى مثل هذه القضايا التى تخص مجتمع بأكمله وأيضاً تخص الشرف والأخلاق، إن قضية مودة وحنين تخص كل أسرة وكل البيوت المصرية القائمة على المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة، فالأسرة تحافظ على بناتها والدولة أيضاً تضع كافة القوانين والأحكام التى تحمى بها الفتايات من أى عنصر يُخرب عقولهم أو يرشدهم إلى طريق الضلال خاصة أن التطبيقات التكنولوجية التى تطورت بشكل سريع جدا وبعض الأسر لا تتابع كل تطبيق يتم انشاؤه وكل تطبيق يتم تداوله بين الشباب والبنات وما هى متضمناته و محتوياته أصبحنا الأن نجلس فى مكان واحد بأجسادنا فقط فلا نتحدث مع بعضنا البعض بل ننظر إلى شاشات الموبايل، إن التكنولوجيا كما أفادت البعض فى البحث والتطوير أيضاً افسدت البعض وخربت العقول والأن تُضيع بعض الفتايات و الشباب ذات الإرادة الضعيفة.
وتسألت فماذا يكون القادم إذا لم تقف الدولة بكل حزم وقوة لمواجهه اى إفساد فى المجتمع ؟.. فما هى الإستفادة من تطبيق يقوم على رقص الفتايات أمام شباب مقابل المال ؟.
وتابعت، لابد أن نوجه نداء لجميع الأسر، عليكم متابعة التطبيقات التى يتابعها أبنائكم وبناتكم فلاداعى لتركهم يواجهون مثل هذه الأشخاص ومثل هذه التطبيقات بمفردهم فعلينا جميعا التكاتف والمحافظة على القيم التى تبدأ من الأسرة ، فالمرأة نصف المجتمع هى الأم والأخت والزوجة والإبنة فإذا فسدت المرأة فسد المجتمع بأكملة.. هل نريد مجتمع له قيم ومبادئ وأخلاق حميدة أم نرى مثل مودة وحنين .
وتقول دكتور إسراء حجى، دكتوراة فى الصحة النفسية، تعتبر الوسائل التكنولوجية الحديثة هى الأداة التى يحتاجها الكثير منا لما لها من فوائد عديدة كتوفير الوقت والجهد والمال وعناء السفر فى بعض الأحيان نظرًا لأن العالم أصبح قرية صغيرة بعد دخول الانترنت والتليفون المحمول والبرامج والتطبيقات الحديثة التى يتسابق الجميع على الخوض فى هذا العالم بما فيه من مغريات كثيرة ولكن يكمن هنا السؤال لماذا لا يرى البعض العيوب التى يمكن أن تكون بهذه التكنولوجيا؟ ولماذا لا نلتفت إلى وجود بعض اللصوص التى تتخفى وراء ستار التكنولوجيا والأنفتاح الكبير؟ ولكن تكمن الغاية لمستخدمى هذه الوسائل فى جنى المال ليس إلا دون النظر إلى اللصوص الأخرى وهى: " تضييع الوقت فيما لايفيد، الوقوع فى الأخطاء والرذائل، عدم وجود حياء لدى البعض وهى الكارثة الكبرى، انعدام الأخلاق، ويعتبر البعد عن الدين أهم هذه الأشياء" .
وأضافت, "حجى"، إنها فى الواقع ليست فقط مشكلة الأجيال الحديثة التى ظهرت فى هذا العصر من التطور إنما هى مشكلة فى التربية التى انعدمت وصار التشجيع على جنى المال هو الشغل الشاغل لبعض الآباء دون النظر إلى وسيلة جنى هذا المال أو مصدره، ووصلنا إلى أن عدم التربية من وجهة نظرهم حرية وترك الأطفال والشباب على المواقع والتطبيقات هى ضرورة حتى يتعلموا ويعرفوا الحياة وهنا تكمن المشكلة أين دوركم أيها الآباء فى التوعية وتعديل المدخلات الخاطئة وراء هذه المواقع والتطبيقات؟ المحصلة أنه لايوجد مراقبة ومتابعة وتوجيه ، لذلك تظهر المشكلات والظواهر الغريبة التى نجدها فى المجتمع ومن يحرض على تفشيها بشكل أكبر والتبرير انهم لم يعرفوا .. هل هو مبرر قوى؟ المشكلة مشكلة آباء تركوا الأمر لغيرهم يتولى تربية ابناءهم ونسوا أن غيرهم لايريد لأبناؤهم أن يعرفوا القيم والاخلاق التى يجب أن يزرعوها، وعلينا جميعًا أن نتشبث بقيم مجتمعنا وأن نراقب أولادنا وهذا لايعنى سلبهم حريتهم ولكن تقويمهم بما فيه الخير لهم بل وإبعادهم عن المغريات التى قد تودى بحياتهم وتؤدى لضياع مستقبلهم.
ولفتت دكتورة إيمان عبدالله، أستاذ علم نفس اجتماعى وعلاج أسري، أنه مع كل انتهاك لحدود وقيم المجتمع الأخلاقية نجد متغيرات عديدة تجلب لنا سلوكيات إنحرافية وتطل علينا من نوافذ عديدة مثل تطبيق التك توك وغيره.. وتحول الأمر من ترفيه عبر التطبيق إلى إتجار بالبشر، وهو ما حدث مع الفتاتين، ومحاولة للكسب المادى بطرق غير شرعية، وأصبحت الأسرة هي الداعم لبناتها, أو زوج يدعم زوجته وينشروا فيديوهات لهما دون أى خصوصية مقابل جني المال، وتضيف، دكتورة إيمان، أن الحكم القضائى ليس قاسى كما يدعى البعض، بل هو وقائى وضد الآفات والأمراض المتجمعية.
وأشارت إلى أن هذه التطبيقات والمشتغلين بها أرض خصبة ويد مساعد للفساد والإتجار بالبشر والتطوير للسلوك المنحرف ويقلدهم الآخرين للوصول للثروة السريعة مهما كلفهم الأمر، ومن هنا لابد من طرح تلك الموضوعات أسريا لحماية أولادنا، وتعليمهم أنه من الخطأ نشر الخصوصيات أمام الكاميرا والتعامل مع تلك التطبيقات أنها شى فاضح ويجب أن يعرض من خلالها مايفيد وليس العكس، وحث الأبناء علي شغل أوقات فراغهم بما يفيد من هوايات ورياضه وفن وتعليم مهارات وزياده الوعي من خلال التثقيف الديني ، مع الحرص علي الحوار الاسرى وتفعيل وظيفة الأب والأم وتلبية الاحتياجات العاطفية للأبناء، والتعامل بتنتهي الحرص عبر جميع شبكات التواصل الاجتماعي حتي ليكونوا فريسة.