آبي أحمد.. من «نوبل للسلام» إلى مجرم حرب

آبي أحمد.. من «نوبل للسلام» إلى مجرم حرب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

عرب وعالم6-7-2021 | 23:13

الانتخابات البرلمانية التي أجريت مؤخرا في إثيوبيا في ظل مقاطعة العديد من الفصائل الإثيوبية، وغياب أحزاب المعارضة، وانتشار المجاعات، وممارسة أبشع الأساليب القمعية والاستبدادية والتصفية العرقية للتخلص من معارضي آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، كلها أسباب أدت إلى افتقاد تلك الانتخابات لمعايير المصداقية والنزاهة، هذا ما أكدته صحف عالمية ومؤسسات دولية أعربت عن انتقاداتها الشديدة للانتخابات الإثيوبية في إطار رؤيتها التحليلية للعملية الانتخابية وتداعياتها المستقبلية على وحدة الدولة الإثيوبية.

واتفقت جميع الرؤى على أن هذه الانتخابات تعكس واقعاً مضطرباً في بلد يقطنه 109 ملايين نسمة، وتؤدي لمزيد من العنف والفوضى وتعميق الصراعات العرقية.

السطور التالية تنقل الصورة كما رصدتها الصحف العالمية وخبراء الشأن الإثيوبي وأعين المراقبين، وشهود العيان .

البداية مع شهود العيان حيث ذكر زعيم المعارضة الإثيوبى برهانو نيجا أن مسئولين محليين وميليشيات منعوا المراقبين من دخول لجان انتخاب كثيرة فى إقليم أمهرة وفى إقليم الأمم الجنوبى، لافتًا إلى أن حزبه «المواطنون الإثيوبيون من أجل العدالة الاجتماعية» قدم 207 شكاوى، وردًا على ذلك اعترفت برتكان مديقسا رئيسة لجنة الانتخابات فى إثيوبيا بحدوث خلل فى العملية الانتخابية، مؤكدة أن شكاوى المعارضة من حدوث مخالفات فى منطقتين تهدد بتشويه الانتخابات التى وصفتها الحكومة بأنها أول انتخابات حرة ونزيهة فى البلاد بعد قمع استمر عشرات السنين.

سياسات قمعية

ووصفت مجلة نيوستيتسمان السياسية البريطانية الانتخابات الإثيوبية التى عقدت مؤخرا بالمضطربة مؤكدة أنها لن تعيد ثقة المجتمع الدولي، والشعب الإثيوبى فى آبى أحمد، فى ظل تزايد وتيرة الصراعات العرقية، والحرب الطاحنة فى إقليم تيجراى والاتهامات بقمع الحكومة للمعارضة، وتنديد المنظمات الدولية بالمذابح وعمليات الاغتصاب والتصفية العرقية التى تمارسها حكومة آبى أحمد.

وأكدت المجلة السياسية الأولى فى بريطانيا أنه على الرغم من أن آبى أحمد عند توليه السلطة فى 2018 فى وقت احتجاجات مناهضة للحكومة، أجرى بعض الإصلاحات، وأطلق سراح عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، وشرع أحزاب المعارضة، وفتح الاقتصاد المملوك للدولة إلى حد كبير أمام المستثمرين الأجانب، والأهم من ذلك أنه أنهى الصراع الذى دام 20 عامًا مع إريتريا المجاورة، مما جعله ينال ثقة وإعجاب المجتمع الدولى ومن ثم حصل على جائزة نوبل للسلام فى عام 2019.

إلا أن هذه الإصلاحات لم تدم لفترة طويلة فى واحدة من أكثر الدول استبدادًا فى إفريقيا، وعاد آبى أحمد إلى الإجراءات الاستبداديــــــة والسياســــــات القمعيــــة للحكومات السابقة، بما فى ذلك إغلاق الإنترنت واحتجاز الأشخاص المشتبه فى ارتباطهم بعمليات القتل، وسرعان ما اندلع العنف بين المجموعات العرقية العديدة فى إثيوبيا نتيجة لهذه لسياسات، مما أدى إلى فرار ما يصل إلى مليونى شخص من ديارهم، بعد سلسلة اغتيالات السياسيين البارزين.

ورصدت المجلة بعض سياسات آبى أحمد التى تجعل المناخ العام غير ملائم لإجراء انتخابات نزيهة فى إثيوبيا، وهى أن قرار أبى أحمد حل حزبه، (الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية) (EPRDF)، التى حكمت إثيوبيا لما يقرب من ثلاثة عقود، لتشكيل حزب الازدهار، له أكبر الأثر فى إثارة حفيظة وانتقادات المجتمع الدولى ضد آبى أحمد وتشويه سمعته فى الخارج .

وأضافت أنه فى ظل هذه الأوضاع سيطر الحزب الحاكم فى تيجراى، (جبهة تحرير شعب تيجراى)، لفترة طويلة على الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية، اعتقادًا منه بأن نفوذها فى حزب الازدهار سوف يتضاءل، ورفضت الانضمام إلى التحالف الجديد، وهى مواجهة أدت فى النهاية إلى قيام حكومة آبى الفيدرالية بشن حرب على الجبهة الشعبية لتحرير تيجرى فى نوفمبر 2020، علاوة على اندلاع الصراعات العرقية فى العديد من الأقاليم الإثيوبية الأخرى نتيجة لهذه السياسات.

مذابح التيجراي

وذكرت مجلة نيوستيتسمان البريطانية أن السياسات الدموية لحكومة آبى أحمد فى إقليم التيجراى، أسفرت عن مذابح جماعية تم رصدها عبر الأقمار الصناعية والطائرات، منها على سبيل المثال مذبحة لمئات المدنيين العزل فى بلدة أكسوم، على أيدى القوات الإريترية المتحالفة مع القوات الإثيوبية، وبحسب المجلة البريطانية زعمت بعض المصادر داخل المنطقة أن الاغتصاب يستخدم كسلاح حرب، كما اتهمت القوات التيجراية قوات آبى أحمد والقوات الإريترية بإرتكاب فظائع وجرائم حرب، مات الآلاف على إثرها، على الرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة، وفى ظل هذه الأوضاع الناجمة عن السياسات القمعية أكدت المجلة البريطانية من المستحيل عقد انتخابات نزيهة ومعبرة عن إرادة جميع فصائل الشعب الإثيوبي، وشددت المجلة البريطانية أن هذه الانتخابات تحولت إلى مشاهد عنف وحروب أهلية.

حفلة تنكرية

إدلاء الإثيوبيين بأصواتهم فى الانتخابات التشريعية مع تصاعد التوتر والصراع الدموى والحروب الأهلية فى منطقة تيجراى أثار انتقاد صحيفة لومانيتيه الفرنسية، التى شبهت الانتخابات الإثيوبية بــ (حفلة تنكرية) نظرًا لما تعانيه البلاد من تزايد وتيرة الصراعات العرقية والحرب الأهلية المحتدمة وتطرح الصحيفة تساؤل استنكارى تخاطب به المجتمع الدولى.. كيف لمثل هذه الانتخابات أن تتم وإقليم تيجراى شمالا بالقرب من الحدود الإريترية يشهد اشتباكات بين الجيش الفيدرالى وجبهة تحرير شعب تيجراى ومستبعد بالكامل من العملية الإنتخابية وهو ما يعنى استبعاد 36 دائرة انتخابية مما يمثل خللًا فادحًا فى العملية الانتخابية، كما أنه فى أماكن أخرى أيضا سيتعين على 20% من الدوائر الانتخابية فى البلاد الانتظار حتى 6 من سبتمبر المقبل بسبب التوترات العرقية أيضا، كما تأتى الانتخابات وسط توتر كبير مع الخرطوم والقاهرة بسبب التعنت الإثيوبى فى قضية ـ «سد النهضة».

ومن جانبها انتقدت صحيفة واشنطن بوست إجراء الانتخابات الإثيوبية فى ظل اندلاع حرب وصفتها بالكارثية فى إقليم تيجراى، والمستمرة منذ نحو 7 أشهر، واتهمت قوات حكومة آبى أحمد بارتكاب «جرائم حرب» بحق سكان هذا الإقليم، وسط تقارير دولية عن معاناة مئات الآلاف من أهالى تيجراى نتيجة المجاعات، وعمليات التصفية العرقية، وتتوقع الصحيفة العالمية فى ضوء هذه الأحداث، وفى ظل الأوضاع المطربة وإنعدام الأمن أن الانتخابات الإثيوبية ستؤدى إلى مزيد من العنف والفوضى والأزمات الإنسانية الكارثية.

التعتيم الإعلامى

وصرحت منظمة العفو الدولية أن العاملين فى مجال المساعدات الإنسانية ممنوعون من دخول وتغطية الأحداث بإقليم التيجراى والأقاليم الإثيوبية الأخرى التى تشهد نزاعات وحروب أهلية، واستكمالا لما ذكرته المنظمة الدولية.

فيما أوضح ايدو فوك IDO VOCK أحد المراسلين الأجانب بإثيوبيا، أن المراسلين الأجانب يعانون من شح المعلومات الواردة عن أقاليم الصراعات المسلحة والحروب الأهلية فى إثيوبيا، لافتًا إلى أن الحكومة الإثيوبية حظرت إلى حد كبير دخول الصحفيين واضطهدت بعضًا ممن يدخلون، على الرغم من أن الملايين بحاجة ماسة إلى المساعدة، مشددًا أن وكالات الإغاثة تخشى من تعرض مئات الآلاف لخطر المجاعات .

انعدام المصداقية

ومن جانبه أرجع ويليام دافيسون، المحلل السياسى الأثيوبى الكبير والخبير فى منظمة «مجموعة الأزمات الدولية» عدم إجراء التصويت فى إقليم تيجراي، وبعض المناطق الأخرى من البلاد، إلى انعدام الأمن وتداعيات النزاعات المسلحة، مما يولد الشك وعدم المصداقية فى العملية الانتخابية.

وأضاف أن المشهد الإنتخابى فى إثيوبيا، فى ظل تزايد وتيرة الصراعات العرقية، والحروب الأهلية وخاصة الحرب فى تيجراى، وتزايد التمرد المسلح فى أوروميا، أثبت مما لا يدع مجالا للشك فشل آبى أحمد نهاية المطاف فى منع استخدام العنف لمحاولة حل المشاكل السياسية، وإعادة تصدير صورته للمجتمع الدولى كشخصية إصلاحية، لافتًا إلى أنه عندما وصل إلى السلطة، رحب به المجتمع الدولى باعتباره مصلحًا طموحًا، إلا أن هذا البريق اختفى فى ظل الحرب فى تيجراى، وسياساته الاستبدادية والقمعية القائمة على إثارة النعرات العرقية وتغذية الحروب الأهلية.

وفى تعقيبه على المشهد الانتخابى أوضح أديم أبيبى، الخبير فى الشأن الإثيوبى، للعديد من وسائل الإعلام العالمية، أن الشارع الإثيوبى يشهد حالة من فقدان الثقة والكراهية والإنقلاب الشعبى ضد آبى أحمد، موضحًا أن قبائل الأورومو الذين دعموا آبى أحمد منذ البداية أو كانوا محايدين تجاهه، انقلبوا ضده، مشيرًا إلى أن الأحزاب المعارضة فى أوروميا، دعت منذ البداية إلى مقاطعة الانتخابات متهمة قوات الأمن الإقليمية بترهيبها.

وأضاف أن حالة عدم الثقة على مستوى الشعب الإثيوبى فى آبى أحمد تحولت إلى كراهية، وعنف مسلح وخاصة فى إقليم تيجراي، كما تراجع مؤخرًا الأمهرة عن دعم آبى أحمد، بسبب تكرار الهجمات العرقية ضد أفراد هذه القبائل الذين يعيشون فى منطقتى أوروميا وبنى شنقول.

ولفت إلى أن الانتخابات الإثيوبية تفتقد إلى معايير النزاهة والشرعية، فى ظل مقاطعة الكثير من الفصائل للعملية الانتخابية، علاوة على وجود المعارضين الرئيسيين خلف القضبان، نتيجة للساسيات القمعية التى ينتهجها آبى أحمد ونظامه للتخلص من المعارضة.

مشيرا إلى أن مشكلة فقدان الثقة فى آبى أحمد لم تقتصر فقط على غالبية سكان بلاده، بل امتدت أيضا على مستوى الحلفاء الغربيين الرئيسيين.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2