تكتسب الزيارة التي يقوم بها السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، للسعودية الأسبوع المقبل، أهمية محورية باعتبارها أول زيارة خارجية له منذ توليه الحكم في 11 يناير 2020، وتأتي الزيارة في توقيت بالغ الأهمية لدفع مسيرة التعاون المشترك خطوات للأمام، بحكم الوشائج القوية بين البلدين ولمصلحة منطقة الخليج.
وتكتسب العلاقات العُمانية ـ السعودية أهمية قصوى في استراتيجية الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، ويتجدد التواصل بين البلدين فيما من شأنه خير واستقرار المنطقة، ذلك التواصل لاقى ترحيباً واسعاً في الأوساط الإعلامية والعامة في البلدين.
وكانت العلاقات الوطيدة التي تجمع سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية - وما زالت - تمثِّل حلقة الميزان في أمن واستقرار الخليج، واليوم تبرز حالة من التقارب والتطابق في وجهات النظر بين مسقط والرياض في ملفات عدَّة سياسية واقتصادية وأمنية، وترسم تلك الملفات المشتركة أبرز العناوين في مستقبل المنطقة، لا سيما مع إنشاء رابط اقتصادي وشريان حيوي مهم بين البلدين يتمثل في الطريق البري الرابط بين السلطنة والمملكة الذي يختصر المسافات بين الشعبين ويعزِّز التواصل التجاري بين البلدين ويشجِّع الاستثمار بينهما ويفتح منافذ عدَّة متبادلة، والأهم من ذلك أيضا هو حالة الارتياح السعودي للأدوار العمانية التي لم تتلوَّن ولن تتغير تجاه السلام والاستقرار في المنطقة.
وكانت سلطنة عُمان وما زالت، تمثِّل سفينة السلام لنشر الخير والسلام والازدهار في المنطقة، وهذه القِيَم العُمانية الراسخة التي تتمسك بها السياسة العُمانية دائماً، وتسعى إلى نشرها بين الأشقاء من أجل خير واستقرار منطقة الخليج والعرب، وقد آن الأوان أن تشهد الملفات الإقليمية انفراجة وتغيرات إيجابية تهدف للإصلاح، ويأتي في مقدمتها المبادرة السعودية لوقف إطلاق النار في اليمن، وبلورة مواقف إيجابية عربية تجاه سوريا قد تشهد عودة سوريا إلى الحضن العربي قريباً، ولم تكن سلطنة عُمان بعيدة يوماً ما عن ذلك ، وبلا شك هي مواقف خيِّرة للمنطقة عموماً تدرك مسقط والرياض أهمية نتائجها الإيجابية.
ولا ريب أن الترحيب الشعبي العُماني ـ السعودي للتعاون الوثيق بين البلدين والمشاورات السياسية، والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، وترجمة ذلك التعاون في تعاون وتنسيق مشترك - يفتح آفاقاً رحبة للتعاون بما يعود بالخير ولمصلحة الخليج والوطن العربي عموماً.
كما أن الملف اليمني واستمرار معاناة الشعب اليمني، واستمرار الدور العُماني الموثوق والأمين في تقديم المعالجة ومحاولة التنفيس عن الأشقاء اليمنيين، وتتويج ذلك بمبادرة سعودية ووساطة عُمانية مخلصة في سبيل إنهاء الصراع في اليمن - تنهي صفحة الخلاف وفتح آفاق جديدة تستشرف مستقبلاً أرحب يجمع الفرقاء على طاولة واحدة بالتساوي في دولة واحدة يسودها الأمن والاستقرار والإعمار.
وعلى مستوى العلاقات الاقصادية بين السلطنة والسعودية، شهد حجم التبادل التجاري بينهما نمواً مستمراً خلال العشر سنوات الأخيرة بين عامين 2010 ـ 2020، ومن أهم السلع والمنتجات الرئيسة في التبادل التجاري المنتجات الزراعية والحيوانية والمنتجات الصناعية والثروات الطبيعية والمنتجات المعدنية واللدائن، ويسعى البلدان إلى تعزيز تعاونهما في مجالات السياحة، والترفيه، والفنادق والاستثمارات العقارية، ومجال المصائد والزراعة السمكية، والتعدين.
الجدير بالذكر أن السلطنة و السعودية وقعتا عام 2005 اتفاقية بإنشاء مجلس رجال الأعمال العُماني السعودي الذي يأتي تدعيماً لروابط الأخوة القائمة بين البلدين ورغبة منهما في تعزيز ودعم العلاقات المتميزة، وتأكيدا لحرص كل منهما على زيادة وتنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وإقامة المشروعات المشتركة بين البلدين، والعمل على تقوية العلاقات بين رجال الأعمال في البلدين لتنشيط وتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة في البلدين.