بعد مرور15 عاماً على حربها الثانية على لبنان، تعلن دولة الاحتلال الصهيونى عن نيتها للعودة إلى الحدود اللبنانية بحرب ثالثة فى القريب العاجل، وسبقت ذلك بالترويج للعديد من الأحداث لتكون حجة لشن هذه الحرب، على رأسها الأزمة الاقتصادية المتفجرة فى بيروت، والتى تتمثل فى أزمة النفط، حيث تزعم إسرائيل أن هذا الأمر سيشكل فرصة كبيرة ينتهزها حزب الله بلا شك للاستيلاء على البلاد بمعاونة إيران التى تصور نفسها الآن كمنقذ وحيد للبنان، وأنها قادرة على تولى زمام الأمور وحل مشكلة النفط والكهرباء.
تسلط إسرائيل الضوء حاليا على عمليات ضبط الأسلحة المهربة والمخدرات من لبنان إلى إسرائيل، وتزعم بأن آخرها وقف محاولة تهريب 43 قطعة سلاح من لبنان، قرب قرية الغجر فى هضبة الجولان الحدودية مع لبنان.
بالإضافة إلى الحرب السيبرانية الدائرة بشكل شرس بين إسرائيل وإيران، والتى أسفرت مؤخراً عن حريق فى مصنع كيماويات فى إيران وكان سبباً فى إحداث عطل بالمواصلات العامة هناك، وألمحت إسرائيل لمسئوليتها عن الحادث بعبارة "قدراتنا جيدة جداً"
يأتى ذلك فى الوقت الذى لاقى إعلان إسرائيل عن استعدادها لحرب ثالثة على لبنان، هجوما شديدا من قبل بعض الخبراء الأمنيين والإسرائيليين، ليذكر بالندبات التى سببتها حرب لبنان الثانية لإسرائيل، وجاء على رأس الهجوم تقرير تم نشره عن مسلسل إسرائيلى يدعى « لبنان – حدود الدم» والذى يمثل صيغة حية تكشف الحقيقة العارية لتلك الحرب، ويحكى فيه المؤلف عما قاله رئيس الأركان السابق رافائيل إيتان، عند اندلاع الحرب فى لبنان، حيث أكد وقتها أنها «الحرب على أرض إسرائيل»، وهو ما يعده المؤلف الحقيقة السياسية التى من الصعب الإعلان عنها، وأنها مجرد عملية انتقامية قام بها جيش الاحتلال من أجل جنوده المختطفين ومقتل خمسة آخرين.
واستطرد المؤلف فى تقريره عن المسلسل، قائلا إن الحكومات لا تريد الكشف عن غبائها وحماقتها ورحلات الدم التى تقود إليها مواطنيها، وأن حرب لبنان الثانية ما زالت تترك ندوبها على جنودها حتى الآن، و لم يقف قادة إسرائيل على مر السنين لشرح تعقيدات الحرب فى لبنان ودوافعها، لتصبح بذلك حرب بلا مبرر.
وأوردت صحيفة « إسرائيل اليوم»، آراء خبراء أمنيين فى إسرائيل يرون أن حرب لبنان الثانية كانت مخططاً مكنت به إسرائيل دون قصد حزب الله من تسليح نفسه، حيث دخل الجيش الإسرائيلى الحرب عام 2006 غير مستعد، على أقل تقدير، ولم يكن لدى قيادة المنطقة الشمالية خطط قوية للحرب فى لبنان، وكان عدد أهداف حزب الله ضئيلاً.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تصرفت من البطن وليس من الرأس، بدافع الانتقام لاختطاف إيهود غولدفاسر وإلداد ريغيف، وكانت النتيجة عملية صنع قرار فوضوية. ومنذ ذلك الحين ، أدت هذه الفوضوية، كما أوضحت الصحيفة الإسرائيلية، إلى سباق تسلح من قبل حزب الله، وكذلك عناصر المقاومة فى غزة، وذلك بكميات هائلة من الصواريخ، كما تم تجهيز المنظمة بمجموعة متنوعة من الأسلحة الأخرى: الطائرات الشراعية والطائرات بدون طيار، وصواريخ الشاطئ والقدرات تحت الماء، وقدرات الحرب الإلكترونية، لتعطيل نشاط جيش الاحتلال هناك، والخطة التى تريد بها جماعة حزب الله بمساعدة إيران الاستيلاء على الجليل، لتتسلل إلى الأراضى الإسرائيلية والاستيلاء على مستوطنة أو بؤرة استيطانية كاملة، مما سيجعل الحرب المرة القادمة صعبة للغاية فى الشمال، وفقا لـ « إسرائيل اليوم».
ورغم أن الجيش الإسرائيلى قطع شوطًا طويلاً منذ انتهاء الحرب فى عام 2006، حيث أقام نظام القبة الحديدية، كما زود الجيش الإسرائيلى نفسه بنظام مصدات الرياح للحماية من الصواريخ المضادة للدبابات، إلا أن التحليل الأمنى ب إسرائيل يقول إن كلا الجانبين يواجه مأزقا حقيقيا، ف إسرائيل لا تريد نقل جبهتها الداخلية إلى تجربة غير مسبوقة فى شدة الدمار والخسائر، وحزب الله لا يريد أن يرى كل الأبراج فى الضاحية تنهار مرة أخرى، وسكان جنوب لبنان يتدفقون شمالًا بحثًا عن ملجأ.
وذكر موقع صحيفة «واللا» الإسرائيلى، إذا ما خاضت إسرائيل حربا ثالثة فى لبنان، فإنها ستواجه 15000 مقاتل نظامى ودائم لحزب الله، كما أن التنظيم لديه مائة ألف صاروخ قصير المدى مثل برقان وفجر
و700 صاروخ بعيد المدى يمكن أن تصل حتى النقب، و5500 صاروخ متوسط المدى يمكن أن يصل إلى تل أبيب، ووحدة كوماندوز بحرية، ويمكن لحزب الله أن يضع البلد بأكمله فى ملاجئ، لكنه فى هذه الأثناء سيخسر آلاف المقاتلين على الجبهة السورية.
وإذا كانت إسرائيل تعلق آمالها على قدراتها العسكرية والإلكترونية فقد نشر موقع «ديبكا» العسكرى الإسرائيلى أن جيش الاحتلال فى واقع الأمر متفوق فى الحرب الإلكترونية وفى العتاد إلا أنه رغم ذلك سيفشل فشلاً ذريعاً فى حال دخوله فى أية حروب الفترة القادمة بسبب ما يعانيه من نقص شديد فى قواته البشرية من جنود وضباط.
وفى تقرير «ديبكا»، قال نائب رئيس الأركان المنتهية ولايته اللواء إيال زمير، إن الجيش فى صدد علاج أزمة اعتماده على الأنظمة التكنولوجية المتطورة، الأمر الذى أوقع إسرائيل فى خلافات جوهرية حول حجم القوة القتالية للجيش الإسرائيلى، وانخفاضها المستمر، مؤكدا أن إسرائيل فى حاجة إلى إحتياطى قوى من الجنود، وهذا ما تم اكتشافه خلال الحرب الأخيرة لجيش الاحتلال على غزة، والتى تعامل فيها الجيش الإسرائيلى مع عدة ساحات فى نفس الوقت.
وأضاف زمير، أن إصرار إسرائيل على خوض الحرب فى الفترة القادمة ب لبنان ومواجهة إيران جاء رغم أن الجيش الإسرائيلى لا يملك ما يكفى من القوات القتالية البرية لمحاربة حزب الله والميليشيات الشيعية الموالية للعراق فى سوريا، وحماس والجهاد الإسلامى فى غزة والضفة الغربية، وعرب إسرائيل، كما ثبت فى الأشهر الأخيرة خلال الحرب الأهلية بين يهود وعرب إسرائيل والتى كان سيتسبب بها نتنياهو قبل تشكيل حكومة التغيير.
ومع ذلك، ليس من المتوقع علاج هذه المشكلة فى القريب العاجل حيث إن هذه الأمور تتعارض مع سياسة بناء القوة القتالية لرئيس الأركان الإسرائيلى الحالى اللواء أفيف كوتشافى، الذى يؤيد تقليص القوة القتالية وتوجيه الموارد المالية المتاحة للجيش الإسرائيلى لإدخال تقنيات عسكرية متقدمة للوحدات القتالية، وبأقل خسائر بشرية.