ليلة مسرحية طويلة!

الرأى7-8-2021 | 16:45

كانت ليلة فنية طويلة وممتعة، حيث شاهدنا مسرحيتين مختلفتين لدرجة التناقض، وفى مكان واحد.. تقريبا، فالأولى كانت جادة وحزينة نسبيا وتتناول فلسفة الموت والحياة فى إطار درامى غامض ومشوق، بينما الثانية كوميدية..

تعبر عن كيفية "النصب فى مجال الهلس"!
فقد تلقيت دعوة كريمة من الصديقة الفنانة مى رضا لمشاهدة عرض مسرحية "سيدة الفجر" على مسرح الطليعة وهى من إعداد وإخراج الموهوب د. أسامة رؤوف الكاتب والباحث والممثل والمخرج عن قصة قصيرة للكاتب المسرحى الإسبانى ألياخندر وكاسونا مؤلف "مركب بلا صياد" و"الأشجار تموت واقفة" وأعمال أدبية أخرى.
الغريب أو الطريف أنه منذ بداية العرض فى تمام السابعة والنصف ولمدة ساعة كاملة يظل الجمهور "مشدودًا" فى متابعة العرض متشوقا لمعرفة نهاية الأحداث التى تبدو معقدة.. حيث يناقش العرض متعة الحياة ورهبة الخوف من الموت وأنه لا مجال للاستمتاع بالحياة سوى بضرورة التغلب على المخاوف غير المبررة والقائمة على حقائق زائفة.
والحكاية باختصار أن أسرة ريفية تبتلى بوفاة ابنتهم الكبرى غرقًا وهو ما يجعل الأم فى حزن دائم وكذلك الجد فى خوف ورعب على الأطفال الصغار، وخاصة عندما تزورهم تلك السيدة الغامضة فى ليلة شتوية قارسة، ليكتشف الجد أنها تجسيد للموت ويطلب منها الانصراف دون جدوى، وتطمأنه أنها أتت لاصطحاب إحدى الفتيات التى لن يحزن عليها، ثم نكتشف أن زوج البنت يخفى سرا كبيرا عن الأسرة، فقد هربت ابنتهم مع عشيقها وبعد يوم واحد من الزفاف، ثم يعثر هذا الزوج على فتاة غريبة مجهدة ويحضرها للمنزل وبعد فترة تتغير أحوال الأسرة كلها حيث تحبها الأم ويقع الزوج فى هواها، ثم نفاجئ بعودة الابنة الحقيقية بعد أن هجرها عشيقها، ولكن الزائرة تخبرها أن الأسرة وسكان القرية كلهم يعتقدون أنها غرقت وتنصحها بعدم تشويه الصورة الجميلة التى شكلها الجميع عنها، وتقتنع الفتاة وتستقبل فكرة الانتحار بكل بساطة وترحيب!
والأخوة النقاد يطلقون عليها "ميلودراما" حيث بعض الكآبة والحزن والغموض مع التشويق ولكن المتعة كانت فى الموسيقى التصويرية لهانى شنودة و"المباراة" فى التمثيل والتعبير التلقائى لجميع المشاركات والمشاركين فى المسرحية.
لقد أجادت نشوى إسماعيل التعبير عن حالة الأم الحزينة لوفاة ابنتها غرقا، وأيضا عندما قامت بدور الغريقة التى عادت للحياة، وبالطبع كانت الصديقة مى رضا بخبرتها الطويلة تجسيدا حيا للموت بالأداء الصادق المعبر.. وكذلك بدور زاد، وآية عبد الرحمن ونيفين المصرى ووفاء عبده واللاتى جسدن معًا الموت بكل أشكاله، كذلك كان أداء مصطفى عبد الفتاح (الزوج المغدور) وراندا جمال التى قامت بدور الفتاة التى أحبها الجميع، وبالطبع كل التحية للأساتذة مجدى شكرى وعادل سمير وخالد يوسف على الأداء المميز.
لقد استمتعنا (أنا وصديقى سعيد محمد أحمد ومصباح قطب) بالعرض تمثيلا وإخراجا وديكورا وموسيقى تصويرية، وأيضا بالصور التذكارية التى جمعتنا بمن تواجدوا من الفنانين ومنهم المخرج محسن صبرى والمونولوجست محمود عزب والصديقة الدكتورة رانيا يحيى أستاذ فلسفة الموسيقى بأكاديمية الفنون ومدير المسرح عادل حسان.
ولكن الطريف أننا ذهبنا – بعد انتهاء العرض – إلى المسرح القومى وطلبنا من الدكتور مصطفى مدير العرض مشاهدة مسرحية "أوقاتكم سعيدة" والتى كتبها وأخرجها الفنان خالد جلال،
وهو أيضا ممثل وسيناريست ومخرج.
وقضينا ساعة كاملة من الضحك، حيث راقصة تعشق (هلاس) وتحاول ابنته البحث عنه فى منزل الراقصة، وتجند الأم مخبر خاص لمراقبته، لنكتشف فى نهاية العرض أن هذا المخبر هو خطيب الإبنة وأن الأم على علم تام يما يقوم به الزوج، وأن الأسرة كلها مع شقيقة الأم عبارة عن تشكيل عصابى للنصب وابتزاز الراقصات.
لقد حزنا فى العرض الأول، وضحكنا كثيرا فى العرض الثانى، خاصة أن بطل العرض محمد على رزق كشف عن موهبة كوميدية كبيرة.
ومرة أخرى كل التحية للفنانين المسرحيين – ممثلين ومخرجين وديكوريست وملحنين – الذين يصنعوا البهجة والسعادة للمصريين، خاصة فى ظل هذا الوباء

أضف تعليق

إعلان آراك 2