الرئيس والشباب

صباح الخميس الماضي كتب الرئيس على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "في اليوم العالمي للشباب، أتوجه بتحية تقدير واعتزاز ل شباب مصر العظيم، فهم نصف الحاضر وكل المستقبل، وبسواعدهم يكتب وطننا الغالي تاريخًا استثنائيًا من العمل والبناء والنهوض، ثقتي مطلقة فى شباب مصر، وفي حماسهم وعزيمتهم، ليتحقق حلمنا الأصيل فى بناء وطن العزة والفخر والكرامة، بشبابها تحيا مصر."
جاءت كلمة الرئيس بمناسبة اليوم العالمي للشباب تعبر عن ثقة القيادة فى الشباب.. وإيمان القيادة السياسية بما يمتلكونه من طاقات وقدرات ورؤى لبناء دولة قوية.


عقب ثورة 25 يناير كان اللواء عبدالفتاح السيسي مديرًا للمخابرات الحربية والاستطلاع، ولأن الحدث الذي كانت تشهده الدولة المصرية فى ذلك الوقت، كانت به تقاطعات كثيرة، وعناصر ودول وقوى دولية وإقليمية وأجهزة استخبارات تتحرك فى المشهد من خلف الستار، كان من المهم أن يكون هناك حوار مع الشباب.


كشف الحوار العديد مما يمتلكه شباب هذا الوطن من قدرات، ورؤى من الممكن أن يكون لها دور مهم فى بناء دولة طموحة بطموح عناصر تفكر بشكل مختلف وأكثر حيوية فى التعامل مع الأزمات التي تواجهها الدولة.. وبحلول غير تقليدية.


من هنا ترسخ إيمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بشباب هذا الوطن، وضرورة أن يكون فاعلًا رئيسيًا فى بناء الدولة، ليحقق حُلمه ويحافظ عليه.
وما إن تولى الرئيس زمام المسؤولية عقب انتخابه عام 2014 حتى تحول الحلم إلى حقيقة، ليصبح تمكين الشباب واقعًا ملموسًا.


(1)


بمبادرة رئاسية أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية انطلق "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة" فى 13 سبتمبر عام 2015، وذلك خلال أسبوع شباب الجامعات العاشر الذي كانت تستضيفه جامعة قناة السويس.
جاء البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة بهدف إنشاء قاعدة شبابية من الكفاءات القادرة على تولّي المسؤولية السياسية والمجتمعية والإدارية فى الدولة، وذلك من خلال، تأهيلها بأحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمي والعملي واختبار قدراتها على تطبيق الأساليب والطرق الحديثة بكفاءة عالية لتكوين نواة حقيقية لمجتمع يفكر، ويتعلم، ويبتكر.


بدأ التسجيل للبرنامج من اليوم التالي واستقبلت مديريات الشباب على مستوى الجمهورية الراغبين فى الالتحاق بالبرنامج من 26 نوفمبر حتى 3 ديسمبر 2015، ثم روجعت الأوراق وأُجريت الاختبارات، وفى 23 فبراير 2016 كان الأسبوع الأول والافتتاحي للبرنامج واستمر البرنامج لمدة ثمانية أشهر يضم 11 دورة تدريبية فى مختلف المجالات.


أجرى الرئيس حوارًا مفتوحًا مع الشباب حول البرنامج وسبل تحقيق الاستفادة القصوى منه.


ثم بدأ شباب البرنامج التدريب ثم زيارات مؤسسات الدولة المختلفة، وفى 21 مارس 2016 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة مفاجئة لمقر التدريب والتقى بشباب الدارسين بالبرنامج الرئاسي (الدفعة الأولى).
أكد الرئيس خلال لقائه بالشباب الدارسين على جدية الدولة فى تولي الشباب للمناصب القيادية وتمكينهم من الاضطلاع بالمسئولية خلال المرحلة المقبلة، مشيداً بما يتمتع به الشباب من حماس وطاقات وقدرات كبيرة تحرص الدولة على تعظيم الاستفادة منها وتوجيهها إلى الطريق الصحيح فى خدمة الوطن.


استمع الرئيس إلى أفكارهم ومقترحاتهم فى حوار مفتوح مع الشباب، ناقش معهم جهود تصويب الخطاب الديني، وسُبل إصلاح الجهاز الإداري بالدولة، والجهود التي تُبذل للقضاء على العشوائيات والتوسع فى توفير الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى الخطوات التي تم اتخاذها للحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة وترسيخ العدالة الاجتماعية؛ كما نوقشت أيضًا سبل تنفيذ استراتيجية 2030 ووضع مؤشرات لتقييم أداء الأجهزة الحكومية، فضلًا عن جهود إرساء دولة القانون والمؤسسات التي تُعلى قيم حقوق الإنسان إلى جانب الحفاظ على أمن واستقرار الوطن.


وفى 13 يوليو 2016 زار الرئيس شباب البرنامج الرئاسي للمرة الثانية وأدار حوارًا مفتوحًا معهم بعد 5 أشهر من التدريب.
وفى 31 يوليو 2016 بدأت أولى الثمار التي أكدت صحة الرؤية ونجاح التجربة، فانطلق المنتدى الأول لنماذج المحاكاة للدارسين بالبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة: "نموذج محاكاة الدولة المصرية" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفى إطار إعلان الرئاسة ٢٠١٦ عامًا للشباب.


استهدف النموذج التعرف على رؤية الشباب حول المشكلات التي تواجه مصر واقتراح الحلول المناسبة والواقعية لها.
كما ناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام مجموعة من الأوراق البحثية التي أعدها الشباب الدارسون، حول تطوير القطاع السياحي وتفعيل "الرؤية المستقبلية ٢٠٣٠"، وأوضاع الدولة المصرية والتحديات التي تواجهها وبرامج العمل الوطني، كما تضمنت الأوراق تطوير المحليات والعشوائيات، والتحديات الاقتصادية وأزمة الدولار، والثقافة والأخلاق والهوية المصرية، وتطوير المنظومة الصحية، ورؤية متكاملة للسياسات الخارجية فى ظل المتغيرات والتحديات الدولية، وخلال اليوم الثاني للمنتدى حضر الرئيس جلسة "نموذج المحاكاة".


(2)


عقب تخرج الدفعة الأولى من البرنامج، كان المؤتمر الوطني الأول للشباب بمدينة شرم الشيخ فى أكتوبر عام 2016، بمشاركة أكثر من 3,000 شاب وفتاة من مُختلَف محافظات الجمهورية، بعنوان (أبدع. انطلق) وشارك فى الإعداد له والإشراف على تنظيمه شباب البرنامج الرئاسي (الدفعة الأولى) وذلك بحضور ومشاركة الرئيس السيسي وعدد من الوزراء والمسئولين والخبراء.
وعلى مدار ثلاثة أيام، شهد المؤتمر أكثر من 84 جلسة وورشة عمل نوقشت خلالها قضايا عدة، مثل مشاركة الشباب السياسية، وسبل تطوير منظومة الإعلام، وخطة الإصلاح الاقتصادي، وغيرها من الموضوعات التي وضعها الشباب على قائمة أولوياتهم.


كانت تجربة رائدة، وجاءت توصيات المؤتمر الأول بمثابة انطلاقة لتحقيق أحلام الشباب وطموحاتهم ورؤاهم على أرض الواقع، فتم تشكيل لجنة وطنية من الشباب، وبإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية، قامت بإجراء فحص شامل ومراجعة لموقف الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ولم تصدر بحقهم أية أحكام قضائية.


وتحولت التوصية الثانية إلى حقيقة بإصدار قرار رئاسي بإقامة الأكاديمية الوطنية للتدريب (NTA) على غرار المدرسة الوطنية للإدارة (ENA) بفرنسا.
استجاب الرئيس لمطالب الشباب بعقد مؤتمر دوري للشباب يحضره عدد مناسب من ممثلي الشباب من كافة الأطياف والاتجاهات يتم خلاله عرض ومراجعة موقف جميع التوصيات والقرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني الأول للشباب.
شملت توصيات المؤتمر الأول ما يلي:
■ قيام الحكومة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة بدراسة مقترحات ومشروعات تعديل قانون التظاهر.
■ قيام الحكومة بالإعداد لتنظيم عقد حوار مجتمعي شامل لتطوير وإصلاح التعليم خلال شهر كحد أقصى يحضره جميع المتخصصين والخبراء بهدف وضع ورقة عمل وطنية لإصلاح التعليم خارج المسارات التقليدية.
■ دعوة شباب الأحزاب والقوى السياسية لإعداد برامج وسياسات تسهم فى نشر ثقافة العمل التطوعي من خلال كافة الوسائل والأدوات السياسية.
■ تكليف الحكومة بالتنسيق مع مجلس النواب للإسراع بالانتهاء من إصدار التشريعات المنظمة للإعلام والانتهاء من تشكيل الهيئات والمجالس المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي.
■ قيام الحكومة بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية وجميع الجهات المعنية بالدولة بتنظيم عقد حوار مجتمعي موسع لترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق ووضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الديني.
فى شهر ديسمبر 2016 استضافت القاهرة المؤتمر الدوري الأول للشباب تنفيذًا لتوصيات المؤتمر الوطني للشباب بمدينة شرم الشيخ، وهو ما جعل الشباب أكثر ثقة فى تنفيذ الدولة لرؤيتهم وتمكين الشباب على أرض الواقع.
انتقل المؤتمر إلى مدينة أسوان استجابة لتوصيات الشباب بعقد المؤتمر فى محافظات مصر المختلفة، لتشهد أسوان فى يناير 2017 انعقاد المؤتمر الدوري الثاني؛ حرص المؤتمر على مناقشة المشكلات التي تواجه المحافظة والإقليم المحيط بها وعدد من المشكلات والقضايا القومية وطرح مقترحات لحلها.
تحولت مؤتمرات الشباب إلى أكبر منصة حوارية بين الشباب والرئيس استجاب خلالها لرؤية ومقترحات الشباب لبناء الدولة.


(3)


تحولت جلسة "اسأل الرئيس" خلال تلك المؤتمرات إلى أكبر منصة حوار بين الرئيس والشعب المصرى يجيب خلالها على كافة تساؤلات الشعب.
وفى يوليو 2017 وخلال مؤتمر الشباب بمدينة الإسكندرية تم الإعلان عن انطلاق منتدى شباب العالم لتنطلق التجربة المصرية فى رعاية وتمكين الشباب إلى العالمية.
كان الانعقاد الأول لمنتدى شباب العالم بمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر من نفس العام، إذ تحول منتدى شباب العالم بدوراته الثلاث إلى أكبر منصة حوار عالمية بين الشباب ليرسل رسالة سلام وازدهار ووئام، ويقدّمها إلى العالم أجمع.
اعتمدت لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة جميع النسخ الثلاث لمنتدى شباب العالم فى مصر كمنصة دولية لمناقشة قضايا الشباب، وتم تخريج ثلاث دفعات من شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، كما تم إطلاق البرنامج الرئاسي لتأهيل القيادات التنفيذية، وكذا البرنامج الرئاسي لتأهل الشباب الإفريقى للقيادة والبرنامج الرئاسي لتأهيل المتفوقين للقيادة، تقوم على تنفيذ تلك البرامج الأكاديمية الوطنية للتدريب.
كما تم إنشاء تنسيقية شباب الأحزاب، واتحاد شباب الجمهورية الجديدة ضمن استراتيجية الدولة لتمكين الشباب.
وفى نوفمبر 2019 وخلال حركة تغيير المحافظين التي شملت 39 قيادة من المحافظين ونواب المحافظين، كان لشباب البرنامج الرئاسي وتنسيقية شباب الأحزاب أكثر من 60% من المناصب القيادية حيث تم تعيين 25 من شباب البرنامج الرئاسي وتنسيقية شباب الأحزاب ما بين محافظين ونواب محافظين، بالإضافة إلى عدد من مساعدي الوزراء، ليصبح مصطلح تمكين الشباب واقعًا ملموسًا وتقدم مصر نموذجًا على قدرات شبابها على القيادة.
كان لرؤى ومقترحات الشباب دور مهم فى بناء الدولة الجديدة.
إن إيمان الرئيس بقدرات الشباب المصري جعل تمكين الشباب واقعًا ملموسًا، فاستطاعت الدولة الاستفادة من أكثر من نصف سكانها خاصة أن الدولة المصرية دولة شابة حسب هرمها السكاني.

أضف تعليق