نشرت مجلة الأزهر الشريف في افتتاحية عددها لشهر المحرم مقالًا بعنوان: الهجرة النبوية بين التخطيط البشري والتأييد الإلهي، للدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والذي تعرض فيه لهذا الحدث المهم من منظور عملي يمكن الاستفادة من تجاربه في الحاضر والمستقبل.
وافتتح الأمين العام المقال بالحديث عن مكانة الهجرة النبوية في الإسلام، وكيف أنها ليست حدثًا مرَّ وانتهى؟، ولكنها معْلَم من معالم هذا الدين الحنيف، وكيف أن حادث الهجرة النبوية المباركة قد غير مسيرة التاريخ؟، وبدت فيه النظرة المستقبلية والرؤية التخطيطية التي أوجدت قوة العزيمة، وكمال الشجاعة، وصدق الإيمان، وقوة اليقين، والإعداد للمستقبل، والسعي للعالمية، والعمل للانتشار، والبحث عن الريادة، والرغبة في الإسهام الحضاري.
كما أوضح عياد في مقاله كيف كان الإعداد الجادّ والتخطيط الجيد للهجرة النبوية من خلال أربعة عناصر وهي: تحديد الهدف أو الأهداف المقصودة، وإعداد وتنظيم الوسائل والأدوات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، رسم أسلوب التنفيذ وآليته، واستشراف المستقبل.
وأشار الأمين العام إلى أن الهجرة النبوية كانت لهدف سام يتمثل في البحث عن بيئة أخرى يستكمل النبي صلى الله عليه وسلم فيها رسالته، ويعرض بها دعوته، وينطلق بها نحو العالمية استجابة لأمر ربه، سيما أن البيئة التي بُعث فيها عاداه أهلها وخذلوه وعارضوه، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما بان له صعوبة دعوته في مكة بدأ البحث عن مكان آخر يهاجر إليه، فخرج إلى الطائف إلا أن النتائج جاءت على خلاف ما أراد، ثم فكر في يثرب (المدينة)، فاختارها بتوفيق من الله لوفائها بالمقصد وتناسبها مع الهدف، وعقد مع الأوس والخزرج بيعتي العقبة الأولى والثانية، حيث كان على إثرهما الدخول في الإسلام وإرسال مصعب بن عمير معهم لتعليمهم أمور دينهم في البيعة الأولى، وكان في البيعة الثانية اختيار اثنى عشر نقيبًا