يعد المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثالث الحرمين بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي، الموجودان في المملكة العربية السعودية، وهو أحد أهم المقدسات الإسلامية على مر التاريخ، حيث صلى به معظم الأنبياء والرسل، وهو شاهد على رسالات معظم الرسل، وفي هذا المسجد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بجميع الرسل إماماً في ليلة الإسراء والمعراج.
وعلى مر العصور يحتل القدس مكانة مقدسة لدى جميع الحضارات وخاصة الحضارة الإسلامية، ولهذا عندما وقع حادث إحراق المسجد الأقصى عام 1969م من طرف شخص يهودي متطرف، أحدثت هذه الجريمة فوضى في العالم وفجرت ثورة غاضبة، وعمت المظاهرات القدس احتجاجا على هذا العمل الإرهابي.
شب حريق ضخم في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى في الجناح الشرقي " للجامع القبْلي" في 21 أغسطس عام 1969، حيث التهمت النيران كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة.
أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل (مايكل دينس روهن) (1941 - 1995) فوضى عارمة في العالم، وفجرت ثورة غاضبة خاصة في العالم الإسلامي، في اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق.
حدث ذلك في يوم 8 جمادى الآخرة 1389هـ - 21 أغسطس 1969م حيث أقدم يهودي أسترالي الجنسية اسمه «دينس مايكل» جاء فلسطين باسم السياحة، أقدم على إشعال النار في الجامع القبْلي في المسجد الاقصى، والتهم الحريق أجزاءً مهمة منه، ولم يأت على جميعه، ولكن احترق منبر نور الدين محمود الذي صنعه ليضعه بالمسجد بعد تحريره ولكنه مات قبل ذلك ووضعه صلاح الدين الأيوبي، والذي كان يعتبر رمزاً في فلسطين للفتح والتحرير والنصر على الصليبيين.
كان لهذا العمل الذي مسّ مقدساً هو ثالث الحرمين ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي، وقامت المظاهرات في كل مكان، وكان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز, هو صاحب فكرة الإنشاء, والتي استمرت حتى الآن.
مشاركة سلطات الاحتلال في الجريمة
كانت النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من الجامع القبْلي، ترتفع عن أرضية المسجد حوالي عشرة أمتار، ويصعب الوصول إليها من الداخل بدون استعمال سلَّم عالٍ، الأمر الذي لم يكن متوفرًا لدى "دنيس روهان"، وكان حريق هذه النافذة من الخارج وليس من الداخل.
قامت إسرائيل بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق، وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس التأخير, حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق, وقد ألقى جيش الاحتلال القبض على الجاني، وادعت أنه مجنون، وتم ترحيله إلى أستراليا وليس عليه أي أثر للجنون أو غيره.
وترصد دار المعارف أهم الأجزاء المتضررة في الحريق :
1- منبرصلاح الدين الأيوبي الذي يعتبر قطعةً نادرةً مصنوعةً من قطع خشبية، معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو براغي أو أية مادة لاصقة، وهو المنبر الذي صنعه "نور الدين زنكي"، وحفظه على أمل أن يضعه في المسجد إذا حرَّره فلما مات قبل تحريره قام "صلاح الدين الأيوبي" بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد تحرير المسجد من دنس الصليبيين.
2- مسجد "عمر" الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية.
3- محراب "زكريا" المجاور لمسجد "عمر".
4- مقام الأربعين المجاور لمحراب "زكريا".
5- ثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق.
6- عمودان رئيسان مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد.
7- القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها.
8- المحراب الرخامي الملون.
9- الجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها.
10- ثمان وأربعون نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجبص لمنع دخول الأشعة المباشر إلى داخل المسجد.
11- جميع السجّاد العجمي.
10- مطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترًا إلى الجهة الشرقية.
11- الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.
وعن المسجد القبلي :
بعد الفتح الإسلامي للقدس عام 636م، (الموافق 15 للهجرة)، بنى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جامعاً في صدر المسجد الأقصى المبارك في موضع يعتقد أنه نفس الموضع الذي يقوم عليه الآن الجامع القبلي (المصلى الرئيسي حالياً في المسجد الأقصى المبارك). امتاز بناؤه آنذاك بالبساطة المتناهية، وعلى ما يبدو أن هذا المسجد لم يصمد طويلاً أمام تقلبات العوامل الطبيعية المؤثرة وذلك لبدائية إنشائيته.
وفي عهد الأمويين، بنيت قبة الصخرة، وأعيد بناء الجامع القبلي، واستغرق هذا كله قرابة 30 عاما من 66 – 96 هجرية.
وفي العهود اللاحقة، اعتنى المسلمون بإعمار المسجد الأقصى المبارك، وترميمه، والبناء فيه حتى اكتمل بشكله الحالي.
وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامي في الرباط بالمغرب.
في 1967 احتل العدو الصهيوني شرقي القدس وفيها المسجد الأقصى.
إعمار الأقصى وإزالة آثار الحريق:
تولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي.
تم إجراء دراسات تاريخية واثرية وهندسية قبل القيام بأي ترميم ولذلك أعيد تشكيل لجنة الإعمار وأصبح لديها فريق فني متكامل بدأ عمله في مطلع عام 1970 وبعد أن اكتمل ترميم مسجد الاقصى حصلت لجنة الإعمار على جائزة الأغاخان العالمية على عملهم في الترميم.