أحداث منسية.. الحرائق التي نشبت في المقدسات الإسلامية

أحداث منسية.. الحرائق التي نشبت في المقدسات الإسلاميةحرائق المقدسات الإسلامية

الدين والحياة21-8-2021 | 20:22

لا شك أن المقدسات الإسلامية تحتل جزء كبيرا في قلوب المسلمين في كل بقاع العالم، وبخاصة المسجد الحرام بمكة المكرمة، و المسجد النبوي بالمدينة المنورة، و المسجد الأقصى بالقدس الشريف، ولذلك يحزن المسلمون إذا أصاب هذه المقدسات مكروها مثل الحرائق، وفي هذا التقرير تستعرض معكم دار المعارف أهم الحرائق التي مرت على المقدسات الإسلامية.

حريق المسجد النبوي (654 هـ/ 1256 م)

نشب أول حريق في تاريخ المسجد النبوي، حيث وقعت هذه الحادثة في(1من رمضان ليلة الجمعة عام 654هـ) الموافق (28 سبتمبر 1256م) ، بعد أن فرغ المصلون من صلاة التراويح، ويرجع سبب الحريق إلى أحد خادمي المسجد، واسمه أبوبكر بن أوحد، إذ ذهب إلى مخزن يقع غرب المسجد، وكان في يده نار تضيء له الطريق، راغبًا في استخراج قناديل ينير بها جنبات المسجد كما جرت العادة، وأثناء استخراجه لها نسي النار في المخزن وخرج، وما هي إلا لحظات حتى اشتعل المخزن وأكلت النار كل شيء حولها، ويُقال بأن أبوبكر بن أوحد حاول إطفاءها دون جدوى، ويُذكر أنه مات هناك، حيث وصلت النار إلى سقف المسجد وأسقطته، ثم اتجهت نحو جنوب المسجد، فنودي إلى أمير المدينة فحضر، وهبّ الناس محاولين إطفاء النار، لكنهم عجزوا عن محاصرتها، حتى أتت على المسجد كله ولم تبق فيه خشبة واحدة، وبقيت أعمدة المسجد قائمة تتمايل مع هبوب الريح، ولم ينج من هذا الحريق سوى قبة توضع فيها الذخائر كانت تتوسط المسجد، وغرفة النبي محمد وقبره وبقية القبور فيها، وقد وثّق هذا الحريق القطب قطب الدين القسطلاني في كتابه (عروة التوثيق في النار والحريق).

ويذكرأنه تزامن هذا الحريق مع فاجعة أخرى لأهل المدينة المنورة، حيث حدثت هزة أرضية أعقبها انفجار للحمم البركانية في حرة رهط الواقعة جنوب المدينة المنورة، وظلّت تتدفق لمدة 3 أشهر، وذكر المؤرخون أن هذه الحمم تنبأ بها الرسول محمد، وذُكرت في أحاديثه مسماة بـ (نار الحجاز).

وترصد "دار المعارف" الأضرار الناجمة عن الحريق:

يعد حريق المسجد النبوى بالمدينة المنورة أحد أخطر الحرائق في التاريخ الإسلامي، حيث أدى إلى انهيار سقف المسجد بالكامل، ودُمرت على إثره محتويات تعود إلى عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وخلفائه الراشدين، وآثار للدولتين الأموية والعباسية، وكانت هذه الحادثة في عهد الخليفة العباسي المستعصم بالله، وفي الفترة التي سبقت سقوط الدولة العباسية على يد التتار.

ودمر الحريق الأول للمسجد النبوي الذي أسسه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ احترق المنبر النبوي، وجزء من سقف الغرفة النبوية، وكسوتها التي تضم إحدى عشرة ستارة، كما دمر تصاميم وزخارف ومحتويات تعود إلى الدولتين العباسية والأموية، منها الأبواب والخزائن وجميع الكتب التي حوتها مكتبة المسجد.

إعادة إعمار المسجد النبوي عام 661 هجري

حين حدث الحريق -الذي يُعد الأول- عام 654هـ، تزامن ذلك مع هجوم التتار على مناطق نفوذ الدولة العباسية، والتي كانت تحت حكم المستعصم بالله، ورغم أنه بادر وأرسل الأموال لإعادة إعمار المسجد وإصلاحه إلا أن الإصلاحات لم تتم، حيث توفي الخليفة عام 656هـ، وسقطت بغداد على يد التتار، فتولى هذه المهمة المماليك في مصر، ورُمم المسجد عام 661هـ، بمساهمة من ملك اليمن المظفر الذي أرسل منبرا جديدا للمسجد عوضًا عن المنبر المحترق، وساهم الظاهر بيبرس بمقصورة خشبية لتوضع حول الحاجز المخمس المطوق للحجرات النبوية عام 665هـ، ثم بُنيت قبة فوق حجرة النبي من قبل السلطان المملوكي المنصور قلاوون عام 678هـ، ثم أمر السلطان محمد بن قلاوون ببناء مئذنة رابعة للمسجد عام 706هـ.

الحريق الثاني للمسجد النبوي(13 رمضان 886 هـ / 14 نوفمبر 1481 م)

وحدث حريق آخر للمسجد النبوي الشريف في 13 رمضان 886 هـ / 14 نوفمبر 1481 م، وذلك بسبب صاعقة رعدية أصابت هلال المنارة الجنوبية الشرقية من المسجد في يوم شديد المطر،حيث شقّت المنارة وتوفي إثرها رئيس المؤذنين الذي صعد تلك الليلة ليُهلل كعادة المسلمين في ذلك الوقت، وكان للصاعقة لهب أصاب السقف ما بين المنارة والقبة وسُرعان ما انتشرت النار على السقف بأكمله، ومات في ذلك الحريق 17 شخصًا، منهم الشيخ شمس الدين محمد بن المسكين، وفتح خُدّام المسجد أبوابه قبل وقته المعتاد ونادوا بالحريق، فتجمّع الناس وحضر أمير المدينة، وحاولوا محاصرة النار التي اتجهت نحو شمال وغرب المسجد، فقاموا بهدّ جزء من السقف ليحول ذلك دون انتشارها، لكنها كانت أسرع من أن تقف عند ذلك الحد، وكان في سطح المسجد أشخاص حاصرتهم النار ففروا باتجاه الشمال، منهم من نجا ومنهم من سقط في الحريق فهلك، وقد كتب عن هذا الحريق الإمام السمهودي، وهو أحد الذين نجوا منه بأعجوبة.

وأدى هذا الحريق إلى موت 17 شخصًا، منهم شمس الدين محمد بن المسكين، وعدد من خادمي المسجد ونائب خازن دار الحرم، وسقط نحو 120 سارية من سوارالمسجد، ودُمر السقف بشكل شبه كلي.

إعادة الإعمارالثاني للمسجد النبوي

حدث الحريق في عهد الدولة المملوكية عام 886هـ، وكانت تحت حكم السلطان الأشرف قايتباي، أُرسل إليه بما حدث للمسجد النبوي آنذاك، فأرسل الأموال والبنائين والعدة اللازمة لإعادة إعمار المسجد، والذي استمر ترميمه حتى عام 888هـ، وأضيفت لمساحته السابقة نحو 120م2 لتصبح مساحته الإجمالية 9,010 م2، وبارتفاع للجدران يصل إلى 11م، ووصل عدد أروقته إلى 18 رواقًا، وأُغلق عدد من الأبواب التي كانت ضمن توسعة الدولة العباسية، ليقتصر المسجد على 4 أبواب فقط، واستحدثت نوافذ وشرفات في الجزء العلوي للمسجد، وأُضيفت له مئذنة خامسة.

حريق المسجد الأقصى (21 أغسطس 1969م)

أحدثت هذه الجريمة المدبرة من قبل المتطرف اليهودي (مايكل دينس روهن) (1941 - 1995) فوضى عارمة في العالم، وفجرت ثورة غاضبة خاصة في العالم الإسلامي، وفي اليوم التالي للحريق أدى آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً على الحريق.

شب حريق ضخم في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى في الجناح الشرقي " للجامع القبْلي" في 21 أغسطس عام 1969، حيث التهمت النيران كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة.

حدث ذلك في يوم 8 جمادى الآخرة 1389هـ - 21 أغسطس 1969م حيث أقدم يهودي أسترالي الجنسية اسمه «دينس مايكل» جاء فلسطين باسم السياحة، أقدم على إشعال النار في الجامع القبْلي في المسجد الاقصى، واحترق منبر نور الدين محمود الذي صنعه ليضعه بالمسجد بعد تحريره ولكنه مات قبل ذلك ووضعه صلاح الدين الأيوبي، والذي كان يعتبر رمزاً في فلسطين للفتح والتحرير والنصر على الصليبيين.

كان لهذا العمل الذي مسّ مقدساً اسلامياً هو ثالث الحرمين ردة فعل كبيرة في العالم الإسلامي، وقامت المظاهرات في كل مكان، وكان من تداعيات هذه الجريمة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية, والتي استمرت حتى الآن.

إعمار الأقصى وإزالة آثار الحريق

تولت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق التي تعرض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبي، وبعد أن اكتمل ترميم مسجد الاقصى حصلت لجنة الإعمار على جائزة الأغاخان العالمية على عملهم في الترميم.

أضف تعليق