لعله أحد الأسرار المتعلقة بالميت، والتي تشغل الكثيرون ممن يسعون لبر موتاهم وتخفيف ظلمة القبر عنهم، ويبحثون عن كل ما يُحسن حال موتاهم في القبور وعند ربهم، لذا يلتمسون كل عمل صالح قد يصل إلى الميت، ومن أحد تلك الأمور ما روي بأنه إذا شهد للميت أربعين أو صلوا عليه الجنازة هل يدخل الجنة ؟.
وورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ مَاتَ لَهُ ابْنٌ بِعُسْفَانَ، أَوْ بِقُدَيْدٍ، فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ فَخَرَجَ فَإِذَا النَّاسُ قَدِ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلا لا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا شَفَّعَهُمُ اللَّهُ فِيهِ"، رواه مسلم، و هذا الحديث جاءت له روايات متعددة في هذا المعنى: منها رواية «لا يشركون بالله شيئاً» وجاء: «مائة رجل» بدلاً من 40 رجلاً وجاء: «صلى عليه أمة يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف»، واستشهاد العلماء بهذا الحديث على أنه إذا كان العدد قليلاً في صلاة الجنازة للإمام أن يقسمهم إلى صفوف ثلاثة، ولو كان الصف شخصين فقط، لتعدد الصفوف على رواية ثلاثة صفوف.
إذا شهد للميت أربعين ، ورد أن المقصود بـ«شفاعتهم» أي يخلصون له الدعاء، فيدعون له بالمغفرة، وبحسن الجزاء، بنية خالصة، وبقصدٍ طيب بأن الله سبحانه وتعالى يغفر له، وبعضهم يقول: يشفعون، أو يشهدون له بالثناء عليه خيراً، وورد،"بأن جنازةً مرت، فأثنوا خيراً، فقال صلى الله عليه وسلم: وجبت، وقيل: قالها ثلاث مرات، وجبت، وجبت، وجبت ومرت جنازة أخرى، فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت، وجبت، وجبت، فقال عمر: ما وجبت يا رسول الله؟! قال: وجبت الجنة بالثناء عليه، ووجبت النار بذمه، أنتم شهداء الله على خلقه".
إذا شهد للميت أربعين ، و تخصيص 40 رجلاً أو مائة ليس قاصراً للشفاعة، وبعض العلماء يقول: هذا عدد لا مفهوم له، أي ليس له مفهوم مخالفة، فلو جاء عدد مائة ونقص واحد أو عشرة وصاروا تسعين، لا نقول إن هذا يبطل العدد، وبعضهم يقول: إن تلك الحالات أجوبة عن أسئلة قد صدرت، بمعنى واحد يسأل: يقول: يا رسول الله! رجل صلى عليه أربعون رجلاً، أيشفعون فيه؟ قال: نعم، ثم جاء رجل آخر وقال: رجل صلى عليه مائة رجل يشفعون فيه؟ قال: نعم، يعني لم يكن ذلك ابتداءً وتحديداً من النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كانت أسئلة، والأسئلة مختلفة، تارةً يسأل عن أربعين، وتارةً يسأل عن أربعة، وتارةً يسأل عن مائة، وفي كلٌ يجيب: بنعم يشفعون فيه».