عقد مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، حلقة نقاشية بعنوان "آفاق تحول الطاقة في مصر: رؤية مؤسسات التمويل"، بمشاركة الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وعبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، والسفير الدكتور بدر عبد العاطي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية، وعدد كبير من ممثلي البنوك المصرية والأجنبية والمنظمات الدولية وشركات الطاقة والخبراء والأكاديميين.
وأكد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام عبد المحسن سلامة أهمية دور مؤسسات التمويل لحفز وتشجيع مشروعات تحول الطاقة في مصر، خاصة مع اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتطوير قطاع الطاقة في مصر باعتباره قاطرة للتنمية الشاملة، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.
وأشار سلامة إلى أن اهتمام مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بمشروع إصدار كتاب عن آفاق تحول الطاقة في مصر، يعكس إيمان مؤسسة الأهرام -وذراعها البحثي ممثلا في مركز الدراسات- بأهمية دعم جهود وسياسات الدولة المصرية في هذا القطاع المهم، بما في ذلك جهودها على صعيد مواجهة التغير المناخي، سواء على المستوى الوطني أو المستويين الإقليمي والدولي، معبرا عن ثقته التامة بأن هذا الكتاب سيمثل مرجعا مهما للمعنيين بدراسات الطاقة بشكل عام، وتحول الطاقة في مصر بشكل خاص.
ولفت رئيس مجلس إدارة الأهرام إلى ضرورة خلق حوار بين أكبر عدد ممكن من خبراء القطاعين العام والخاص وممثلي دوائر صنع القرار والبرلمان ومراكز الفكر ومؤسسات المجتمع المدني بهدف نشر الوعي العام بأهمية مشروعات تحول الطاقة في مصر وتعزيز مشاركة مختلف الشركاء والفاعلين ذوي الصلة بهذا التحول المهم والضروري.
بدورها، شددت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، على تنامي اهتمام مؤسسات التمويل الدولية بمساندة مشروعات تحول الطاقة في إطار الجهود العالمية المبذولة لمواجهة التغير المناخي. وقالت إن هناك توجها متزايدة من جانب هذه المؤسسات لتوفير التمويل الميسر لهذه المشروعات ليس فقط إلى الحكومات ، وإنما أيضا للقطاع الخاص.
وقالت الوزيرة إن مؤسسات التمويل الدولية، تعتبر مصر دولة رائدة في قيادة أجندة التعافي الأخضر بالمنطقة بفضل السياسات المطبقة في كافة المجالات، ووجود خطط واضحة للتوسع في المشروعات الصديقة للبيئة، ليصبح النموذج المصري مُلهمًا للدول الناشئة ودول التحول الاقتصادي الراغبة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر؛ مضيفةً: "نعمل بشكل حثيث مع شركائنا فيالتنمية على إبرام الاتفاقيات لتمويل جهود تعزيز التحول الأخضر في مصر". وأوضحت "أن المحفظة الجارية الحالية للوزارة تضممشروعات لتحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالعمل المناخي بقيمة 365 مليون دولار".
وأضافت أيضا أن الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، استطاعوا تنفيذ أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم في محطة بنبان، التي تضم ستة ملايين لوحة شمسية على مساحة 36 كم2، ونفذته أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميجاوات من الطاقة، ليكون قصة نجاح ملهمة أشادتبها جميع مؤسسات التمويل الدولية، باعتبارها خطوة مهمة نحو تعزيز إستراتيجية الطاقة المستدامة لمصر.
ونوهت إلى أن وزارة التعاون الدولي تستمر في حشد الجهود من خلال الشراكات الدولية لإتاحة مزيد من أدوات التمويل الأخضر للقطاع الخاص وآفاق واسعة للمشاركة في الجهود التنموية؛ استكمالا للنماذج الرائدةالتي بدأتها الدولة المصرية، فقد تم عقد اتفاقية بقيمة 114 مليون دولار لتدشين أكبر محطة طاقة شمسية للقطاع الخاص بأسوان بمشاركة شركاء التنمية من البنك الدولي لإعادة الاعمار والتنمية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية وبنك التنمية الإفريقي، وصندوق المناخ الأخضر، والبنك العربي، حيث ستضيف المحطة قدرات 200 ميجاوات وتزيد من حصة الطاقة المتجددة في مزيج توليد الطاقة في مصر، وتعزز مشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة المصري.
وقالت الوزيرة "إننا نسعى خلال العام الجاري لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في الجهود التنموية من خلال إبرام الشراكات الدولية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، لاسيما من خلال زيادة الوعي ونشر أدوات التمويل الأخضر لدفع التحول نحو الاقتصاد الأخضر في المشروعات القومية الكبرى مثل مشروعاتتطوير البنية التحتية لقطاع نقل مستدام وذكي، ومشروعات الموانئ البرية والجافة، والطاقة، ومشروعات تحلية المياه والتي تعد من أهم الملفات المطروحة حالياً، ويتم التفاوض حالياً مع مؤسسة التمويل الدولية والبنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية لتنفيذها وفقاً لنظام الشراكة بين القطاع العام والخاص".
وأضافت أن مؤسسة التمويل الدولية تقدر أن الوفاء بالتعهدات المناخية والتحول للاقتصاد الأخضر في دول مصر والأردن والمغرب يتطلب استثمارات ذكية بقيمة 265 مليار دولار حتى عام 2030، فهناك المزيد من الفرص المتاحة في الدول الثلاث التي يمكن أن تجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات في المباني الخضراء والنقل والسيارات الكهربائية والطاقة المتجددة وإعادة تدويرالمخلفات. وتقدر فرص العمل الجديدة التي يمكن خلقها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نتيجة الأنشطة الخضراء بإجمالي 4.2 مليون وظيفة جديدة.
وأوضحت أن العالم يتطلع إلينا ويضع جمهورية مصر العربية في مقدمة الدول الرائدة في التحول الأخضر في المنطقة، ومن هنا توجهت بالدعوة إلىالجميع وخاصة القطاع الخاص للتواصل والمشاركة الفعالة من أجل توحيد الرؤى والتغلب على أية تحديات وتعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة.
وقالت المشاط إن الدولة المصرية استهدفت زيادة الاستثمارات العامة الموجهة للمشروعات الخضراء من ١٥ في المائة في خطة العام المالي الحالي (20/2021)، إلى 30 في المائة في خطة العام المالي القادم (21/2022)، على أن تصل هذه النسبة إلى 100 في المائة بعد ثلاث سنوات، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن تستفيد مشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة من هذه الاستثمارات بشكل ملموس.
وبدوره، أكد الدكتور محمد فايز فرحات، مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، أن المركز حرص على مدار ثلاث حلقات نقاشية بدأت في شهر أغسطس الماضي على التعرف على رؤى ومقترحات مجتمع الأعمال ومؤسسات التمويل المحلية والدولية،وخبراء الطاقة والاقتصاد والقانون من أجل تسريع مشروعات تحول الطاقة في مصر.
ويأتي ذلك انطلاقا من دور المركز كذراع بحثية لمؤسسة الأهرام، وكمركز فكر، من أجل تطوير النقاش العام حول القضايا المهمة في إطار عملية التحول الاقتصادي والتنمية الشاملة التي تشهدها مصر، وعلى رأسها قطاع الطاقة الذي يشهد تحولات جوهرية في مصر. كما يأتي اهتمام المركز بقضية تحول الطاقة في إطار المراجعة المستمرة التي يجريها المركز لأجندته البحثية للتوافق مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية المهمة في مصر والعالم.
بدوره، قال الدكتور ريتشارد بروبست، مدير مكتب فريدريش ايبرت في القاهرة إن تحول الطاقة، على الرغم من ضرورته لكن له تكلفة ، والتحول من الطاقة غير المتجددة إلى الطاقة المتجددة له تكلفة، ولا يمكننا الدعوة إلى تحول بيئي دون إدراك العواقب الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا جاءت سلسلة مناقشات المائدة المستديرة التي نستضيفها مع شريكنا المهم مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية.
بينما أكد الدكتور أحمد قنديل، رئيس برنامج دراسات الطاقة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية على أن استطلاع رؤى مؤسسات التمويل المحلية والعالمية بشأن مشروعات تحول الطاقة في المستقبل تعكس إيمان وحرص مؤسسة الأهرام على دعم الدولة المصرية وعلى دعم جهود مواجهة التغير المناخي على المستويين الإقليمي والدولي. حيث هدفت هذه الحلقة إلى زيادة الوعي العام بشأن رؤية مؤسسات التمويل المختلفة، المحلية والدولية، لقضية تحول الطاقة في مصر، وآليات التمويل المختلفة لمشروعات تحول الطاقة، واقتراح التوصيات التي من شأنها المساهمة في خلق مناخ استثماري أكثر ملاءمة لمشروعات تحول الطاقة، سواء فيما يتعلق بالسياسات أو الأطر القانونية والتنظيمية الملائمة.
تأتي هذه الحلقة ضمن مشروع بحثي يجريه مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، حول آفاق تحول الطاقة في مصر، يتضمن تنظيم مجموعة من حلقات النقاش حتى نهاية العام الجاري لمناقشة الأفكار الواردة ضمن كتاب سوف يصدر بنهاية هذا العام، ويشارك فيه حوالي 15 خبير في الطاقة والاقتصاد والعلاقات الدولية والقانون، لمعرفة الفرص والتحديات المحيطة بهذا التحول من وجهات نظر مختلفة.
وناقشت حلقة النقاش الثالثة، محورين رئيسيين، تناول الأول رؤية مؤسسات التمويل المحلي لمشروعات تحول الطاقة في مصر. بينما ركز المحور الثاني على رؤية مؤسسات التمويل الدولي لهذه المشروعات.
شارك في أعمال الحلقة النقاشية كل من: د. حسن أبو طالب، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، السفير بدر عبد العاطي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية، د. مدحت نافع، الخبير الاقتصادي والنائب الأسبق لرئيس لجنة الاستدامة بالاتحاد العالمي للبورصات، حسين سليمان، الباحث ب مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أيمن حجازي، رئيس قطاع تمويل الشركات والبرامج التمويلية في البنك الأهلي المصري، د. ميسون علي، مدير أنظمة الاستدامة في البنك التجاري الدولي، المهندس أحمد كمال عبد المنعم، المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئي والتنمية المستدامة في اتحاد الصناعات المصرية، د. أحمد الجندي، الشريك المؤسس بشركة نكساس اناليتكا، المهندسة مروة مصطفى، من مؤسسة التمويل الدولية (عضو مجموعة البنك الدولي)، المهندس عماد حسن، مدير برنامج تمويل الاقتصاد الأخضر في البنك الأوروبي لإعادة التعميرEBRD، ميادة مجدي راغب، ممثل أول إقليمي لوكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا) مصر، ود. مهندس خالد العسكري من بنك التنمية الإفريقي.